الاحتلال يهدم منزل جابر الدبابسي.. للمرة الثالثة

علي حمدان –
قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بهدم بيته ثلاث مرات، المرة الأخيرة كانت قبل أسابيع قليلة رغم محاولته منع الجرافات من القيام بذلك، بعد الحادثة بأسبوعين صودف مروره على أحد نفاط التفتيش الإسرائيلية حيث تعرّف عليه أحد العناصر فقاموا بسحبه من السيارة، تكبيله، وانهالوا عليه باللكمات، إنه جابر الدبابسي الصامد في قريته، والذي فشلت اعتداءات الكيان الإسرائيلي المتكررة في تطويعه، بحسب صحيفة «هآرتس».
جابر الدبابسي إبن خلة الضبع جنوبي الضفة الغربية، حيث العدد القليل من المنازل المتناثرة بين هضاب القرية التي يصعب الوصول إليها لوعورة طريقها الترابي، وحيث تمنع سلطات الإحتلال أبناء البلدة الفلسطينيين من بناء المزيد من المنازل رغم سماحها للمستوطنين بذلك سواء في الخلة أو في مستعمرات تنمو بسرعة على التلال المجاورة لها.
منازل خلة الضبع الـ 75 تعود لخمسة عشر عائلة يعمل أغلب أفرادها كمزارعين، بمن فيهم آل الدبابسي الذين تعرضت ثلاثة من منازلهم للهدم من قبل جيش الإحتلال حتى الآن، بينما ينتظر باقي منازل البلدة المصير نفسه بعد قرار الحكومة الإسرائيلية مسح الخلة عن الخارطة الفلسطينية.
عزيمة قوية
جابر، إبن 34 عاماً متأهل من أسمى وله منها أربعة أبناء، يتمتع الرجل ببنية قوية، وعزيمة مماثلة، عصية على الكسر رغم اعتداءات الجيش العبري المتكررة. يعتلي منزل جابر تلة، تقع تحتها مغارة صغيرة تأوي عائلته بعد هدم شرطة تل أبيب لمنزله مؤخراً، بحسب الصحيفة العبرية.
في سبتمبر من العام 2019 قامت القوى المسلحة الإسرائيلية بهدم منزل جابر للمرة الثانية، لتعود الى خلة الضبع المزدانة بأشجار الزيتون والقمح في الـ 25 من نوفمبر الماضي، أي بعد 14 شهراً على تدمير منزل الشاب لتقوم بتسويته بالأرض للمرة الثالثة، بالإضافة الى هدمها ل44 منزل عائلة فلسطينية في الضفة الغربية في اليوم نفسه، فال2020 كانت قاسية على الفلسطينيين، تقول الصحيفة، التي نقلت عن أحد مراكز الأبحاث والدراسات الإحصائية الإسرائيلية تشريد أكثر من 919 مواطناً فلسطينياً نصفهم من الأطفال خلال الأشهر الـ 12 المنصرمة، وهي ضعف حصيلة العام 2018.
عند التاسعة والنصف صباحاً يوم 25 من نوفمبر 2020 سمع جابر وأخاه هدير محركات الآليات العسكرية، فظنوا بأنها تتجه لهدم منازل الفلسطينيين في القرى المجاورة، لم يتخيل جابر بأن الآليات كانت في طريقها نحو خلة الضبع، لا سيما أنه كان قد قرأ على غروب الواتساب الخاص بأخبار المحافظة ذلك الصباح عن نية قوات الإحتلال تدمير منازل فلسطينية في قرية قريبة من قريته، لكن القوات ولجت خلة الضبع وتقدمت نحو منزله وطلبت من العائلة إخلاءه فوراً دون السماح لهم بالإحتفاظ بأيّ من أثاثه.
وبينما باشرت الجرافات بهدم المنزل الذي بناه أب الأطفال الاربعة بمساعدة جمعية فرنسية، وقف جابر على مرتفع قبالة الآليات والمدرعات مردداً أغنيات فلسطينية وطنية بصوت عالٍ مما أثار حفيظة أحد الضباط الذي حاول ضربه وأصدر امراً بإلقاء القبض عليه لكن صاحب المنزل المهدم فرّ مسرعاً الى الوادي.
كانت قوات الإحتلال في عجلة من أمرها، فأتمّت مهمة تدمير منزل الدبابسي في أقل من ساعتين لتنطلق نحو جباع القريبة من خلة الضبع وهدم مضخة تزويد القرى بمياه الشفة هناك.
ناصر نواجعة، الناشط الحقوقي الفلسطيني توجه الى خلة الضبعة في ذلك اليوم لمعاينة المشهد، فرأى جابر الصامت الحزين في العراء مع عائلته، جابر الذي كسر صمته بصراخ وغضب بعد ذلك متسائلاً عن سبب تدمير منزله عدة مرات. كان متألماً للغاية، وبدت علامات الأسى على ملامحه. نام جابر في تلك الليلة مع أفراد أسرته داخل المغارة الصغيرة أسفل منزله المهدم، واستيقظ في السادس والعشرين من نوفمبر ليبدأ ببناء بيته من جديد.
اعتداء وضرب
بعد الحادثة بأسبوعين قامت عناصر إسرائيلية بإلإعتداء بالضرب المبرح على جابر على أحد نقاط التفتيش حيث صودف مروره في سيارة أجرة، «لقد كنت رجلاً عندما كنا في قريتك، أرنا رجولتك الآن»، بهذه الكلمات توجه له الضابط قبل أن يتم إخراجه من السيارة وضربه وتصوير الإعتداء عليه من قبل عناصر أخرى، ليطلبوا منه المغادرة بعد تحقيره لحوالي العشرون دقيقة، قبل أن يقظف به أحد الجنود الى داخل السيارة. لم يستطع جابر النهوض من سريره لمدة يومين جراء آلام ما بعد الإعتداء.
كالعادة، الشرطة الإسرائيلية دحضت إتهامها بالإعتداء على جابر في ذلك اليوم، وكعادتهم إستأنفوا آل الدبابسي بناء منزلهم في خلة الضبع بمساعدة أبناء جابر، ريثان وريشان، الذين شهدا على تدمير بيتهم مراراً.