الإغلاق وتقييد السفر لمواجهة كورونا.. تكلفة بلا فاعلية

محرر الشؤون الدولية –
حذرت منظمة الصحة العالمية من أنه رغم شدة جائحة فيروس «كورونا» المستجد التي أوقعت أكثر من 1.7 مليون وفاة وعشرات ملايين الإصابات في غضون عام، إلا أنه يجب الاستعداد «للأسوأ»، فيما طالبت صحيفة «الغارديان» أميركا وبريطانيا بالاستفادة من تجارب دول فقيرة، ولكنها استطاعت التعامل بشكل جيد مع الوباء.
وقال مدير برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين: «هذه الجائحة شديدة الجدية، لكنها ليست بالضرورة الأسوأ». وأقر بأن الفيروس «يتفشى بسهولة كبيرة ويفتك بالبشر»، لكنه شدد على أن «معدل وفياته منخفض نسبيا مقارنة بأمراض جديدة أخرى»، مؤكداً ضرورة «الاستعداد في المستقبل لما قد يكون أسوأ».
ووافقه الرأي زميله بروس إيلوارد، مستشار منظمة الصحة، الذي اعتبر أنه رغم الإنجازات التي تحققت، لا يزال العالم بعيدا عن الجهوزية لمكافحة جائحات مستقبلية، مضيفاً: «نحن في الموجة «الثانية والثالثة» من هذا الفيروس وما زلنا غير جاهزين وغير قادرين على إدارتها».
كما أفادت دراسة أجرتها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي أن بريطانيا قد تضطر لتطعيم مليوني شخص أسبوعياً لتجنب موجة ثالثة من «كوفيد-19». ويعد فرض قيود المستوى الرابع مع تطعيم مليوني شخص أسبوعياً الحل الأمثل للسيطرة على موجة جديدة من الوباء وتقليل الضغط على القطاع الطبي.
وفي غابات الكونغو، يبحث علماء وباحثون عن الفيروس أو المرض القادم، الذي يتوقع أن يكون قابلا للانتشار بطريقة أسرع من كورونا، وأشد فتكا منه.
ويروي البروفيسور جان جاك مويمبي تامفوم الذي ساعد في اكتشاف فيروس إيبولا عام 1976 أن البشرية تواجه فيروسات جديدة مميتة ناشئة من الغابات الإستوائية المطيرة في افريقيا، محذرا من الأمراض ذات المصادر الحيوانية في المستقبل.
ويقول إنه في السابق كانت تؤخذ عينات لفحصها في أوروبا وأميركا لاكتشاف الفيروس، ولكن الوقت حاليا تغير، وأصبح العلماء الأفارقة في الكونغو أشبه بـ «حراس للتحذير من الأمراض المستقبلية».
وإذا وجد العلماء «صائدو الفيروسات» مسببات جديدة لأمراض يمكن أن تفتك في البشر إذا ما ظهرت في افريقيا، سيتاح لمختبرات الأبحاث إيجاد علاج قبل أن ينتشر المرض ويصبح وباء في كل العالم.
الإغلاق لا يجدي
وعلى وقع الأنباء عن سلالة جديدة لـ «كورونا»، وعودة بعض الدول إلى سياسية الإغلاق والحظر، تروي البيانات قصة مختلفة، إذ إن قيود السفر استطاعت المساهمة في بداية الجائحة بالحد من الانتشار، ولكن فعاليتها أصبحت أقل بكثير خلال الأشهر الماضية، وفق تقرير نشرته مجلة «نيتشر».
واعتمادا على نماذج إغلاقات الدول ونمط انتشار الفيروس بها، فإن هذا الأمر قد يكون حلا ناجحا في بداية الجائحة، ولكن بمجرد انتشارها في عدة دول، فإن هذه الجهود لن تكون ذات قيمة.
وبمراجعة 29 دراسة تتحدث عن الإغلاقات وقيود السفر في ظل «كورونا»، فإنها نظريا كانت مفيدة، وحتى عمليا كانت مفيدة على المدى القصير، ولكن مع طول فترة الجائحة، فإنها لم تصمد في تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ووفق المراجعة التي أجرتها الباحثتان، كارين جريبيان، خبيرة متخصصة بالاقتصاد الصحي في جامعة هونغ كونغ، وكيلي لي، متخصصة في الصحة العامة في جامعة سايمون فريزر في كندا، فإن تدابير الإغلاق في هذه المرحلة لن تكون فعالة، والقيود على السفر لا تستحق التكاليف الاجتماعية والاقتصادية التي تتسبب بها هذه الإجراءات.
وفي سياق متصل تعتزم اسبانيا تسجيل بيانات الرافضين تلقي التطعيمات ضد «كوفيد-19» في قائمة ومشاركتها مع دول الاتحاد الأوروبي، وقال وزير الصحة الاسباني سلفادور إيلا أن القائمة لن تكون متاحة للجمهور بغرض حماية بيانات الأفراد، وإنما فقط للسلطات في الدول الأخرى لاتخاذ تدابير مناسبة، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد للقضاء على الوباء هو تطعيم الجميع.