الشرق الأوسطقصة اليوم

النساء الفلسطينيات في لبنان.. اعتدن على غزل الألم صبراً

أم عبدالله ذاقت حلو الأيام ومرها في مخيم برج البراجنة وتعلمت التمريض لخدمة أهلها

ولاء عايش-

في السادسة صباحاً من كل يوم، تنهض أم عبدالله من فراشها وتقوم بإيقاظ أبنائها كي لا يتأخروا على مدارسهم، ثم تنهمك بأعمال المنزل ريثما تصبح السابعة والنصف ومن ثم تحمل حقيبتها وتخرج.
حقيبة صغيرة، تضع داخلها آلة لقياس الضغط وأخرى لفحص السكر في الدم. أدوات طبية هي رأسمال مهنتها.
ثلاثون عاما وأم عبدالله الفلسطينية تدور بين أزقة مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين وسط العاصمة اللبنانية بيروت، تدخل بيوت الناس تتعرف على قصصهم، وتستمع إلى مشاكلهم وتشاركهم همومهم، إلى أن يحين موعد عودتها إلى منزلها وعائلتها، حيث يبدأ يوم آخر.

نموذج كفاح
هكذا تمضي هذه المرأة الفلسطينية أيامها، ما بين العمل والمنزل، حتى أصبحت نموذجاً يمثل كفاح نساء مخيم برج البراجنة.
فإن نظرت إلى أم عبدالله، تقرأ صمودها وتصميمها، تشعر بتعبها وبرضاها أيضاً. تعرف كم ضاع من عمرها وهي تتنقل بين أزقة المخيم وحواريه، وهي بالكاد تخرج منه وقت العطلات لتتعرف إلى لبنان ومدنه الكبيرة وشوارعه الجميلة التي ليست كتلك التي بالقرب من منزلها، لكنها وعلى الرغم من ذلك لا تشعر بالأمان إلا عندما تصبح على مدخل المخيم.
حرِصَت أم عبدالله دوماً على تعليم أبنائها، خاصة البنات، ألا يجعلوا من المخيم مأوى دائماً لهم كي لا يصبحوا عالقين بين قضاياه مثلها تماماً.
لم تعمل منذ أن أنهت دراستها لمهنة التمريض خارج أسوار المخيم، ليس لأن هذا النوع من العمل ممنوع على الفلسطينيين فقط، بل لأنها أحبت أن تخدم أهلها وناسها هناك.

حلوها ومرها
منذ أن أصبح المخيم مأوى لها ولعائلتها بعد أن هُجِّروا من ترشيحا عام 1948، ذاقت فيه أم عبدالله حلو الأيام ومرها، تعلمت وعلّمت، مرّضت وعالجت وداوت وطبّبت.
ولم تنس حتى اليوم قصص الحرب التي شهدتها منذ صغرها، لا سيما واحدة أجبرت كل 12 فلسطينياً على أن يقتاتوا سوية نصف رغيف خبز، وأجبرت أمهات على جمع أشلاء أبنائهن بأيديهن، وكأن التهجير والشتات والفقر والبعد عن الوطن لم تكفيهم. هي قصص سوداوية تتذكرها أم عبدالله، إلا أن الحياة لم تقف عندها، فـ«الفلسطيني اعتاد أن يغزل الألم صبرا.. فكيف بالأمهات؟».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى