تقارير

أميركا وإيران تتقاذفان التهديدات قبل ذكرى مقتل سليماني

جان ماري توما-

تتقاذف الولايات المتحدة وإيران التهم بشأن تصعيد التوترات في الخليج العربي. تتصاعد المخاوف بشأن الصراع المحتمل، قبل أيام من ذكرى مرور عام على اغتيال الولايات المتحدة لأقوى شخصيّة عسكرية إيرانيّة من جهّة، وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من تولي الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه من جهّة أخرى.

ناشدت إيران مجلس الأمن الدولي يوم الخميس، لمنع الولايات المتحدة من القيام بما وصفته بـ «المغامرة العسكرية المتزايدة» في الخليج وبحر عمان، بما في ذلك إرسال قاذفات نووية إلى المنطقة، معلنةً أنها لا تريد صراعًا لكنها ستدافع عن نفسها إذا لزم الأمر.

في غضون ذلك، قال مسؤول أميركي مطّلع على آخر المعلومات الاستخبارية لشبكة «سي أن أن» يوم الجمعة، إنّ بعض القوات البحرية الإيرانية في الخليج عزّزت مستويات استعدادها في الـ 48 ساعة الماضية. كما أنّ، في وقت سابق من هذا الأسبوع، صرّح مسؤولون دفاعيّون أن معلومات استخبارية جديدة، أظهرت أن إيران تنقل صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق.

النشاط العسكري المتسارع يقابله خطاب. هدّد قائد فيلق القدس  الإيراني يوم الجمعة، أنّ الانتقام من الجرائم الأميركية قد يأتي من «أشخاص من منزلك».

وفي المقابل، الرئيس دونالد ترامب، غرّد الأسبوع الماضي بأنه «سيحمّل إيران المسؤولية» في حال قُتِلَ أي أميركي.

طبول التهديدات تُقرع..
تضاعفت التهديدات، الرسائل العامة والمواقف العسكرية في الأيام التي سبقت الذكرى السنوية لاغتيال الجنرال قاسم سليماني في الثالث من يناير، وهو تاريخ يخشى المسؤولون الأميركيون من أن إيران قد تحدّده بالرد.

تأتي هذه المخاوف في الوقت الذي يتكهّن فيه بعض المحلّلين في واشنطن بأن ترامب قد يشعل صراعًا مع إيران، لصرف الانتباه عن محاولاته الفاشلة التي لا أساس لها، لقلب خسارته الانتخابية وتعقيد خطط خليفته جو بايدن في المنطقة. قال خبير الشؤون الدولية والأستاذ في الكلية الحربية البحرية الأميركية، توم نيكولز: «إنني قلق حقًا من أن ترامب قد يفكر في إقحام الرئيس المنتخب بايدن بنوع من العمليات العسكرية، أثناء خروجه من الباب».
يوم الخميس الماضي، اتّهم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، ترامب بخلق ذريعة للحرب.
كل هذا يحدث بينما يستعدّ بايدن لسن سياساته الخاصة بعد تنصيبه في 20 يناير. يريد الرئيس المنتخب تخفيف حملة ترامب «للضغط الأقصى» على طهران، واستئناف الانخراط والعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، أي جميع الخطوات التي تعارضها إدارة ترامب. ويقول بعض المحلّلين، إذا قامت إيران بتنفيذ أي نوع من الهجوم، سيتم معايرته بعناية.

وشرح المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي ومحلل «سي إن إن»، سام فينوغراد، أن «إيران تمثّل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي للولايات المتحدة، لا سيما خلال هذه الفترة التي تزداد فيها المخاطر بسبب الذكرى المقبلة لاغتيال سليماني». ولكنّه يعتقد «أنّ إيران ستعمل على ضبط أي هجوم مرتبط بهذه الذكرى، لأنها لا تريد أن تحاصر نفسها قبل تولي بايدن السلطة، واستئناف المفاوضات النووية التي من شأنها أن تؤدي إلى رفع العقوبات».

