الشرق الأوسط

جنبلاط يتصل بالحريري شاجباً الإهانات الشخصية والتعرض للرئاسة الثالثة

الاتصال جاء بعد اتهام فريق رئيس الجمهورية للحريري بـ«الكذب»

بيروت – القبس- 

 

يحتدم الصراع السياسي في لبنان على خلفية المناكفات بين أركان السلطة والخلاف على تشكيل حكومة المهمة لإنقاذ الاقتصاد المنهار ومواجهة الجائحة الوبائية التي شلَّت البلد بعد ارتفاع كبير بالاصابات بفيروس كورونا المستجد.
حدة النزاع ارتفعت وتيرتها منذ مطلع الأسبوع مع هجوم شنّه فريق رئيس الجمهورية وحزب الله على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري تضمن تجريحاً شخصياً وصل حد اتهام الحريري بالكذب، لاسيما من خلال ما خرج على وسائل إعلام لبنانية من تسريب مقطع مصور من اللقاء الذي جمع رئيس جمهورية ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قبل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع.
فالفيديو، الذي لم يسحب منه الصوت كما جرت العادة، تم توزيعه على وسائل الإعلام ويسمع فيه رئيس الحكومة يسأل عون عن مصير تأليف الحكومة الجديدة المكلف بها سعد الحريري، ليرد عليه عون: «يقول عطاني ورقة.. بيكذّب، عمل تصاريح كاذبة، ليك قديش غاب.. ليك حظهن اللبنانيين، الآن ذهب إلى تركيا.. ما بعرف شو بيأثر».
من جهته الرئيس الحريري رد على عون عبر تغريدة له قال فيها من الكتاب المقدس للمسيحيين – سفر الحكمة «أنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ».
وقد تباينت الآراء في تفسير هذا التسريب، ففي حين اعتبر جزء كبير من اللبنانيين أن التسريب كان مقصودا، نفت أوساط قصر بعبدا، هذا الأمر واضعة إياه في سياق الخطأ التقني، إلا أن كل الأطراف أجمعت على أن هذا التسريب من شأنه أن يعرقل تأليف الحكومة إلى أجل غير واضح ويزيد من تعقيدات المشهد السياسي في لبنان. وتوجهت اصابع الاتهام إلى صهر الرئيس عون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي كان قد شن يوم الاحد هجوماً على الحريري قائلاً أنه لا يأتمنه على الاصلاح.

جنبلاط يدعم الحريري

الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط، ألمح في بيان صادر عنه إلى أن هذا التسريب يعكس نوايا قصر بعبدا، وأضاف في بيانه أن الفيديو الفضيحة جاء ليؤكد ما كان معروفاً سلفاً قبل التكليف من خلال رسالة رئيس الجمهورية التحذيرية إلى النواب، وهو ما عاد وأثبته كل مسار التأليف، بأنه وفريقه لا يريدون سعد الحريري لتشكيل الحكومة. وتابع «إذ على ما يبدو بالنسبة الى فريق الممانعة (حزب الله وحلفاؤه) إمّا أن تُشكّل الحكومة كما يريدون، أو فلا حكومة، ليستمروا بالحكم كما يريدون من خلال هذه الحكومة».
ويقول الحزب الاشتراكي إنه «إذا كان ‘الصهر» (في إشارة إلى باسيل) قال إنه لا يأتمن الرئيس المكلف على تشكيل حكومة وإدارة شؤون البلاد، فإن ‘العمّ’ أكد اليوم الموقف ذاته.
وهذا ليس رأي الحزب الاشتراكي وحده، وإنما وجهة نظر قسم كبير من اللبنانيين، الذين يرون في الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر سبباً أساسياً في عرقلة عملية تأليف حكومة جديدة يرأسها سعد الحريري، وذلك بعد انهيار التسوية التي كانت قائمة بين الطرفين في الفترة السابقة.
وقد أجرى النائب السابق وليد جنبلاط مساء الثلاثاء اتصالاً بالرئيس سعد الحريري مؤكداً رفضه المطلق للحملة التي يتعرض لها موقع الرئاسة الثالثة (رئاسة الحكومة)، واستنكاره وشجبه للإهانات الشخصية التي طالت شخص الحريري بالرغم من بعض التباينات السياسية العرضية.

اذهبوا الى الجحيم

وفي هذا السياق أشار أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن إلى أن اتصال جنبلاط بالحريري هو بهدف استنكار التجريح الحاصل ورفضاً لتشويه اتفاق الطائف وضرب الرئاسة الثالثة، مؤكداً أن ضرب الطائف هو حماقة سياسية.
أضاف في مداخلة عبر «صوت لبنان»: «نقول للفريق الحاكم «اذهبوا الى الجحيم وحدكم» فنحن باقون في النضال».
وتابع:«نحن امام مأزق كبير، وعام 2016 بفعل التسوية كانت العلاقة بين الحريري وعون والنائب جبران باسيل جيدة وأتت بالحريري رئيساً للحكومة فماذا أُنجز للبنان؟ وماذا سيحصل اذاً في ظلّ الخلاف الحاصل وبهذه السياسة وبفعل التعطيل الحريري لن يستطيع تشكيل الحكومة»، مشيراً إلى «أن العهد وفريقه استطاع تدمير لبنان مستنداً إلى شعار القوة الزائفة».
وكان جنبلاط كان قد دعا الحريري في مقابلة تلفزيونية الاسبوع الفائت إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة وترك الفريق الآخر يحكم بمفرده وذلك بسبب استمرار العراقيل التي يضعها فريق رئيس الجمهورية وحزب الله.
فبالإضافة إلى عرقلة تشكيل الحكومة والاعتراض على شخص الحريري، خرجت اتهامات أخرى تطال الرئيس عون، من بينها الانقلاب على اتفاق الطائف ومحاولة إدارة البلاد عبر سلطات رديفة خاضعة لنفوذه السياسي. كان أبرزها المجلس الأعلى للدفاع، الذي يلعب اليوم دوراً تنفيذياً مباشراً في إدارة أزمة جائحة كورونا.
يذكر أن الرئيس المكلف سعد الحريري وفي زيارة لافتة، كان قد التقى في إسطنبول بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووفقاً لبيان صادر عن الرئاسة التركية، تناولت المباحثات بين الحريري وأردوغان سبل تعزيز العلاقات الثنائية العميقة، فضلاً عن التعاون في القضايا الإقليمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى