لوكاشينكو أخفق في كسب قلوب البيلاروس ونجح في مكافحة «كورونا»

علي حمدان –
الحديث عن بيلاروسيا في أوروبا كالكلام عن فنزويلا وغيرها من الدول ذات الحكم الاستبدادي، هو حديث عن الدكتاتورية، وعن كم الأفواه والإستئثار بالسلطة، هكذا يرى الأوروبيون مينسك، وهكذا تصفها الصحف، لا سيما بعد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أنحاء البلاد خلال أغسطس الماضي ضد أليكسندر لوكاشينكو، الرئيس البيلاروسي المدعوم من روسيا، بحسب مقالة نشرتها الأنتي ديبلوماتيكو الإيطالية.
موقف روسيا المحايد والأقرب الى الإيجابية، شكلياً أقله، فيما يخص الرفض الشعبي المتصاعد والمستمر لحليفها أليكساندر لوكاشينكو، لم ينطلي على البيلاروسيين الذين أعربوا في إستطلاعات رأي نشرتها كارنيغي إنترناشونال مؤخراً عن إستيائهم من موسكو، الحليف الأول والأساسي للوكاشينكو، كما أن أغلبية المستطلعين عبروا عن ميلهم إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، عند تخييرهم ما بين الانضمام إما إليه، أو إلى اتحاد آخر تقوده روسيا.
الرأي العام البيلاروسي أصبح على قناعة بأن لوكاشينكو لا يمثل مصالح البلاد العليا، وأنه فشل في إدارة البلاد على صعد عدة، لكنه في المقابل نجح حيث أخفق الآخرون، حيث تعتبر بيلاروسيا، صاحبة القطاع الصحي الذائع الصيت، من أكثر البلدان تميزاً في إحتواء الفيروس التاجي، وفي حين ألغت أغلب دول العالم احتفالات رأس السنة، نظمت مينسك رقصة العام الجديد في قصر الاستقلال كما في كل عام، وذلك بحضور لوكاشينكو وأكثر من ثلاثمائة شاب وشابة من كافة محافظات البلاد، ومن خلفيات اجتماعية متعددة، حيث اختتم رئيس البلاد الحفل بكلمة أثنى فيها على البيلاروسيين الذين سيستمعون إلى صوت العقل، على حد قوله، لا إلى ما تنشره قنوات تيليغرام المدعومة من أجندات خارجية معادية، حسبما أوردته الأنتي ديبلوماتيكو الإيطالية، في إشارة منه إلى المعارضين البيلاروس الناشطين على التطبيق المذكور.
في هذا السياق، نقلت وكالة نوفا الإيطالية عن المعارض البيلاروسي بافيل لاتوشكو، انتقاده على قناته الخاصة على تطبيق تيليغرام، دعوة لوكاشينكو مجلس الشعب للالتئام واصفاً ذلك بالخطوة بالمستفزة، وقال: «يريد لوكاشينكو أن يقول من خلال إجتماعه بالبرلمانيين وممثلين المؤسسات العامة بأنهم مصدر السلطات الحقيقي في بيلاروسيا لا الشعب الغاضب في الساحات».
وأضاف: «البيلاروسيون لا يصدقون هذه البروباغندا، فيفترض بمجلس الشعب أن يكون منتخباً من قبل الشعب، لكن أعضاء مجلس الشعب البيلاروسي يتم تعيينهم من قبل لوكاشينكو بشكل مناقض للدستور». وتابع: «قرار تأسيس مجلس الشورى أتى بأمر رئاسي، بهدف إنشاء جهاز جديد يدعم السير بأجندة تعاكس إرادة الناس، وتكريس إرادة الدكتاتور، الشعب البيلاروسي لا يناضل ضد لوكاشينكو الديكتاتور فقط، إنما ضد منظومة وحكم دكتاتوري متكامل».
في هذا الوقت بادر اليكسندر لوكاشينكو الرئيس البيلاروسي، «الغير معترف بشرعيته من قبل أطراف دولية عدة»، لا سيما عقب الانتخابات البيلاروسية الأخيرة، والتي تشكك المعارضة والدول الأوروبية بنزاهتها، إلى دعوة مجلس الشعب للانعقاد في فبراير القادم، من أجل الاستجابة لمطالب الشعب البيلاروسي، وإصدار قرارات مبنية على تطلعات ومصالح مينسك، لا الأطراف الدولية المهيمنة والمرتبطين بها في الداخل، بحسب نوفا الإيطالية.
«بيلاروسيا تمر في أوقات عصيبة، ومجلس الشعب يتحمل أثقال مشابهة لأثقال عام 1996، وعلينا في القادم من الأيام العمل على وضع خطط طويلة الأمد تنهض بالبلاد على كافة الصعد بالإضافة الى العمل على تعديل الدستور البيلاروسي»، بهذه الكلمات خاطب الرئيس البيلاروسي شعبه قبيل انعقاد جلسات مجلس الشعب الأولى في مطلع الشهر القادم.
لوكاشينكو كان قد وعد المحتجين في أغسطس الماضي، في ذروة الحراك المناهض لوجوده في السلطة، بتعديل الدستور والتنحي عن الكرسي الرئاسي فور إنجاز ذلك، في خطوة يضعها مراقبون للمشهد السياسي في مينسك بـ «التكتيكية»، لسحب فتيل الأزمة الشعبية والتخفيف من حدة الاحتجاجات لا أكثر.