عون والحريري.. مواجهة مفتوحة وجبهتان متقابلتان
مصدر لـ القبس: الرئيس يريد استرداد صلاحياته دفعةً واحدةً

بيروت ـــ أنديرا مطر-
لم يكن الفيديو المسرَّب، من اجتماع دار بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ويتهم فيه عون الرئيس المكلف سعد الحريري بالكذب، سوى عينة عن حجم الدرك الذي بلغته السياسة اللبنانية.
فللمرة الأولى، يصل التراشق العلني إلى هذا المستوى، علمًا بأن فريق الحريري كان دائما يحيد عون عن سجالاته مع التيار الحر، مركزًا حملاته على رئيس التيار جبران باسيل.
ومنذ بث الفيديو مساء الإثنين، اندلع سجال على منصات التواصل الاجتماعي، في حين رأت شريحة واسعة من اللبنانيين أن الطبقة السياسية تثبت يومًا بعد يوم، عدم أهليتها لادارة البلاد في أسوأ مرحلة من تاريخها.
قد يكون الفيديو المسرّب بمنزلة رصاصة الرحمة على عملية تأليف الحكومة المتعثرة أصلًا، لا سيما أنه أتى غداة مؤتمر لجبران باسيل، شن فيه هجوما لاذعًا على الحريري.
المعركة اليوم أصبحت علنية ومفتوحة بين فريقين، يقول مصدر نيابي إن عون يريد أن يسترد صلاحيات رئيس الجمهورية دفعة واحدة، وأن يمسك بالقرار السياسي من دون شريك، وهذا لا يصلح إلا مع رئيس حكومة على شاكلة حسان دياب، يجلس قبالته ويهز برأسه موافقاً.
لا يستعجل عون تشكيل حكومة، رغم وضع لبنان المزري على كل الصعد، بحسب المصدر. فهو يريد حكومة، يؤمن من خلالها استمرارية حكمه، وهذا ما يرفضه الحريري حتى اللحظة متمسكًا بتكليفه، لكنه عاجز عن التأليف، وبالتالي سنبقى امام حكومة تصريف اعمال، قرارها يعود لعون وحلفائه.
وسحب ورقة التكليف من الحريري مستحيل دستورياً، إذا لم يعتذر، وهذا ما دفع باسيل للتذكير بأن كتلته النيابية قدَّمت مشروع تعديل دستوري، يحدّد لرئيس الجمهورية مهلة شهر لإجراء الاستشارات النيابية، ولرئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتأليف حكومته، وإلا فالاعتذار.
بحسب المصدر، الدستور يقف في وجه رغبة عون وفريقه بسحب ورقة التكليف من الحريري؛ لهذا قام باسيل بحملة سياسية والرئيس بحملة إعلامية «تسريب الفيديو» ممنهجة، قد تستتبع بضغط شعبي، عبر احتجاجات امام مقارّ وإدارات تابعة للحريري.
على الضفة المقابلة، استقطب الحريري حلفاءه القدامى الى المواجهة مع عون، ولم يتأخر الزعيم وليد جنبلاط في مساندة الحريري، وقد عبّر عن ذلك البيان العنيف الذي صدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي، مُدينًا تصرّفات عون وممارساته.
أما الأحزاب المسيحية المعارضة، أي القوات اللبنانية والكتائب، فتواصل يوميًا إبداء اعتراضها على سياسة عون، إلى حد دعوتها له للاستقالة. أما الرئيس برّي فمعروف أن الكيمياء مفقودة بينه وبين عون، والدور الأكبر في ردم الصدع الحكومي أو تعزيزه، بيد «حزب الله» الذي لم يقل كلمته بعد، وفق المصدر.
في المحصِّلة، فتح الصراع العلني الباب لتولد جبهتين متقابلتين، في وقت البلد في ذروة التحلل. «لبنان بحاجة الى صلاة استنقاذ، على غرار صلاة الاستسقاء»؛ بحسب الوزير السابق رشيد درباس.
«كورونا».. لا ثقة بالدولة
يدخل لبنان اليوم الخميس حالة الإغلاق المشدد، في محاولة لتخفيف أعداد الإصابات بـ«كورونا»، الذي يتفشّى حاصداً المزيد من الأرواح، «منها 32 وفاةً أمس»، في وقت ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر وصول اللقاح، و«اللقاح ينتظر القانون، والقانون ينتظر بري، وبري ينتظر اللجنة، والموت ينتظر الشعب!»، وفق إحدى القنوات.
وقد دعا رئيس المجلس إلى عقد جلسة عامة الجمعة، لدرس اقتراح القانون المعجل المكرر.
ينعكس فقدان الثقة بين الدولة والمواطنين على كل الملفات، فاللبناني لا يثق بأي قطاع عام، وبأي قضية يتولاها حتى في ملف «كورونا» الذي استعانت به الحكومة بأطباء واختصاصيين، لا سيما بعد تسريب معلومات بأن اللقاح سيُعطى أولاً للسياسيين ولموظفي القطاع العام والأجهزة الأمنية، رغم نفي هذا الأمر.
التأخُّر في توقيع العقد مع «فايزر»؛ بسبب إجراءات قانونية، يجعل من المستحيل وصول اللقاح قبل أواخر فبراير المقبل، أي أكثر من شهر، وهو يحتاج أياماً إضافية لكي يتم توزيعه، وإلى حينه سيكون هناك كل يوم عشرين حالة وفاة على الأقل. وبالتالي، تتسبَّب «الدولة» ــــ عن قصد أو عن غير قصد ــــ في وفاة مئات اللبنانيين.
ويصف وزير الصحة السابق كرم كرم ما يحصل في لبنان بأنه إجرام، وليس إهمالاً.
في الأثناء، تتوالى الأصوات المنادية بالسماح للقطاع الخاص باستيراد اللقاح، أسوة بسائر الأدوية.