بوتين يصارع من أجل تسويق «سبوتنيك V» دولياً

علي حمدان –
في ضوء التنافس الدولي على إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا، إتهمت روسيا الغرب بإيذاءها ومحاولة تقويض إنجازها للقاح «سبوتنيك V» وسعيها لتسويقه في دول العالم.
«نتفهم اللعبة جيداً، ثمة نوع من سوء الفهم والتحيز بالإضافة الى مساعٍ قوية وجدية للتضييق على اللقاح الروسي»، يقول كيريل ديميترييف، المدير التنفيذي لمؤسسة روسيا المانحة التي رعت عملية تطوير اللقاح وتتولى المفاوضات الدولية الجارية لتسويقه.
ما تواجهه روسيا مشابه لما تتعرض له الصين التي تصارع بدورها لتؤكد للدول نجاعة وسلامة لقاحها، إلا أن إصطدام ما يصفه بوتين بـ «انتصاره العلمي» بالواقع الدولي وتبدد آماله بفوز جيو-سياسي بناء عليه كان معاكساً للتوقعات، فالرئيس الروسي الذي دأب على الإتصال بقادة العالم منذ أغسطس الماضي، شهر الإعلان عن «سبوتنيك V» اللقاح الأول المضاد للفيروس التاجي عالمياً، تفاجأ بعدم تجاوب تلك الدول مع طعم موسكو سريعاً وموافقتها في المقابل على لقاحات أميركية وأوروبية تم إخضاعها لتجارب أشمل دون تردد، بحسب ما أوردته بلومبيرغ.
سباق عالمي
سعي روسيا لتسويق لقاح «سبوتنيك V» يعيد الى الأذهان السباق نحو غزو الفضاء خلال حقبة الحرب الباردة حين أرسل الإتحاد السوفياتي «سبوتنيك»، سَميّ اللقاح، وأول قمر صناعي في العالم، لتعقبه الولايات المتحدة الأميركية.
وزارة الخارجية الروسية بدورها اعتبرت أن الصعوبات التي يواجهها اللقاح الروسي سببها تحيز العالم لدول معينة، واصفة المرحلة الأخيرة من الترويج للطعم بمرحلة الحرب الإعلامية المضللة ضد موسكو.
في الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري قامت بيلاروسيا بالموافقة على اعتماد اللقاح الروسي المضاد لكورونا، لتكون بذلك الدولة الأولى المستوردة لـ «سبوتنيك V»، تلتها الأرجنتين بعد يومين، بينما فضلت كل من الهند والبرازيل وغيرها من الأسواق الضخمة بالتريث ريثما يثبت اللقاح فعاليته وعدم تسببه بأعراض جانبية خطيرة.
«تقوم روسيا بآستخدام لقاحها كأداة من أدوات قوتها الناعمة في سباق دولي محموم بين القوميات، لكن اليد العليا تبقى للعلم ولضمان لقاح فعال وآمن»، يقول جون مور، باحث في شؤون اللقاحات في كلية ويل كورنيل الطبية في نيويورك.
في السابع عشر من ديسمبر الماضي أعلن بوتين، البالغ من العمر 68 عاماً عدم تجرعه للقاح بلاده بآنتظار الأبحاث الضامنة لعدم تأثيره على أبناء جيله، مما أربك السلطات الأرجنتينية التي كانت في صدد المباشرة في تقديم «سبوتنيك V» لسكانها لا سيما المسنين، ليعلن الناطق بإسم الكرملين منذ أيام عن عزم القيصر تلقي اللقاح بعد أن أثبتت التجارب والأبحاث صلاحيته للفئات الأكبر سناً.
غياب الثقة
نقاد اللقاح الروسي يرون بأن مسارعة موسكو الى إعلانها عن «سبوتنيك V» قبل نشر لجنة مطوّريه العلمية لتقارير مفصلة عنه وقبل إجراء ما يكفي من تجارب قلل من ثقة المجتمع الدولي والعامة به، في حين وصف وزير خارجية واشنطن مايك بومبيو الخطوة بالغير-ناضجة، معرباً عن شكوكه حيال لقاح بوتين.
في المقابل تدحض السلطات الروسية الإدعاءات المذكورة واضعة إياها في إطار المنافسة الغير شريفة بالرغم من إستطلاعات الرأي التي أظهرت عدم ثقة المواطنين الروس أنفسهم بسلامة ونجاعة لقاح الكرملين.
في هذا الوقت تقدم بعض دول إفريقيا، كغينيا، على إستيراد اللقاح الروسي، كما وقّع الرئيس البوليفي عقد شراء أكثر من خمسة ملايين جرعة قبل أيام، بالإضافة الى صربيا التي تسلمت الدفعة الأولى من الجرعات هذا الأسبوع.
«نقوم بالتركيز على التعامل مع أسواق آسيا، الشرق الأوسط، إفريقيا وأميركا اللاتينية حيث السياسة السويّة»، يقول ديميترييف، كاشفاً عن توجه فنزويلا للتعامل مع موسكو من أجل تلقيح مواطنيها.
لقد تسببت روسيا بآنعدام ثقة الدول بلقاحها جراء أداءها المتسرع في تطويره وتجربته وإطلاقه، بالرغم من ذلك، قد نشهد في المستقبل إقبالاً دولياً على «سبوتنيك V» بعد إثباته لنجاعته وفعاليته مع الوقت، بحسب تعبير أنطوني ماكدونيل، مستشار وزارة الصحة العامة البريطانية السابق والذي يشغل حالياً منصباً رفيعاً قي مركز واشنطن البحثي للتطور العالمي.