«تويتر» يسبق الكونغرس.. ويعزل ترامب
اتهامات للموقع بازدواجية المعايير.. لماذا لم يفعلها مع غيره؟

وليد قرضاب
في خطوة تشبه إلى حد بعيد العزل، بات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ممنوعاً من استخدام «تويتر». وبرر «تويتر» قراره بإغلاق حساب الرئيس، بالمخاوف من حدوث مزيد من العنف. وتساءل الكثيرون: لماذا لم يلغ «تويتر» حسابات لزعماء دول متهمين بقتل شعوبهم وقمعها، وبنشر أخبار مضللة.
دأب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استخدام منصة «تويتر» لتسهيل صعوده إلى السلطة، ولتحريض أنصاره على أفعال تأتي بعواقب وخيمة، كما استخدمه لسنوات، لإثارة موضوعات غريبة لا يلتفت إليها أحد.
وعلى مرأى من الجميع، تدور اليوم «معركة مصداقية» بين «تويتر» وترامب، وبين «تويتر» ومستخدميه، الذين يرون أنه يتبع ازدواجية في المعايير.
منذ تولي ترمب السلطة في 2016، تعرّض «تويتر» للكثير من الانتقادات، لإتاحته الفرصة أمام سيّد البيت الأبيض لنشر أفكاره، ما دفع الشبكة الاجتماعية لتغيير نهجها المتَّبع تجاه «المعلومات المضللة»، من خلال تحذير المستخدمين بشأن صحة المعلومات المذكورة في التغريدات، أياً كان كاتبها.
وأمس، منع «تويتر» ترامب من التغريد على حسابه الرئاسي، بعد فترة وجيزة من إغلاق حسابه الشخصي بشكل نهائي الجمعة، جاء ذلك بعدما استخدم ترامب حسابه الرئاسي في إرسال ثلاث تغريدات، اتهم فيها «تويتر» بالتآمر لإسكاته، قائلاً إن المنصة «تكتم حرية التعبير»، وقال ترامب في إحدى تغريداته، قبل حذفها جميعاً، إنه ينظر في إمكانية «بناء منصتنا في المستقبل القريب».
«تويتر» برر قراره بالمخاوف من حدوث مزيد من التحريض وأعمال العنف في أعقاب اقتحام مبنى الكابيتول. وكشف عن التغريدتين اللتين أدتا إلى إغلاق حساب الرئيس، بشكل دائم، مؤكداَ أن الأخير خالف القوانين الخاصة باستخدام المنصة.
حساب Twitter Safety نشر بيانا كشف فيه أسباب إغلاق الحساب، مبيناً أن إحدى التغريدات التي أدت لهذه الخطوة قال فيها ترامب: «الـ75 مليون أميركي وطني الذين صوتوا لي: أميركا أولاً لنجعل أميركا عظيمة مجدداً، سيكون صوتهم عظيما جدا في المستقبل، لن يتم التقليل من احترامهم أو معاملتهم بطريقة غير عادلة بأي شكل».
وذكر «تويتر» أن استخدام تعبير «الأميركيين الوطنيين» لوصف أنصاره يمكن تفسيره على أنه دعم لأولئك الذين نفذوا اقتحام الكونغرس.
ولفت الموقع إلى أن جملتي «سيكون صوتهم عظيما جدا في المستقبل» و«لن يتم التقليل من احترامهم أو معاملتهم بطريقة غير عادلة بأي شكل»، تدلان على أن ترامب لا يفكر بتسليم منظم للسلطة، وأنه يخطط لدعم وتمكين وحماية الذين يصدقون أنه فاز بالانتخابات.
وكشف «تويتر»عن رصد عدد من الخطط لتنفيذ أعمال عنف على المنصة وخارجها، بما في ذلك هجوم آخر على الكونغرس في 17 يناير.
أما التغريدة الأخرى، فكانت تلك التي قال فيها: «لأولئك الذين يسألون، لن أشارك في عملية التنصيب في 20 يناير».
وفسّر «تويتر» هذه التغريدة على أنها رسالة لأنصاره قد تحمل في طياتها دعوة لهم لمهاجمة حفل التنصيب، واعتباره «هدفاً آمناً» كونه لن يحضره.
ميزة «المصلحة العامة»
ومنذ مارس الماضي، يهاجم مستخدمو الموقع الاجتماعي شركة «تويتر» بسبب قواعدها لمكافحة التضليل الإعلامي حول وباء «كورونا»، حيث يتهمونها بالسماح لقادة بترويج معلومات مضللة، كترك تغريدات سابقة للرئيس البرازيلي والرئيس الفنزويلي، حول كسر أوامر التباعد الاجتماعي والترويج لأدوية خاطئة. وكذلك الأمر بالنسبة لحسابات قادة إيران وسوريا، غير أن الموقع حدِّث سياساته وطبِّقها للمرة الأولى على الرئيس الأميركي الجمهوري.
وفي هذا الشأن، قال مسؤولون في الموقع إن المسؤولين المنتخبين وقادة العالم مدعوون للتحدث بحرية على المنصة، مضيفين: «لقد أوضحنا منذ سنوات أن هذه الحسابات لا يمكنها تجاوز قواعدنا، ولا يمكنها استخدام تويتر للتحريض على العنف..».
وفي 8 نوفمبر الماضي، بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، قال موقع «ذا فيرج» إن ترامب سيفقد امتيازات يتمتع بها كقائد عالمي في «تويتر» حال تولى جو بايدن الرئاسة.
ووفق الموقع، فإن حساب ترامب سيفقد حماية «المصلحة العامة»، وهي سياسة يطبقها «تويتر» في حسابات قادة الدول على منصته، إذ يترك المحتوى المخالف موجوداً إذا كانت هناك «قيمة واضحة للمصلحة العامة لإبقاء التغريدة موجودة» مع وضع ملصق تحذيري عليها، بينما لا يتمتع الناس العاديون بهذه الميزة.
ومن الممكن أن تؤدي مخالفة القواعد في الحسابات العادية إلى التقييد المؤقت، وأحياناً تصل العقوبة إلى الحظر الكلي. ورغم ذلك، فإن حسابات القادة غير محصنة إذا ما نشروا محتوى يروج للإرهاب، أو تهديداً مباشراً يحرض على العنف.
وكان «تويتر» حظر حساب الرئاسة السورية في أقل من شهر بعد نعي بشار الأسد قاسم سليماني، وادعائه أن مقتله سيزيد «محور المقاومة» عزماً على الوقوف في وجه السياسات الأميركية.
وفي نهاية مارس الماضي، حجب «تويتر» حسابات عدة للمرشد علي خامنئي، من دون أن يورد أسباب ذلك، وتم تعليق الوصول إلى صفحات المرشد باللغات الإنكليزية والعربية والفارسية والأوردو. لكن بعد مرور بعض الوقت، تم إلغاء حجب حسابات خامنئي باللغتين الإنكليزية والفارسية، إلا أن الوصول إلى صفحات أخرى لا يزال محظوراً.
غراهام غاضب
السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام علّق على قرار «تويتر»، وقال إن قرار توقيف حساب ترامب يعتبر خطأ جسيماً، واعتبر أن السماح لخامنئي بالتغريد، مقابل منع ترامب من ذلك، «يشي بالكثير عمن يديرون تويتر».
وأضاف: «ربما يحظرني «تويتر» بسبب هذا، لكنني أقبل هذا المصير عن طيب خاطر. إن قرارك بحظر الرئيس ترامب نهائيا خطأ جسيم. يمكن لخامنئي أن يغرد، لكن ترامب لا يستطيع ذلك. يقول الكثير عن الأشخاص الذين يديرون تويتر».
وأضاف السيناتور الأميركي أن «شركات التكنولوجيا الكبرى هي الشركات الوحيدة في أميركا التي تتمتع فعليا بحصانة مطلقة من المقاضاة على أفعالها، وذلك فقط لأن الكونغرس منحهم تلك الحماية».
