
محرر الشؤون الدولية
افتتح عام 2021 بالتفاؤل الحذر حيال ما يشهده العالم من جائحة صحية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد وسلالاته الأسرع انتشاراً. وتم ربط هذا التفاؤل بتصرفات الافراد حول العالم.
منظمة الصحة العالمية أعلنت أن هناك بوادر للانتصار على فيروس كورونا خلال عام 2021، شريطة التزام الناس بإجراءات النظافة والسلامة.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة العالمية مارغريت هاريس: «من المهم الحفاظ على أعداد منخفضة للعدوى أثناء عملية التطعيم، لكن هذا يعتمد على سلوك الناس، والإحساس بالمسؤولية تجاه خطر الفيروس».
واللقاح لا يكون فعّالاً إلا إذا انخفضت معدلات العدوى، وحينها يمكن القول إن الإنسان قد انتصر على الوباء، وفقاً للمتحدثة باسم المنظمة العالمية.
عصر جديد
وباء كورونا غيّر شكل العالم خلال العام المنصرم من الناحيتين السياسية والاقتصادية، معيداً تشكيل النظام العالمي بعد أن دمر حياة الناس وعطل اقتصادات، وغير نتائج انتخابات، وهو حتماً سيؤدي إلى تحولات دائمة في العلاقات الدولية.
وشرح 12 خبيراً في مختلف المجالات من جميع أنحاء العالم لمجلة فورين بوليسي كيف سيصبح العالم بعد انتهاء الوباء.
تعاف من دون قيادة
جون ألين رئيس معهد بروكينغز قال إن قلة قليلة من العالم ستخرج فائزة من هذه الأزمة، لأن المرض كان خارج السيطرة وفشلت معظم البلدان في ممارسة الانضباط الذاتي والمجتمعي. فقد أصبح الوباء سريعاً أحد الضغوط على النظام الدولي الهش بالفعل، وكشف نقاط ضعفه، مثل سوء تجهيز أنظمة الصحة العالمية، وبدلاً من أن تقوم دول العالم ببناء تحالف عالمي متجدد لمكافحة هذا المرض المروع، اعتمدت العديد من البلدان بدلاً من ذلك على سياسات انعزالية.
وقال ألين: «في حين أن العلم سينقذنا في النهاية، فليس هناك أمل في اتخاذ إجراءات منسقة ضد المرض، وسيكون التعافي النهائي من دون قيادة».
تغير العولمة
لوري غاريت الباحثة في مجال العلوم أكدت أنه نظراً للتأخيرات الحتمية في طرح اللقاحات، فلن يختفي فيروس كورونا قريباً، مضيفة أن هذا هو السبب في أن الوباء سيستمر بسرعة في تغيير المناظر الطبيعية للعولمة والتصنيع. ويتوقع أكثر من ربع الرؤساء التنفيذيين في منظمة Fortune 500 أن القوى العاملة لديهم لن تستعيد أحجامها قبل انتشار الوباء. ويقول ثمانية من كل 10 إن القومية ستصبح قوة مهيمنة في البلدان التي يعملون فيها، ما يؤثر على سلاسل التوريد وقرارات تحديد المواقع والمناخ التنظيمي.
كما أن معظمهم مقتنعون بأن التحول الأسرع إلى الروبوتات والذكاء الاصطناعي سيساعد في عزلهم ضد أمراض القوى العاملة في المستقبل والصدمات الوبائية، وأضافت غاريت أن الشركات والحكومات ستبتعد عن العلاقات الطويلة الأمد والصفقات التجارية التي دعمت العولمة نحو التزامات أقل استقراراً يمكن تقديمها – وكسرها – في استجابة سريعة لتفشي المرض في المستقبل.
الكفاءة الآسيوية
بينما قال كيشور محبوباني زميل في معهد أبحاث آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية إن أرقام الإصابات والوفيات في آسيا أقل بكثير مقارنة بأوروبا وأميركا، وأرجع ذلك لانتقال الكفاءة من الغرب إلى الشرق. وأضاف أن المجتمعات الغربية عرفت ذات يوم باحترامها للعلم والعقلانية وهو ما لم يعد موجوداً، مضيفاً «عندما يبحث مؤرخو المستقبل عن بداية القرن الآسيوي، فقد يشيرون إلى أن وباء كوفيد – 19 كان اللحظة التي عادت فيها الكفاءة الآسيوية إلى الظهور بقوة».
وقال شانون ك.أونيل زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية إن المرحلة التالية من العولمة لن تتشكل من خلال التجارة أو الاستثمار أو انتشار الفيروسات، ولكن من خلال الجغرافيا السياسية والنشاط الحكومي.
انتعاش الاقتصادات الحرة
بدوره، قال كوري شاك مدير دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أميركان إنتربرايز إن التغييرات الأكثر أهمية ستكون اقتصادية، وأضاف أنه ستكون هناك حالة من عدم المساواة، لأن أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية واحتياطيات رأس المال والوظائف التي يمكن القيام بها عن بعد هم أكثر حظاً. وأضاف أنه ستتم إعادة تأميم سلاسل التوريد أو على الأقل ستؤدي تجربة الانقطاع الشديد للشركات إلى إنشاء قدرة احتياطية وإعادة التفكير في قرارات تحديد الموقع، وسينخفض الطلب على المواد الخام مع توقف الاقتصادات.
