
ولاء عايش
في واحدة من فصول سرقة الوطن، وقف ثلاثة رعاة فلسطينيين بأيديهم العارية أمام خمسة جنود إسرائيليين مسلحين حاولوا سرقة مولد كهرباء تابع لهم، استمر المشهد بضع دقائق، حاول اللصوص تحميل المولد في سيارتهم، فيما سعى الرعاة إلى إعادته، ثم حدثت نقطة التحول في عملية السطو المسلح، فقد أحد اللصوص صبره وأطلق النار، واضعاً حداً للقصة.
سرقة واغتيال
في أول أيام العام الجديد، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على الشاب هارون أبو عرام (24 عاما)، بينما كان يعيد بناء منزله في مسافر يطا بالخليل، الذي هدمته في نوفمبر الماضي، عرام حاول مع اثنين آخرَين منع الجنود من مصادرة مولد كهرباء، كان يستخدمه هو وأسرته، فانتهى به الحال مصابا بشلل رباعي، بعد إصابته من مسافة صفر برقبته.
صحيفة «هآرتس» وصفت الحادثة بأنها «سطو مسلح يتخذه جنود الاحتلال وسيلة لكسب الربح ومصدر دخل إضافي، ليس هذا فحسب، إذ تحولت عملية السطو إلى محاولة اغتيال يتباهون بها أمام الجنود الآخرين يخبرون بكل فخر عن مغامراتهم في السرقة والشروع بالقتل. وبما أن هناك من سيغطي الجريمة ويبرئهم ويكذب عند الضرورة فلن يكترث هؤلاء لما فعلت أيديهم، بل سيحاولون مراراً وتكراراً سرقة الفلسطينيين ومضايقتهم وقتلهم إن لزم الأمر».
فتح تحقيق
على خلفية هذه الجريمة التي تضاف إلى قائمة طويلة، دعا الاتحاد الأوروبي تل أبيب إلى فتح تحقيق سريع في إطلاق الجندي الإسرائيلي النار على الشاب الفلسطيني في الخليل، ومحاسبة الجناة. وأكد رفض الاستخدام غير المتناسب للقوة من قبل إسرائيل، مشدداً على أن ما حصل مخالف للقانون الدولي.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أدانت إطلاق النار على الشاب، معتبرة أن هذا الاعتداء الوحشي يندرج في إطار استهداف الاحتلال المتواصل للمواطنين في منطقة مسافر يطا، بهدف ممارسة الضغوطات والتقييدات عليهم وترحيلهم بالقوة، وتفريغ المنطقة منهم، والاستيلاء عليها بالكامل لمصلحة الاستيطان. أشارت إلى أن الجريمة تعكس العقلية العنصرية الفاشية التي تسيطر على مفاصل الحكم في دولة الاحتلال، التي تترجم عادة من خلال تعليمات يعطيها المستوى السياسي والعسكري، تسهل على الجنود عملية إطلاق النار على الفلسطينيين وقتلهم.
تاريخٌ حافل
ليست السرقة بالأمر الجديد على الاحتلال الإسرائيلي، فناهيك عن سرقة الأرض، فقد نهب الرخيص قبل النفيس منذ وطئت قدماه فلسطين. ورصدت مصادر عدة من كتب ودراسات وصحف عبرية جرائم السلب والنهب التي ارتكبها الإسرائيليون خلال وعقب نكبة 1948.
من طبريا إلى بئر السبع، ومن يافا إلى القدس، سرق اليهود الكنائس والمساجد والمنازل. آدم راز، مؤرخ إسرائيلي وثق في دراسة – مستنداً على وثائق من الأرشيف ومقاطع من الصحف العبرية – أوساطًا واسعة من الإسرائيليين جنودا ومدنيين شاركوا في عمليات نهب انتشرت كالنار في الهشيم لدى اليهود، موضحاً أن السلب طاول عشرات آلاف المنازل والحوانيت والأجهزة والمصانع والمنتوجات الزراعية وغيرها، باعتباره أمراً طبيعياً.