فرح وغضب.. ودونالد جونيور ينعى حرية التعبير
أحدثت الخطوة التي أقدم عليها «تويتر» كثيراً من ردود الفعل على المنصة ذاتها، التي ضجت بأصوات المؤيدين والمعارضين للقرار، الذي يعتبر مصيرياً لشخص «يحتاج تويتر مثل حاجته للأوكسجين»، حسب محامي ترامب السابق مايكل كوهين، الذي توقع أن «يفقد الرئيس عقله» بعد حظر حسابه. السيناتور الديموقراطي مارك وارنر وصف تعليق حساب ترامب بأنه «خطوة متأخرة». أما هيلاري كلينتون، فكان ردها مختصراً وبليغاً. فعلقت بعلامة «صح» على تغريدة سابقة لها حضّت فيها ترامب على إلغاء حسابه. لكن آخرين، مثل نجل ترامب دونالد جونيور وسفيرة ترامب السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، سارعا إلى شجب هذه الخطوة واعتبراها تقييداً لحرية التعبير. قالت نيكي هيلي في تغريدتها: «إسكات الناس، ناهيك عن الرئيس، يحدث في الصين وليس في بلادنا». وقال دونالد جونيور في تغريدته: «إننا نعيش قصة 1984 التي كتبها أورويل. حرية التعبير لم تعُد حاضرة لقد ماتت مع شركات التكنولوجيا الكبرى».
«تويتر» يحظر تغريدة لخامنئي حول كورونا
يستغيث ناشطون إيرانيون على «تويتر» بمنظمة الصحة العالمية من أجل الحصول على لقاحات لفيروس «كورونا» معتمدة دولياً، وعبروا عن القلق من أن تفرض عليهم السلطات في بلدهم أخذ لقاح محلي الصنع.. وكان موقع «تويتر» حظر تغريدة للمرشد الإيراني علي خامنئي، لاحتوائها على معلومات مضللة بشأن اللقاحات.
وقال الصحافي الإيراني هادي نيلي، إن مصدراً في «تويتر» أكد حذف التغريدة لانتهاكها معايير وقواعد المنصة الاجتماعية، ولنشرها معلومات خاطئة حول «كوفيد – 19»، مضيفاً أنه يتعين على خامنئي حذف التغريدة، بسبب مخالفاتها معايير «تويتر»، وذلك كي يستطيع الولوج إلى حسابه مرة أخرى.
وكان خامنئي قد نشر تغريدة في وقت سابق، قال فيها إن بلاده لن تستورد اللقاحات الأميركية والبريطانية، لادعائه أنها غير آمنة.
وقال خامنئي «استيراد اللقاحات المصنوعة في أميركا والمملكة المتحدة ممنوع، إنهم غير جديرين بالثقة إطلاقاً، وليس من المستبعد أن يريدوا الإضرار بالشعوب الأخرى.. نظراً لخبرتنا مع جرعات الدم الفرنسية الملوثة بالإيدز، فإن اللقاحات الفرنسية غير جديرة بالثقة ».
نهج «تويتر» بشأن المعلومات المضللة
في مدونة موقع «تويتر» توجد التفاصيل الكاملة لسياسته الجديدة، التي قال إنها تأتي من أجل خلق بيئة صحية للمحادثات العامة، لتسهيل عملية العثور على معلومات موثوقة على تويتر، والحد من انتشار المحتوى المضلل الذي قد يتسبب في أضرار محتملة.
وقسَّم «تويتر» المعلومات الكاذبة أو المضللة إلى ثلاث فئات كبيرة، لكل منها طريقته في التعامل معها، وجاءت كالتالي:
معلومات مضللة؛ بيانات أو تأكيدات ثبت أنها خاطئة أو مضللة من قِبل الخبراء في هذا الشأن، مثل سلطات الصحة العامة.
مزاعم متنازع عليها؛ بيانات أو تأكيدات تكون دقة ومصداقية الادعاءات الواردة فيها محل خلاف أو غير معروفة.
مزاعم لم يُتحقق منها؛ معلومات (قد تكون صحيحة أو خاطئة) لم تؤكَّد صحتها بعد حتى وقت نشرها.