الشرق الأوسط

لبنان  نحو إغلاق ثالث.. وإصابات «كورونا» اليومية تخطت 5 آلاف

علي حمدان –

دخل قرار الإقفال العام حيز التنفيذ في لبنان قبل يومين، بعد ارتفاع مهول بنسبة الإصابات بفيروس كورونا التي تخطت الخمسة آلاف حالة يوم أمس الجمعة.

الإقفال يهدف إلى كبح جماح التفشي، وتخفيف الضغط عن القطاع الصحي الآيل إلى الإنهيار، ويبدو أن البلاد تتجه نحو إغلاق ثالث، بعد نهاية الإقفال الحالي، إذا استمر الوضع على حاله.

المطاعم والمقاهي، والتي كانت مفتوحة طيلة فترة الأعياد طمعاً بتحريك العجلة الإقتصادية في البلاد أُغلقت، كما ينص قرار الإقفال العام على منع التجوال بدءاً من الساعة السادسة مساءً، وفرض خطوط سير نهاراً، تحد من حركة السيارات في شوارع البلاد، بحسب لوريون توداي.

قرار الإقفال العام والتعبئة العامة المعلن لم يعد مجدياً بحسب بعض النواب والعاملين في القطاع الصحي، في الوقت الذي تُحجم فيه مشافي البلاد عن إستقبال المصابين مرغمةً، بعد أن امتلأت أسرّتها في أقسام كورونا.

ويقول بيار بو خليل رئيس قسم العناية المركزة في الجامعة الأميركية في بيروت: «أسرّة المشافي المخصصة لرعاية مرضى كورونا امتلأت، والتفشي لم يبلغ ذروته بعد»، حيث تخطى عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا 5000 حالة، وفاق عدد المتوفين جراء مضاعفات الفيروس 1500.

الدكتور فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، رأى بأن تداعيات السماح للمقاهي والمطاعم بالعمل طوال فترة الأعياد لم تبدأ بعد، إذ أن الإصابات الجديدة من المتوقع أن تبدأ بالظهور بعد حوالي 10 أيام، وحاجة المزيد من المرضى لأسرّة في المشافي سوف تبلغ ذروتها في أواخر يناير الجاري.

ويضيف: «النتائج التي ستترتب عن إبقاء البلد مفتوحاً دون قيود وإجراءات وقائية خلال الفترة الماضية، سوف تبدأ بالظهور بدءاً من منتصف الشهر الجاري».

في سياق آخر، دعت لجنة الصحة النيابية الحكومة اللبنانية إلى مراجعة خطة الإقفال الحالية، داعية إلى أن إستثناء محال الصيرفة، ووسائل النقل، وباعة الورد والحلويات وغيرها من قرار الإقفال، يعزز من تفشي الفيروس.

ويقول الدكتور فادي علامة العضو في لجنة البرلمان الصحية: «هذا الإقفال عقيم ولا جدوى منه من ألفه إلى يائه، هذا هو رأي اللجنة الصحية البرلمانية»، في حين جاهر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، بانتقاد خطة السماح لحركة السيارات، بحسب الأرقام التي تحملها لوحاتها، مؤكدًا بأنها أثبتت فشلها، لكن الحكومة ارتأت اعتمادها على الرغم من كافة الإنتقادات.

فشل الإقفالين الذين شهدهما لبنان سابقاً مردّه إلى ثلاثة أمور، وهي عدم صرامة السلطات المعنية في تطبيق الإجراءات والقوانين، والضغوط التي مارسها أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية وحالت دون إقفالها بشكل تام، وعدم قدرة الدولة اللبنانية على دعم الأسر الأكثر فقراً مالياً، مما اضطرهم إلى كسر قرار الإقفال لكسب قوت يومهم.

ويقول الدكتور فراس أبيض: «الإقفالات حتى الآن تسعى للحد من بلوغ ذروة التفشي لا تخفيض نسبة التفشي التي تستلزم ستة إلى ثمانية أسابيع من الإقفال التام والحازم أقله. لا يجوز التلاعب مع الأوبئة، لا سيما كورونا».

جورج كتانة، أمين عام الصليب الأحمر اللبناني، أشار إلى أن سيارات الإسعاف التابعة للمؤسسة تقوم بنقل ما لا يقل عن 100 مصاب بالفيروس التاجي يومياً، في الوقت الذي تضطر فيه المشافي لإبقاء هؤلاء في أقسام الطوارئ، إلى حين خروج أحد المرضى من قسم العناية المركزة، حيث يؤكد أحد عاملي مستشفى الروم في بيروت، أن الأولوية الآن لمن يعانون عوارض أشد.

وبناء على أرقام منظمة الصحة العالمية، فإن نسبة الإشغال لأسرّة العناية الفائقة في عموم لبنان بلغت 88 بالمائة، لكنها تخطت التسعين بالمائة في محافظات كعكار الشمالية وبيروت.

حسين طفيلي، الطبيب المناوب في قسم معالجة مرضى كورونا بمستشفى النبطية الحكومي، تكلم عن الفريق الطبي والتمريضي المنهك، وانشغال كافة الأسرّة في القسم، وقال: «يصلنا مرضى كثر، ويفارق الحياة كثر، أربعة مرضى توفوا خلال الأسبوع الماضي فقط».

وزارة الصحة طلبت من المستشفيات الخاصة البدء باستقبال مصابي «كورونا»، وهددت بفسخ عقودهم مع الوزارة في حال تملصهم، لكن المشكلة لا تكمن في عدم استقبال القطاع الاستشفائي الخاص لمرضى كورونا وحسب، بل في خسارة الطواقم الطبية لأعداد كبيرة من أعضاءها لأسباب عدة، أبرزها الهجرة نظراً للظروف الإقتصادية والمعيشية الصعبة في البلاد، أو وفاتهم جراء إصابتهم بكورونا، بالإضافة إلى خضوع أكثر من 200 طبيب حالياً للحجر الصحي، بعد التثبت من إصابتهم بالفيروس، وذلك بحسب شرف أبو شرف، نقيب الأطباء في لبنان، الذي تساءل «من سيطبب المرضى اللبنانيين في حال فقدنا المزيد من كوادرنا؟».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى