أيام ترامب الأخيرة أقرب إلى نهاية «الملك لير»

ولاء عايش –
سقوط «الملك لير» وانهياره كان لأسباب داخلية وقرارات شخصية أهمها تقسيم المملكة على بناته الثلاث وميله لحب الشهوات والسلطة وكسب إعجاب الآخرين.. وفي النهاية وقع ضحية الطمع والفشل في الحكم، واستطاع بطريقة ما الهرب من فرسان قلعة دوفر واضعاً على رأسه تاجاً من القش.
الرئيس المهزوم
كالملك لير يقترب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من المشهد النهائي لمسرحية شكسيبير. الملك الغاضب يبحث عن أهداف جديدة لغضبه. وكونه لا يريد أن يصدق حقيقة أنه سيغادر أقوى منصب في العالم، يواصل سرد القصص الخيالية عن تزوير الانتخابات والذهاب إلى النهاية في تمزيق المجتمع وتعزيز الانقسامات السياسية.
لا شيء يمنع ترامب من فعل ما يفعله، يقول دانا ميلبانك في صحيفة «واشنطن بوست»، فها هو يهاجم القادة الجمهوريين الذين اختاروا أخيرًا اتباع الدستور بدلاً من الاستمرار في الانغماس في محاولاته المهووسة للانقلاب.
وما فعله أخيراً يعد وصمة عار. استخدامه الفيتو ضد مشروع قانون دفاعي بالغ الأهمية بقيمة741 مليار دولار يوفر تمويلًا للبرامج العسكرية ويمنح القوات زيادة في الأجور- بسبب ثقله الشخصي مع موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك»، ولأنه يريد الاحتفاظ بأسماء جنرالات الكونفدرالية في القواعد العسكرية.
هذا ناهيك عن انشغال الرئيس بمكافأة أصدقائه والتخلص ممن اعتبرهم غير مخلصين ومعاقبة قائمة ممن اعتبرهم أعداء، بمن فيهم حكام ولايات جمهوريون، لا أحد يعرف ما يفكر فيه هذا الرجل، من يذهب للبحث في دماغ ترامب يخرج خالي الوفاض.
ووفقاً للرئيس المنتخب جو بايدن منعت قيادة فريق ترامب الإدارة القادمة من التعرف على التهديدات الخارجية وهي نقطة ضعف قد يحاول الخصوم استغلالها..
ويقول الكاتب ميلبانك، لم نر خلال الأيام الأخيرة رئيساً مهزوماً تخلى عن كل شيء، الأمن القومي والانتخابات الديموقراطية وأي تظاهر بتولي مهام الرئاسة – فهو يفعل أي شيء لتسليط الضوء على نفسه وهذا بالضبط ما أراده، فوضى دون سياسة أو استراتيجية واضحة.
رفض الفيتو الترامبي
وللمرة الأولى في عهد الرئاسة الأميركية، صوت مجلس النواب على تجاوز الفيتو الرئاسي ضد مشروع قانون موازنة الدفاع البالغ قيمتها 740 مليار دولار، وذلك بعد تأمين أصوات غالبية الثلثين المطلوبة لعكس أي فيتو رئاسي. وصوت 322 عضواً لمصلحة تمرير مشروع القانون، من بينهم 109 جمهوريين مقابل رفض 87 عضواً. ولا يزال مشروع القانون بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين أيضاً حتى يمرر.
وكان ترامب علل رفضه القانون لأنه لم يشمل إلغاء المادة 230 التي تؤمن الحماية لأصحاب شركات الإنترنت من المضمون الذي ينشره المستخدمون، ورفض أيضاً بندًا من شأنه إزالة أسماء جنرالات قاتلوا إلى جانب الجنوب الانفصالي المؤيد للعبودية خلال الحرب الأهلية عن قواعد عسكرية أميركية. وإلى جانب ميزانية الدفاع، استخدم ترامب الفيتو الرئاسي ضد تسعة قوانين خلال ولايته، لكن الكونغرس لم يتمكن من جمع الأصوات اللازمة لإلغاء أي منها.
المحاولة الأخيرة
في محاولة أخيرة للضغط على الكونغرس من أجل عدم المصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات، حضَ ترامب مؤيديه على التجمع في واشنطن في 6 يناير،واصفًا الانتخابات مجدداً بأنها أكبر عملية احتيال في تاريخ الأمة. وكتب في تغريدة: «أراكم في واشنطن في السادس من يناير.. لا تفوتوا ذلك».
وتثير الدعوة للتجمع مخاوف من أعمال عنف جديدة بعد تظاهرة سابقة المؤيدة لترامب تعرض خلالها الكثير من الأشخاص للطعن.
استحقاق 6 يناير
يفترض أن يترأس مايك بنس نائب الرئيس الكونغرس للمصادقة على أصوات الهيئات الناخبة لكل ولاية تمثل نتائج التصويت الشعبي في الـ6 من يناير المقبل. وفي الجلسة المشتركة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ، سيقوم بنس بقراءة الوثائق الرسمية التي تعلن عدد أصوات الهيئات الناخبة من كل ولاية، ومن ثم يعلن الفائز.
ويفترض أن تكون هذه العملية، كما جرت دائما تقريباً، إجراءًا شكلياً. وكان الديموقراطي جو بايدن قد نال 306 من أصوات كبار الناخبين فيما حصل ترامب على 232 صوتاً فقط.
يذكر أن حملة ترامب قد خسرت عشرات الطعون القانونية في الكثير من الولايات التي تم التشكيك بنتائجها، وقال قاضٍ تلو الآخر أنها لا تظهر أي دليل على تزوير مهم.
ويضغط ترامب وأنصاره على بنس كي يرفض بشكل أحادي عددًا من وثائق الهيئات الناخبة في ولايات مؤيدة لبايدن، وهي صلاحية يقول خبراء قانون إن بنس لا يحظى بها.
بايدن: ترامب جعل أجهزة الأمن جوفاء
ينتظر فريق بايدن أن تنتهي فترة ترامب بسرعة من دون أن تأتي مفاجآت جديدة تحرج الرئيس القادم، فصفقات ترامب الأخيرة، تجعل بايدن يواجه صداع رأس فيما يتعلق بمشاكل واشنطن الداخلية والخارجية على حد سواء. ففيما يتعلق بأجهزة الأمن الأميركية فقد عانت أضراراً جسيمة على يد إدارة ترامب التي جعلتها جوفاء، وعلى الفريق الجديد إصلاحها في وقت لم يحصل فيه على المعلومات الضرورية بما في ذلك من وزارة الدفاع، أثناء عملية نقل السلطة.
وأضاف الرئيس المنتخب أن فريقه يحتاج إلى «صورة واضحة لوضع قوتنا حول العالم» وأن خصوم الولايات المتحدة يمكن أن يستغلوا أي ارتباك ينتج عن ذلك. وقال: «لقد لحقت أضرار جسيمة بالكثير من الأجهزة التي تعتبر بالغة الأهمية لأمننا». مضيفاً «الكثير منها فُرّغ من حيث الموظفين والقدرات والمعنويات. ولقد ضمرت عمليات السياسة أو هُمشت».
وتعهد بايدن بإعادة بناء السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مؤكداً أن هذه الأولوية من أكثر التحديات التي ستواجهها إدارته من أجل استعادة ثقة العالم في ظروف صعبة في ظل انتشار جائحة كورونا.