الإغلاق سيف ذو حدين
وفي وقت تسعى الحكومات إلى تخطي الأزمة الصحية بأقل الخسائر، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن إجراءات عزل عام أكثر صرامة قد تُطبق قريباً مع استمرار ارتفاع الإصابات بمرض كوفيد – 19، لكن المدارس آمنة، ويتعين على التلاميذ الحضور.
وبلغت حالات الإصابة بكوفيد – 19 مستويات قياسية وآخذة في الزيادة في بريطانيا منذ ظهور سلالة جديدة من الفيروس أكثر قدرة على الانتشار. وأجبر ذلك الحكومة بالفعل على إلغاء خططها لفتح المدارس في لندن والمناطق المحيطة بها وسط دعوات من نقابات المدرسين لإغلاق أوسع نطاقاً.
وتخضع أغلبية مناطق إنكلترا بالفعل لأكثر القيود صرامة في إطار نظام من أربعة مستويات، في حين دعا خبراء صحة إلى تفعيل القيود من المستوى الخامس، وهي الأشد صرامة.
وفي هذا الخصوص، قال جونسون: «من الواضح أن هناك نطاقا كبيرا من الإجراءات الأكثر صرامة التي تتعين علينا دراستها… لن أتكهن الآن بما ستكون عليه».
في المقابل، حذّر عالم ألماني من أن الإغلاقات الجزئية بسبب جائحة كورونا قد تؤدي إلى انفجار في تفشي الحالات.
وقال الأستاذ الزائر بجامعة الإسراء في الأردن والأستاذ السابق بجامعة أولم الألمانية أندريه سومر إن سبب ذلك يعود إلى وجود أشخاص أكثر في أماكن أقل في وقت أقل، ما يسمح بتفشي فيروس كورونا بشكل أكبر. وشبه العالم الألماني الإغلاق الجزئي خلال حديثه مع صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية بأنه أشبه بـ«قنبلة نووية»، موضحاً أن وجود مجموعة كبيرة من الأشخاص في متجر خلال وقت معين سيسمح بتفشي الفيروس بشكل سريع، كما هو الأمر مع النيوترونات في القنبلة النووية.
وتابع سومر «كلما كان عدد الأشخاص المحيطين بالشخص المصاب أعلى، زاد انتشار الفيروس، وكل شخص مصاب حديثا يصيب أشخاصا آخرين، وهذا هو رد الفعل المتسلسل في القنبلة النووية».
وأعاد سومر أسباب تفشي الفيروس بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة في ألمانيا إلى إجراءات الإغلاق الجزئية.
وفسّر العالم الألماني ذلك بقوله «بإغلاق المتاجر باستثناء ثلاثة: محال السوبر ماركت، ومحطات البنزين، والصيدليات، فأنت تضع الناس في مساحات أقل يومياً».
الهند تعتمد «كوفاكسين»
إذا كان 2020 عام الوباء، فإن التفاؤل باللقاحات يجعل من عام 2021 عام اللقاح بامتياز.
الهند ذات الكثافة السكانية العالية (1.3 مليار نسمة) رخصت للقاحين ضد وباء كوفيد – 19، أحدهما اللقاح الذي طورته مجموعة أسترازينيكا مع جامعة أكسفورد، والثاني طورته شركة الأدوية الهندية بهارات بايوتيك، على ما أعلنت الهيئة الناظمة للأدوية.
وأوضح المراقب العام للأدوية في الهند، ف.ج. سوماني أن اللقاحين «تمت المصادقة على استخدامهما بشكل محدود في الحالات الطارئة»، في قرار سيسمح بإطلاق حملة تلقيح مكثفة في الهند.
وقال رئيس الوزراء ناريندرا مودي إن هذه الموافقة الطارئة تشكّل «نقطة تحول حاسمة لتعزيز الروح القتالية وتسريع المسيرة نحو التخلص من وباء كوفيد – 19».
وتم تطوير اللقاح الهندي المعروف باسم كوفاكسين بواسطة باهارات بايوتيك، بالتعاون مع الوكالات الحكومية، ويستند إلى شكل معطل من فيروس كورونا. وأكملت الشركة مرحلتين فقط من ثلاث مراحل تجريبية.
مكونات طبيعية تثبط الفيروس!
بينما تتجه الأنظار إلى اللقاحات، يحاول العلماء فك أسرار عملية ارتباط الفيروس بالخلايا البشرية من أجل تطوير علاجات. وقالت شركة ناشئة إسرائيلية إنها اكتشفت علاجا جديدا يعتمد على البروتينات يمكن أن يعالج الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد.
وذكرت شركة Novel Concepts Medical ومقرها تل أبيب أن «العلاج عبارة عن مزيج من المركبات الطبيعية، وقد ثبت مختبريا أنه يظهر انخفاضا كبيرا في كمية بروتين سبايك لفيروس كورونا خلال فترة وجيزة من دخوله الجسم». وأضافت أن النتائج التي توصلت إليها تظهر أنه من الممكن جداً أن يكون للعلاج المكتشف «أثر فوري» في تثبيط الفيروس.