آراء أجنبيةالشرق الأوسط

صقور إيران والكيان الصهيوني: جهود بايدن لإحياء «النووي» يجب أن لا تنجح

الوقت ينفد أمام بايدن مع اقتراب الانتخابات في كلا البلدين وسعي المتشددين المعارضين للاتفاق إلى الفوز

ولاء عايش- 

لطالما تبنى دافيد بن غوريون رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق في خمسينات القرن الماضي سياسة عدو عدوي صديقي، فبنى على أساسها العلاقات مع إيران وتعاون الطرفان في أكثر من جهة.
أمنياً نسقت أجهزة المخابرات التابعة لهما معاً لمساعدة أكراد العراق في صراعهم ضد النظام في الستينات. تجارياً أسسا شركات للطاقة في بنما وسويسرا، وفي نهاية السبعينيات اشتركا في تطوير بعض الأسلحة.
هكذا هي العلاقة بين طهران وتل أبيبن لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة أيضاً، فبعد أن اعتبر الاحتلال إيران صديق جيواستراتيجي، تحولت فيما بعد إلى تهديد دولي. وأصبحت علاقتهما تشبه تمامًا رقعة الشطرنج لا يريد أحدهما إنهاء اللعبة.

أعداء.. ولكن
حتى اليوم لا تزال العلاقة بين تل أبيب وطهران معقدة، يصعب تصنيفها في خانة العداء فقط، أو التعاون الخفي الدائم، فهي علاقة أنداد يلعب فيها كل طرف على تناقضات السياسة الإقليمية والدولية، فيستفيد كل منهما من الآخر وقت الحاجة، ويناور أحدهما الآخر أحيانا ليصبح قوة إقليمية ودولية.
صحيفة الغارديان أوضحت في مقال للكاتب سيمون تيسدال أنه رغم العداء الواضح بين الطرفين إلا أنهما يشتركان في نقاط عدة. فكلاهما قوى إقليمية تسعى إلى تغيير سياسات الولايات المتحدة وحماية مصالحهما خارج حدودهما. الاثنان يملكان برامج نووية سرية ويسعيان إلى تطويرها. حتى أنهما مقدمان على عقد انتخابات وطنية حاسمة من شأنها أن تقرر انهاء الحرب الباردة أو بدء المواجهة.
والأيام القادمة أكدت ستكون أكثر حسماً وفق إيران، حيث أعلنت أنها ستمنع عمليات التفتيش المفاجئة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم تلتزم الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي لعام 2015 بالتزاماتها. وقد يكون هذا بمثابة نهاية اتفاق 2015، ذلك الذي تفاوض عليه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والدول الأوروبية، والذي انهار ببطء منذ أن تراجع دونالد ترامب عنه في عام 2018. واليوم يحاول الرئيس جو بايدن أن يعيد إصلاح ما خلفه ترامب، وينتظر الجميع أن يتخذ أحدهم الخطوة الأولى.

تصاعد الأزمة

خلال الأيام القليلة الماضية، تصاعدت الأزمة الدبلوماسية بين أوروبا وقطر اللتان تعملان كوسطاء لإنجاح الاتفاق النووي. فالدوحة تعلم أنه بحكم العامل الجغرافي مع إيران، فإن أي تصعيد ستكون عواقبه وخيمة وسيؤثر على أمن المنطقة. لذا تحث على الحوار والتفاهم بدلاً من المواجهة والعنف لتحقيق التوازن والتنمية.
أوروبا بدورها دعت واشنطن إلى العودة للاتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. إلا أن ذلك لم ينجح فالطريق إلى مفاوضات جديدة لا يزال محفوفًا بالتحديات ويختلف الجميع حول نقطة البداية. فإيران متمسكة بموقفها السابق القاضي بضرورة رفع جميع العقوبات قبل بدء المحادثات.
قد لا تكون هذه الكلمة الأخيرة، لكن الوضع مقلق. لا سيما أن مرشحي الانتخابات المقبلة في إيران يرفضون أي نوع من التقارب مع أميركا، من بينهم المرشح الرئاسي البارز حسين دهقان الذي يتهم بايدن بسوء النية ويقول للغارديان:«ما زلنا نرى نفس السياسات، كما فعل فريق ترامب لم ترفع العقوبات القمعية ضد الشعب الإيراني». وتعكس هذه الشكوك خوف البلاد من طعنة أخرى في الظهر على غرار ما فعل ترامب.
في الجانب الآخر، لا يزال بنيامين نتانياهو رئيس وزراء الاحتلال يقاتل من أجل رفض العودة إلى الاتفاق النووي. ولصقور الاحتلال الكثير من المؤيدين في واشنطن. المحافظ الجديد المخضرم إليوت أبرامز واحد منهم إذ يحث الأخير على تنفيذ سياسة ردع متشددة لإخضاع إيران.
وفيما يخص روبرت مالي كانت هناك معارضة شرسة بسبب تعيينه مبعوث واشنطن إلى إيران. الدبلوماسي الأميركي المحترف تعرض لانتقادات من شخصيات يمينية صهيونية.
في سياق العقبات الإضافية التي تعترض التقدم في إحياء الاتفاق النووي، رغبة واشنطن في توسيع المفاوضات المستقبلية لتشمل الصواريخ الباليستية الإيرانية، والوجود العسكري في سوريا، ودعم ميليشيات في لبنان وأماكن أخرى.
ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن الصين وروسيا ستطالبان بطريقة غير مفيدة بأن يكون لها رأي.
أمام هذا كله اختتم تيسدال مقاله في الغارديان قائلاً، إن سياسة الضغط الأقصى لترامب فشلت في إخضاع إيران ولم تخفف من التوترات الإقليمية، بل زادت الاغتيالات وأضرت بالإيرانيين دون إسقاط النظام أو تغيير سلوكه وبات أقرب إلى امتلاك سلاح نووي مما كان عليه في 2016.
لذا على بايدن أن يتبع نهجاً صحيحاً للتعامل مع هذه الأزمة وربما يجب أن يخفف من العقوبات المفروضة. فصنع السلام هو السبيل الوحيد لوقف تقدم دعاة الحرب في إيران والكيان الصهيوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى