
ولاء عايش-
أبى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلا أن يهز عرش الديموقراطية الأميركية قبل مغادرته منصبه، إلا أن مساعيه انتهت بالفشل، رغم تسجيله نقطة سوداء في تاريخه الرئاسي وإرثه الدائم، لكونه دنّس التقاليد السياسية الأميركية، لكنه لم يستطع إسقاطها. وسيحكي التاريخ عن رئيس حرّض أنصاره على انقلاب على الديموقراطية، ثم عاد ورضخ لفوز منافسه جو بايدن، تحت وطأة مشهد حزين وقاسٍ، لم تعرفه الولايات المتحدة منذ أغسطس 1814، حين هاجم البريطانيون مبنى الكونغرس وأحرقوه بعد معركة بلادينسبيرغ.
آشلي بابيت أميركية خدمت في الجيش مدة 14 عاماً.. لبّت دعوة ترامب ونزلت إلى الشارع، سافرت من سان دييغو إلى واشطن لتلقى مصرعها هناك مع ثلاثة آخرين، جراء اقتحامهم رمز الديموقراطية الأميركية، غير مصغين إلى تحذيرات قوات الأمن، وكل ما في أذهانهم كان أنهم يحمون الانتخابات من السرقة، كما أقنعهم ترامب والجماعات اليمينية المتطرفة، لا سيما مجموعة «براود بويز» التي سبق أن هددت بأن «يوم 6 يناير سيكون ملحمياً».
وبالفعل، كان يوم 6 يناير ملحمياً بكل المقاييس، لكنه انتهى كما لم تشتهِ سفن الرئيس المأخوذ بنشوة السلطة وجنون العظمة، فكان أن أنقذ نائبه مايك بنس الديموقراطية مانعاً الانقلاب، ومسقطاً تحرّكاً لا يليق إلا بجمهوريات الموز، ومسهلّاً لتصويت الكونغرس بغرفتيه (الشيوخ والنواب) على فوز جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة بـ 306 أصوات، وكذلك فوز نائبته كمالا هاريس، مقابل 232 صوتاً لترامب.
الرضوخ ونقل السلطة
ترامب المهزوم بكل المقاييس عاد وأقر علناً بأنه سيترك منصبه في 20 يناير بعد تعنت دام شهوراً، متعهداً بنقل منظم للسلطة لبايدن. وقال في بيان:«على الرغم من أنني أختلف تمامًا مع نتيجة الانتخابات، والحقائق تؤكد ذلك، فإنه سيكون هناك انتقال منظم في 20 يناير»، وأضاف أن انتقال السلطة يمثل نهاية لأعظم فترة أولى في تاريخ الرئاسة، لكنه بداية لمعركة من أجل جعل أميركا عظيمة مرة أخرى.
عزل الرئيس والمادة 25
ما جرى الأربعاء، أثار استياءً واسعاً وسط إعلان ديموقراطيين عن إطلاقهم بالفعل خطوات لعزل ترامب. وتناقل الإعلام الأميركي تقارير عن بحث وزراء في إدارة ترامب إمكانية تفعيل التعديل الـ25 للدستور، الذي يتيح لهم عزل الرئيس في حال اتفاقهم على اعتباره غير مؤهل لسبب واضح، رغم أن أسبوعين فقط تبقيا له في المنصب. ويتطلب عزل الرئيس عبر محاكمة في الكونغرس مصادقة ثلثي أعضاء الشيوخ.
وقد صدر هذا التعديل في أعقاب اغتيال الرئيس جون كنيدي، الذي عانى سلفه دوايت أيزنهاور من نوبات قلبية كبيرة، للسماح لنائب الرئيس ومجلس الوزراء بإقالة الرئيس إذا كان يعاني غيبوبة أو مصابا بجلطة دماغية. ويتطلب التعديل اليوم:
1 – موافقة مايك بنس وغالبية مسؤولي الحكومة على أن ترامب غير لائق بالمنصب والاستيلاء على السلطة منه مؤقتا.
2 – منازعة ترامب خلال 4 أيام.
3 – تصويت ثلثي أعضاء الكونغرس لإقالة ترامب نهائياً.
4 – تعيين هيئة خاصة لمراجعة لياقة الرئيس بدلاً من مجلس الوزراء.
هذا ويبحث مسؤولون آخرون تقديم استقالاتهم، منهم روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي ونائبه مات بوتينغر، وكريس ليدل نائب كبير موظفي البيت الأبيض.
4 قتلى.. واعتقالات
أعلنت الشرطة الأميركية، أن أربعة أشخاص لقوا حتفهم، واعتقل 52، بعد اقتحام أنصار ترامب مبنى الكونغرس، وقال روبرت كونتي قائد إدارة شرطة واشنطن: إن أربعة أشخاص لقوا حتفهم داخل الكونغرس، وأوضح أن ثلاثة توفوا نتيجة لطوارئ طبية، فيما قتل الرابع إثر إصابته بعيار ناري. وأضاف تم اعتقال 52 شخصاً حاولوا منع التصديق على فوز بايدن.
في إجراء غير مسبوق جمَّد موقعا تويتر وفيسبوك حسابي ترامب مؤقتًا. وقال تويتر إنه حذف 3 تغريدات لترامب بدعوى خطر العنف، وأضاف أنه جمد النشر على حساب ترامب لمدة 12 ساعة، مهدداً بإغلاق حسابه بصورة دائمة حال استمر الأخير في انتهاك قواعد الاستخدام المتعلقة بالنزاهة المدنية.
على النحو ذاته، قال فيسبوك «لقد قمنا بتقييم انتهاكين لسياستنا إزاء صفحة الرئيس ترامب»، وأضاف أن الحجب سيستمر لمدة 24 ساعة، ما يعني أن ترامب لن يتمكن من كتابة منشورات في الموقع خلال مدة الحجب.
ذو القرنين يخطف الأضواء
خطف الملقب بذي القرنين أضواء الأربعاء المشؤوم، حيث ظهر عاري الصدر، مطليا وجهه بألوان العلم الأميركي في أروقة مبنى الكابيتول، جاك أنجالي (32 عاماً) المعروف لدى الإعلام الأميركي واحد من مشاهير الفوضويين المؤمنين بنظرية «كيو أنون»، التي ابتدعها اليمين المتطرف قبل 3 سنوات، تتناول بالتفصيل خطّة سرية مزعومة لما يُسمّى «الدولة العميقة في الولايات المتحدة» ضدّ الرئيس دونالد ترامب وأنصاره.
الشاب جاك اقتحم وصديقه نوافذ الكونغرس وتسللا إلى داخله واستوليا على مقعد بنس نائب الرئيس. وكان ذو القرنين ذكر العام الماضي في مقابلة أنه يعتمر قبعة من الفرو، ويطلي وجهه ويمزق بنطلاله للفت الانتباه ورفض الحديث عن قرنيه، وقال إنهما من الأمور الخفية بشخصيته.
وانتشرت صور لضابط يلتقط صورة سيلفي مع أحد المقتحمين، فيما فتحت مجموعة من الضباط الحاجز الأمني لتسمح باقتراب مؤيدي ترامب أكثر. وقالت الصحيفة إنه «لم يبدُ أن الشرطة تحاول اعتقال المشاغبين، بل إن واحداً منهم مدّ يده لامرأة يساعدها على تسلق سلم الكابيتول».