أعلنت القيادة المركزية الأميركيّة، الأسبوع الماضي، أنه تمّ تنفيذ هجومًا على المنطقة الدولية في بغداد بالقرب من السفارة الأميركية «قامت به بشكل شبه مؤكد جماعة متمردة تدعمها إيران».
كما أعلن سفير روسيا في الرابطة الدولية للطاقة الذرية، يوم الجمعة، أنّ إيران ستزيد تخصيب اليورانيوم إلى المستويات التي حقّقتها قبل الاتفاق النووي لعام 2015 – وهي خطوة من المرجح أن يُنظر إليها على أنها استفزاز آخر.
مع اقتراب 3 يناير، أشار فينوغراد، إلى «هناك الكثير من قعقعة السيوف».

تعهّد خليفة سليماني، الجنرال إسماعيل قاآني، يوم الجمعة بأنّ «أولئك الذين شاركوا في عملية الاغتيال لن يكونوا بأمان على الأرض. هذا مؤكد». وصرّح أمام الجمهور المتجمّع لحضور حفل إحياء ذكرى وفاة سليماني أن «ما رأوه حتى الآن كان مجرّد جزء من الانتقام، لكن عليهم الانتظار للانتقام الصعب. ستحدّد جبهة المقاومة العزيزة الزمان والمكان».
ووصف قاآني ترامب بأنه «رجل أحمق» تحت سيطرة إسرائيل والسعودية.

ترامب لا يريد المغادرة بهدوء
قال نيكولز لشبكة «سي أن أن» إن التوترات تتصاعد في وقت طرد فيه ترامب كبار القادة المدنيّين في البنتاغون، واستبدلهم بمسؤولين بالوكالة «لا يتبعون أي شخص سوى دونالد ترامب».
أشار نيكولز أيضًا إلى شكاوى قدمها بايدن وفريقه، للأمن القومي، تشير إلى أنّ فريق البنتاغون الانتقالي لا يطلعهم بشكل كافٍ على الملفّات، بما في ذلك وضع القوات الأميركية في الخارج والتهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة.
وأكمل نيكولز «لا توجد شفافية والسبب ببساطة أنّه لا نملك طريقة لمعرفة ما الذي سيفعله الرئيس، أعتقد أن هذا يجب أن يثير بعض المخاوف».

ومن جهّته، أثار فينوغراد قلقًا آخر، حيث كشف لشبكة »سي أن أن»، «لقد قام ترامب وأعضاء فريقه بتلفيق أو تحريف معلومات استخباراتية، حول إيران، لتناسب أهدافًا شخصية أو سياسية. وليس سرًا أن ضرب إيران كان على قائمة الرئيس ترامب لبعض الوقت، وفي غضون 18 يومًا، قد يرغب في الخروج بضجة كبيرة».

رسالة إيران إلى الأمم المتحدة
ناشدت إيران، الأمين العام للأمم المتحدة، يوم الخميس للمساعدة في تخفيف التوترات، وطالبت الولايات المتحدة بالالتزام بالقانون الدولي ووقف «زعزعة الاستقرار» في «منطقة مضطربة مثل الخليج الفارسي». كما أشارت رسالة سفير إيران لدى الأمم المتحدة، إلى أنّ الولايات المتحدة ترسل أسلحة متطورة إلى المنطقة.

تمتلك الولايات المتحدة حاليًا العديد من السفن الحربية السطحية في الخليج الفارسي قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك وينتشر ما بين 40 إلى 50 ألف جندي أميركي في جميع أنحاء المنطقة، على الرغم من أن العديد منهم ليسوا في أدوار قتالية مباشرة، وفقًا للبنتاغون.

وجاء في الرسالة الإيرانية: «إيران لا تسعى إلى الصراع ، ولكن لا يجب الإستهانة بقدرتنا وتصميمنا الحازم على حماية شعبنا والدفاع عن أمننا، سيادتنا، وحدة أراضينا ومصالحنا الحيوية، وكذلك الرد بحزم على أي تهديد أو استخدام للقوة».

وأكّد المسؤول الأمريكي المطلع بشكل مباشر على أحدث المعلومات الاستخبارتيّة، أن بعض القوات البحرية الإيرانية في الخليج العربي رفعت مستويات استعدادها في الـ 48 ساعة الماضية، مضيفًا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت التحركات دفاعية أم أنها إشارات على هجوم معلّق ضد المصالح الأميركيّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى