حظر الإقامة والعمل لأساتذة فرنسيين في جامعات تركيا
على خلفية التوتر السياسي بين أنقرة وباريس

ترجمة أنديرا مطر-
أرخى التوتر السياسي بين تركيا وفرنسا بتداعياته على وضع الأساتذة الفرنسيين في الجامعات التركية الذين يواجهون صعوبات في تجديد تصاريح العمل ويتم تهديدهم بالشرطة التركية في حال حضورهم الى الجامعة، بحسب تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية
ويشرح أساتذة فرنسيون في جامعة غلطة سراي أن التعقيدات بدأت مع بداية العام الدراسي 2020، حين طلبت منهم إدارة الجامعة، ومن دون أن توضح السبب، التقدم لامتحان اللغة التركية. علما ان الطلب صدر من مجلس التعليم العالي (YOK)، وهو مؤسسة تخضع مباشرة للرئيس رجب طيب أردوغان.
وفي ديسمبر الفائت، عرقلت السلطات لتركية تجديد تصريح العمل للاساتذة الفرنسيين البالغ عددهم 27 وأعلموا بطريقة غير مباشرة أن التصريح سيمنح لمن يجيد التركية فقط.
وفق هذا الشرط اصبح معظم الاساتذة من دون رخصة عمل، ما يعني أن إقامتهم غير قانونية ومعرضين للطرد في أي وقت. الى جانب عدد من الامور الأساسية لا يستطيعون القيام بها جراء حرمانهم من رقم إقامة مثل ن فتح حساب مصرفي واستخدام وسائل النقل، والتسوق في المراكز الكبرى.
فصل ثان صعب
بسبب وباء كورونا عقدت دروس الفصل الاول عبر الإنترنت. ولكن مع بدء الفصل الدراسي الثاني. سيحظر على الاساتذة الفرنسيين التدريس حضوريا أو إجراء الاختبارات. ويقول أحدهم «أبلغتنا إدارة الجامعة أن الشرطة ستكون لنا بالمرصاد في حال حضورنا الى الجامعة».
شرطة وقناصة
والواقع ان وجود الشرطة في حرم الجامعات التركية أصبح أمراً اعتياديا، وخصوصاً في جامعة البوسفور (بوغازيتشي) في اسطنبول، حيث انتشرت بأعداد كبيرة في الأسابيع الأخيرة. كما شوهد القناصة في مواقعهم على أسطح المباني لمواجهة احتجاجات الطلاب المعترضين على تعيين عميد جديد للجامعة بصورة غير ديمقراطية.
اجراءات انتقامية
وفق الخبير الاقتصادي والأستاذ الفخري في جامعة غلطة سراي أحمد أنسيل ما يجري بحق الأكاديميين الفرنسيين هو جزء من الحرب الثقافية التي ينتهجها المحافظون الإسلاميون علناً منذ عقد ونيف. بالنسبة أردوغان وأنصاره، يجب ان تكون المؤسسات التعليمية مثل بوغازيتشي (الأنغلوفونية) وغلطة سراي (فرنكوفونية) متطابقة مع المعايير المحلية.
كضحايا جانبية لحرب ثقافية تتجاوزهم، يشعر الأكاديميون الفرنسيون في الجامعات التركية بأنهم «بيادق» تم رميهم تحت رحمة التوترات الدبلوماسية بين باريس وأنقرة.
في الواقع، هذه الإجراءات الانتقامية من قبل السلطات التركية تأتي رداً على برنامج الرئيس إيمانويل ماكرون لاصلاح تدريس اللغة والثقافة الأصليين كجزء من حربه على الطائفية.
وفي إطار الحرب على الإسلام المتطرف، قررت فرنسا أيضًا إنهاء ممارسة الأئمة المنتدبين من بلدانهم الأصلية. وشمل هذا الاجراء 150 إماماً تركياً على الأراضي الفرنسية. الأمر الذي أحبط استراتيجية أردوغان بالسيطرة على الشتات التركي فصمم على الإنتقام. وبينما أعطت السلطات الفرنسية الموظفين الأتراك مهلة للتكيّف مع الإصلاحات الجديدة، لجأت السلطات التركية الى الأساليب التعسفية.
الأساتذة الفرنسيون في غلطة سراي لا يعرفون إلى أي طريق يتجهون. اجتماعهم بالسفير الفرنسي في اسطنبول هيرفيه ماغرو يوم الاثنين 15 فبراير لم يطمئنهم. من جانبهم، يشعر الدبلوماسيون الفرنسيون بالحيرة. فحين يواجهون محاورويهم الأتراك بقانون تأسيس غلطة سراي، الموقع في 1992 بين الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، ونظيره التركي تورغوت أوزال، يجيبهم الأتراك «عفا عليه الزمن».