الشرق الأوسط

طهران وواشنطن.. نَفَس تصالحي يواكب المناوشات

مصدر لـ القبس: ظريف طلب من خامنئي تجميد مغادرة «البروتوكول الإضافي»

محرر الشؤون الدولية

نافذة إنقاذ الاتفاق النووي الحالي تضيق مع استمرار المناوشات الدبلوماسية بين إيران والغرب، لكنها لن تقفل، فيما يمكن أن يحسم صراع القوى داخل إيران بين المؤيدين له والمعارضين مصير ذلك الاتفاق قريباً.

فتاريخ 21 فبراير مضى دون أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران، وبدءاً من غد، قد تبدأ طهران – كما أعلنت سابقاً – وقف التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاق النووي، الذي سيقيّد بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي اختتم مديرها رافايل غروسي، أمس، زيارة إلى طهران، التقى خلالها مسؤولين، منهم رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، في محاولة لإيجاد حل يمكّن الوكالة الدولية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران.

لكن الأجواء شهدت مرونة وتفاؤلاً، حيث قال ممثل إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي إن بلاده والوكالة أجرتا حواراً مثمراً خلال اللقاء الذي جمع صالحي وغروسي. ونشر أبادي صورتين من الاجتماع.

كذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الإجراء الأخير الذي اتخذه مجلس الشورى الإسلامي «ليس موعداً نهائياً للعالم وليس إنذاراً»، مستدركاً: «تقليص التزامات إيران سيكون قابلاً للتراجع بمجرد عودة الغربيين إلى الوفاء بالتزاماتهم الكاملة… ستكون هناك مفاوضات جديدة فقط عندما يتم رفع الحظر عنا وتغير أميركا سلوكها تجاهنا ويفي جميع الموقّعين على الاتفاق بالتزاماتهم».

لكن ظريف طالب واشنطن بالإجراء «العملي» وعدم الاكتفاء بالكلام. وقال: «إنهاء عمليات التفتيش المفاجئ للوكالة الدولية لا ينتهك الاتفاق النووي… ليس لدينا ما نخفيه، ولا نسعى لتطوير أسلحة نووية، وهذا موقفنا النهائي».

ومبرراً تراجع إيران عن بعض الالتزامات، قال رئيس الدبلوماسية الإيرانية: «الأطراف الأوروبية والأميركية لم تف بالتزاماتها في الاتفاق النووي، لذلك خفّضت إيران مستوى التزاماتها تجاه الاتفاق».

رسالة إلى صاحب القرار

إلى ذلك، علمت القبس من مصدر مطلع في إيران أن ظريف بعث رسالة جديدة إلى المرشد علي خامنئي، لتجميد قرار البرلمان الأخير، وطالبه فيها بأن يتدخل شخصياً لـ«تجميد قانون العمل الإستراتيجي ضد العقوبات الأميركية» الذي اعتبر أن تطبيقه سيكون ضاراً بالبلاد ومن الأفضل إيقافه فوراً.

ويتعرّض ظريف لضغوط شديدة من قبل الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، لإلزام إيران بعدم خفض التزاماتها، بينما القرار النهائي في البرنامج النووي الايراني بيد المرشد، وليس الحكومة. ووقف العمل بالبروتوكول الإضافي سيدفع الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق إلى توحيد قرارتها مع الولايات المتحدة ضد برنامج إيران النووي.

ووفقاً لـ «قانون العمل الإستراتيجي ضد العقوبات الأميركية» ستكون حكومة الرئيس حسن روحاني ملزمة بعد 23 الجاري بتنفيذ 9 خطوات تصعيدية تخص التزاماتها النووية، وقد يؤدي هذا القانون حال تطبيقه إلى انهيار الاتفاق النووي.

ودأب الدبلوماسيون الإيرانيون على تحذير إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأن «الوقت ينفد»، في إشارة إلى احتمال قدوم رئيس متشدد يرفض التفاوض، حيث لا يستطيع الرئيس الحالي حسن روحاني، المعتدل و«بطل اتفاق 2015»، الترشح مرة أخرى، للانتخابات الرئاسية في يونيو، بعد فترتين في المنصب، ويأمل المحافظون المعارضون للاتفاق، والمهيمنون بالفعل على البرلمان، في استبدال شخصية من معسكرهم به.

كما أن الوضع في إيران ينطوي على ديناميكية سياسية أكثر تعقيدا من الولايات المتحدة، ويرجع ذلك إلى كيفية تحول الرأي العام الإيراني إلى حد كبير ضد النظام منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية عام 2018، ويعد المرشد الأعلى علي خامنئي صاحب الكلمة الأخيرة وغالبا ما تُعتبر آراؤه قريبة من آراء الفصيل المتشدد.

ويمكن أن يكون فهم حسابات خامنئي مهما في التنبؤ بما قد يحدث في الأشهر المقبلة. ويحتاج روحاني إلى دعم المرشد، الذي لا يمكن أن يأتي إلا إذا اتخذت الولايات المتحدة الخطوة الأولى ورفعت العقوبات، وهي خطوة مهمة بالنسبة لخامنئي لحشد الناخبين.

تخفيف العقوبات؟

أميركياً، شدد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان خلال حديث لشبكة «سي إن إن» أن بلاده «مستعدة للتوصّل إلى اتفاق ملزم مع إيران إذا امتثلت الأخيرة لالتزاماتها في الاتفاق النووي»، لافتاً إلى أن «أحد المخاوف الآن أنّ إيران تهدد مسبقاً بالتخلّي أكثر عن التزاماتها، ورفضت التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان عدم استخدام برنامجها النووي لأغراض صناعة الأسلحة».

بدورها، أفادت صحيفة التايمز بأن إدارة بايدن تدرس إمكان تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، في مسعى «لإعادة إحياء» الاتفاق. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع في جهاز الأمن القومي الأميركي أن «تخفيف العقوبات في الطريق بالتأكيد، ليس اليوم أو غداً، لكنه في الطريق».

وفي وقت سابق، ذكرت «بلومبيرغ» أن إدارة بايدن تدرس خيارات عدة حول كيفية تخفيف الوضع المالي لإيران، دون رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى