الشرق الأوسط
حكومة العراق مهدَّدة.. وناشطوه مُستَهدَفون

خالد جان سيز
تهديدات متلاحقة لحكومة العراق من ميليشيات مدعومة إيرانياً، من «عصائب أهل الحق» إلى «كتائب حزب الله»، وأخيراً، وليس بآخر «حركة النجباء»؛ فبالتوازي مع استهداف قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة، والناشطين العراقيين المعترضين على تدخل طهران في شؤون بلادهم، وكل ذلك يعكس مدى تحكّم أدوات إيران بمفاصل الدولة العراقية، في وقت يعاني الشعب من غياب الأمن والضغوط الاقتصادية.
وفي موازاة ذلك، لا يزال المسؤولون السياسيون في إيران والعراق يتفاوضون ويفسحون متسعاً للدبلوماسية، تجنّباً لأي تصعيد قد تستغله إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوجيه ضربة إلى إيران، تخلط الأوراق مجدداً في المنطقة.
وبينما لا تزال الأصوات الداعية إلى ضبط السلاح المنفلت وحماية أمن العاصمة بغداد والبعثات الدولية ترتفع في العراق، خرجت حركة «النجباء» المدعومة من إيران، أمس، لتهدد مجدداً القوات الأميركية في البلاد. ونقلت قناة «النجباء» الفضائية عن الناطق باسم الحركة أن «الأميركيين سيدفعون الثمن أضعافاً حتى تطهير العراق من عدوانهم».
وبالتزامن مع تهديد النجباء، شدد حسن ناظم، الناطق باسم مجلس الوزراء، على أن الوفد العراقي المرسل إلى إيران ناقش الوضع الأمني الذي تتعرّض له البلاد. كما أكد أن «هناك سلاحاً منفلتاً في البلاد بحاجة إلى مفاوضات ونقاشات».
يشار إلى أن وزير الداخلية العراقي كشف سابقاً أن القوات الأمنية أحبطت مخططا لاستهداف مراكز حيوية في بغداد، مؤكدا وضع خطة لمنع إطلاق الصواريخ وحماية البعثات الدبلوماسية.
وفشل الكاظمي حتى الآن في ضبط السلاح المنفلت، الذي تستخدمه ميليشيات عدة في تكدير الأمن وشن هجمات ترهق الدولة، وتحمّلها أعباء سياسية.
جاء ذلك بعد أن شهدت البلاد توترا ملحوظا، الأسبوع الماضي، بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وحركة «عصائب أهل الحق» الموالية بدورها لإيران، بعد أن اعتقلت القوات الأمنية أحد قيادييها المشتبه بتورطه في إطلاق الصواريخ، الأحد الماضي، على محيط السفارة الأميركية في بغداد، ما دفع أنصار الحركة إلى الخروج في مقطع مصور، مطلقين التهديدات، قبل أن يعود الهدوء إلى العاصمة، إثر وساطات دخلت على خط التهدئة، وانتشار القوات الأمنية في بغداد.
وبينما دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قبل أيام، إلى إبعاد البلاد عن الصراع الإيراني ـــ الأميركي، مجدداً دعوته، أمس، أيضا، أكد إيرج مسجدي، السفير الإيراني في العراق، أن التصعيد توقف بين بلاده وأميركا بعد الرد الإيراني على اغتيال قاسم سليماني. كما نفى أن تكون لطهران يد في قصف السفارة الأميركية، مشددا على أن بلاده لا تدعم أي جهة تقف وراء هجوم الأسبوع الماضي على المنطقة الخضراء.
لا مغامرات
بدوره، أكدت الناطق باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي أن بلاده تدين أي مغامرة في العراق، وأن من أهم أولوياتها حفظ الاستقرار والأمن في هذا البلد. وأضاف: إن واشنطن وحلفاءها يتحمّلون مسؤولية أي أعمال تخريبية وزيادة التوتر في المنطقة.
وفي وقت سابق، حذّرت إيران من تجاوز «خطوط حمر» متعلقة بأمنها في الخليج بعد تقارير صحافية عن تحرّكات لغواصة إسرائيلية باتجاه المنطقة.
من ناحيته، وعشية ذكرى مقتل سليماني، أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ضرورة مواصلة درب سليماني، مبينا أن حياته تمثّل رمزاً للتضحية، من أجل المثل البشرية.
وأفادت وكالة مهر للأنباء بأنه في كلمة ألقاها في الجلسة العلنية لمجلس الشوى، أعرب فيها قاليباف عن تعازيه الى جميع أحرار العالم بذكرى مصرع سليماني «بطل جبهات الحرب وفاتح قلوب المستضعفين».
خاتم سليماني
في سياق متصل، كشف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي كيف تيقن من خبر مقتل سليماني، موضحاً أنه هو من أعطاه الخاتم الذي ظهر في كف القائد الإيراني بصورة بعد مصرعه.
إلى ذلك، عادت عمليات استهداف الناشطين في العراق مرة جديدة إلى الضوء، وذلك بعد ساعات من تأكيد الكاظمي أنه متمسك بضمان حرية جميع العراقيين، فقد أفادت وسائل إعلام محلية باستهداف منزل الناشط كاظم حسين في حي الإسكان الصناعي في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، بعبوة محلية الصنع.
ويأتي هذا بعد عشرات عمليات الاستهداف عبر الخطف والتعذيب والقتل، التي طالت مئات الناشطين منذ انطلاق الحراك الذي عرف بـ«ثورة تشرين» في أكتوبر من العام الماضي. وغالبا ما يتهم ناشطو الفصائل الموالية لإيران في البلاد بممارسة عمليات الترهيب هذه، فضلاً عن اغتيال عشرات المتظاهرين والصحافيين من الذين شاركوا في التظاهرات.