الضغوط الإسرائيلية والأميركية على مطار بيروت تتصاعد
واشنطن تسعى لإجراء مسح ميداني بعد فشل وضعه تحت مراقبة دولية

بيروت – أنديرا مطر
السجال السياسي في لبنان، لا سيما بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، على خلفية عرقلة تشكيل الحكومة كان المؤشر على انتهاء اجازة الاعياد التي عكر صفوها تفشي فيروس كورونا المستجد على نطاق واسع، منذراً بسيناريو مرعب في المستشفيات.
في المقابل، برز خلاف بين رئيس الجمهورية من جهة، وحليفه حزب الله من جهة أخرى، في ملف التفاوض على ترسيم الحدود مع الإسرائيليين، الذي يسعى عون لإعادة إحيائه، فيما يحتفظ حزب الله بالكلمة الفصل في هذا الملف.
وعلى وقع التجاذبات الداخلية في كل الملفات، يتواصل التصويب الاسرائيلي على مطار بيروت، متنفس لبنان الاقتصادي الوحيد، بعد تفجير مرفأ بيروت، وتدميره كليا، قبل خمسة اشهر.
تصاعد الضغط الاسرائيلي على شركات الطيران العالمية يهدد بتقييد حركة المطار بالحد الأدنى، أو وضعه في عزلة دولية، وصولا الى اطباق الخناق كليا على لبنان بعد ان بات المطار منفذاً وحيدا له لدخول الأموال الصعبة التي يحملها المغتربون او السياح على ندرتهم.
تحذير إسرائيلي
فبعد الحملة التحذيرية التي قادتها منظمة «شورات هدين» الحقوقية المدعومة من حكومة بنيامين نتانياهو في نوفمبر 2020، التي توجهت الى عدد من شركات التأمين والطيران الدولية لوقف تعاملها مع مطار بيروت، وجهت المحامية الإسرائيلية – الاميركية نيتسانا دارشان لايتنر، التي تترأس المنظمة رسالة شديدة اللهجة، حثت فيها الشركات الدولية لتوقيف خدماتها بشكل فوري في مطار بيروت، بحجة أن حزب الله يستخدمه لارتكاب «جرائم حرب».
وتنطلق الحملة الاسرائيلية، مما تعتبره دور حزب الله التخريبي في لبنان وسيطرته المطلقة على القطاعات من النظام المصرفي إلى القضاء. وتقول لايتنر في رسالتها المنشورة في صحيفة اسرائيل اليوم: «لا يوجد مكان يتجلى فيه التفكيك الإجرامي للبنان أكثر من حالة مطار رفيق الحريري الدولي، نقطة الوصول الدولية الوحيدة في البلاد للطيران المدني، والمطار الذي سمي على اسم رئيس الوزراء اللبناني الذي اغتاله حزب الله نفسه».
في رسالتها التحذيرية الى شركات الطيران العالمية تعتبر منظمة «شورات هدين» «أن مطار بيروت بات عش دبابير لحزب الله الذي يقود في محيطه عمليات إرهابية على نطاق واسع، محذرة من تجاهلهم استراتيجية الحزب بتخزين الأسلحة في المنشآت المدنية».
مسح دولي للمطار؟
توازياً مع الضغوط الإسرائيلية، يواصل الأميركيون مساعيهم من أجل تقليص نفوذ حزب الله في المرافق العامة للدولة، وعلى رأسها المطار، وتبرز في هذا الاطار، الضغوط الدولية الكبيرة لإجراء مسح شامل لأوضاع المطار، تتولاه مؤسسات عالمية معنية بالطيران المدني.
الكاتب السياسي منير الربيع، كشف في حديث مع القبس أن الأميركيين يسعون منذ فترة طويلة الى وضع المطار تحت مراقبة دولية، سواء عبر «اليونيفيل»، أو من خلال جهات دولية أخرى، في مقابل رفض لبناني رسمي بالمطلق.
ففي 2018، نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا عن سيطرة «حزب الله» على المطار، حيث يستخدمه لنقل مخدّرات وأموال، بالإضافة إلى مقاتلين موالين لإيران إلى دول أخرى تشهد حروباً أهلية في الشرق الأوسط، من دون أي عواقب.
خطران يتهدّدانه
ثمة خطران يتهددان المطار، برأي الربيع:
1 – استهداف إسرائيلي للمطار بعد كلام نتانياهو وغيره من المسوؤلين الاسرائيليين عن سيطرة «حزب الله» عليه.
2 – من وجهة نظر اميركية، يتأتّى من استخدام «حزب الله» المطار لتهريب أسلحة وموادّ عسكرية؛ ولذلك يضغطون لوقف هذا المسار.
ولأن كل المحاولات في هذا السياق باءت بالفشل، فلم يبق سوى خيار أخير، يتمثّل في قدوم مؤسسات تابعة لشركات الطيران العالمية لإجراء كشف ميداني لسير العمل في المطار وتقديم تقارير، ستؤدي -وفق المحلل السياسي- الى مزيد من الضغط على السلطة لتغيير الإجراءات المتخذة حالياً، تفاديا لحدوث مشاكل مع شركات التأمين وشركات الطيران.
العمل العسكري غير مُستبعَد
الاستهداف الأمني الإسرائيلي ضد المطار غير مستبعد تماما، وفق المنظمة الإسرائيلية، وهو ما حذّر منه محللون عسكريون لبنانيون، بعد انفجار مرفأ بيروت.
عميد متقاعد في الجيش اللبناني، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال ان قناعته لا تتزحزح بأن المرفأ قد تم تفجيره. وقال لــ القبس: «قد يكون لدي شك %1 في السابق بأن الفساد الاداري والإهمال تسبّبا في الكارثة، لكن بعد ترجيح رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب فرضية أن يكون تفجير المرفأ وقع عن طريق جهاز التحكّم عن بعد (مكتبه الإعلامي عاد، ونفى هذه الأقوال)، وقوله إن كمية المواد التي انفجرت هي 500 طن من نيترات الأمونيوم، وليس 2750 طنّاً، أصبحت متأكداً %100 أن إسرائيل دمرت المرفأ».
وفي إشارة صريحة الى احتمال استهداف المطار، تقول لايتنر «ينظر حزب الله إلى المطار باعتباره مجالاً آمنا لتخزين أسلحته، معتقدا أن إسرائيل أو أي دولة أخرى قد ستكون «متحفّظة» في ضرب نقطة الوصول الجوية الوحيدة للدولة، على الرغم من ذلك، وفقا للقانون الإنساني الدولي، فإن الاستخدام المزدوج للمطار للأغراض المدنية والأغراض العسكرية يجعله هدفا عسكريا مشروعا». وقد وصفت المسار الأخير، الذي بدأ ضد المطار، بأنه كرة ثلج بدأت تتدحرج، من أجل إيقاف الرحلات الجوية إلى بيروت.