جس نبض.. هل بدأت واشنطن وطهران التفاوض؟
حديث عن اتصالات.. وتوقّع مسار صعب بسبب تطورات المنطقة

خالد جان سيز
مع تراجع دونالد ترامب إلى الكواليس واقتراب موعد تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، الأربعاء، عاد ملف إيران النووي إلى الواجهة بقوة، خصوصاً بعد حديث دبلوماسيين غربيين عن أنها ضيّقت الفجوة إلى أقل من عام لإنتاج المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية، وتحذير دول أوروبية من تحويلها الاستخدام المدني للبرنامج النووي إلى العسكري.
الاتفاق الذي سحب ترامب بلاده منه يفكر بايدن بالعودة إليه، ضمن شروط جديدة، لكن طهران تؤكّد مضيّها في خطواتها النووية ورفضها إدراج برنامجها الصاروخي في أي محادثات مقبلة، وباتت الأعين على المفاوضات التي ستجمع واشنطن وطهران.
أبلغ مصدر مطلع في واشنطن القبس بأن «تعيين بايدن لويليام بيرنز رئيساً لـسي آي إيه، ولجاك سوليفان مستشاراً للأمن القومي يشي بأنه يريد الدخول في مفاوضات مع إيران، لأن هذين الرجلين هما من بدآ المفاوضات السرّية قبل الاتفاق النووي. كما أن إجراءات إيران المستفزة، ومنها شروعها في إنتاج معدن اليورانيوم ورفع نسبة التخصيب في منشأة فوردو إلى %20، إضافة إلى المناورات المتلاحقة، تشير إلى أنها تمهد للدخول في مفاوضات سرّية مع إدارة بايدن»، مردفاً: «في الأيام الأخيرة شهدنا لقاءات مع قنوات أميركية لمقرّبين من المرشد علي خامنئي، منهم علي أكبر ولايتي وكمال خرازي ومحمد باقر قاليباف وسعيد جليلي، وقد تحدثوا عن شروط إيران في حال دخولها مفاوضات مع واشنطن، وهذا يعني أنهم على وشك الدخول في مفاوضات، أو أنهم بدأوها فعلاً».
وعمّا إذا كان الطرفان سيصلان إلى نتيجة سريعة في المفاوضات، نفى المصدر ذلك، مبرراً: «هما الآن في أبعد نقطة من التوافق، وهناك موضوعات صعبة، ورؤى مختلفة، ولا يمكن حل كل هذه الخلافات في فترة قصيرة، ناهيك عن الموقف الأوروبي الذي بات متصلباً تجاه إيران، ويطالب بإدراج برنامجها الصاروخي وتدخلاتها في المنطقة ضمن أي تفاوض مستقبلي حول النووي، كذلك هناك موقف الكيان الصهيوني ودول المنطقة تجاه أي تسوية بين واشنطن وطهران، ولا أعتقد أنه يمكن الوصول إلى نتيجة ترضي هذه الأطراف في فترة زمنية قصيرة، ولذلك فإن المفاوضات ستكون صعبة جداً، وأصعب من مثيلتها قبل عام 2015».
صراع الأجنحة
ولفت المصدر خلال حديثه لـ القبس إلى أن «الخلافات داخل إيران والأجنحة المتصارعة وعدم الاتفاق على خليفة خامنئي الذي يعاني وضعاً صحياً سيئاً، والتراجع الاقتصادي الحاد، كل ذلك يزيد من تعقيد الأمور، ما يقوي دور المتشددين، الذين يظنون أن زيادة هجومهم على الولايات المتحدة قد تقرّبهم من نيل السلطة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، ولا اعتقد أن الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف يستطيعان الآن السيطرة على الأمور في الداخل، وإذا تسلم رئاسة إيران شخص من المتشددين فسيكون ذلك كارثة على المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي وعلى أي اتفاقات أخرى».
وكانت القناة «12» في دولة الاحتلال أفادت بأن أوساطاً أميركية رسمية أبلغت تل أبيب أن فريق بايدن شرع بالفعل في إجراء اتصالات مع إيران، بهدف العودة إلى الاتفاق النووي. وتابعت: ان الكيان الصهيوني يحاول إقناع الإدارة الجديدة بالتوصل إلى اتفاق «محسّن وطويل الأمد يتضمن أيضاً فرض قيود على الترسانة البالستية الإيرانية وأنشطة طهران الإرهابية في أرجاء العالم».
وذكرت القناة أن رئيس «الموساد» يوسي كوهين، الذي زار واشنطن الأسبوع الماضي، التقى بعض الأشخاص الذين رشّحهم بايدن لتولي قيادة عدد من الأجهزة الأمنية، بهدف توفير بيئة تسمح بتواصل العلاقة وأنماط التعاون المختلفة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
تحذير فرنسي
وفي تحذير جديد من خطورة المرحلة التي وصلت إليها طهران نووياً، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: «إيران – أقول ذلك بوضوح – في صدد بناء قدرة نووية»، مضيفاً: «هناك أيضاً انتخابات رئاسية في إيران منتصف يونيو؛ لذا من الضروري أن نقول للإيرانيين إنّ هذا يكفي، وان تُتّخذ الترتيبات اللازمة لعودة إيران والولايات المتحدة إلى اتفاقية فيينا».
وأضاف: «بخروجها من هذه الاتفاقية، اختارت إدارة ترامب إستراتيجية الضغط الأقصى. وكانت النتيجة أن هذه الإستراتيجية زادت فقط من المخاطر والتهديد؛ لذلك يجب أن نوقف هذه الآلية».
وأردف الوزير الفرنسي: «إحياء الاتفاق النووي لن يكون كافياً. سيتطلب الأمر محادثات صعبة حول الانتشار البالستي وزعزعة إيران استقرار جيرانها في المنطقة. أنا ملزم بالسرّيّة بشأن روزنامة هذا النوع من الملفات، لكنه أمر ملحّ».
وسبق تحذير لودريان تحذيرات كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا من قيام إيران بتعدين اليورانيوم، واصفة هذا الإجراء بأنه «انتهاك للاتفاق النووي».
ظريف يرد
وفي رد على لودريان، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن «الاتفاق النووي لا يزال حيا بفضل إيران»، وإن «قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا الذين هم بحاجة الى توقيع مسؤولي مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (التابع لوزارة الخزانة الأميركية) لكي ينفذوا التزاماتهم في إطار الاتفاق النووي، لم يفعلوا أي شيء للحفاظ على الاتفاق النووي».
وتابع: «هل تتذكرون مبادرة إيمانويل ماكرون التي ولدت ميتة، أو امتناع بريطانيا عن تسديد الديون المترتبة عليها وفق قرار صادر عن المحكمة؟».
بدوره، تحدث مايكل نايتس في مقال له بمعهد واشنطن عن احتمال كبير بأن يكون الانتقام الإيراني لمقتل قاسم سليماني الأزمة الأولى التي ستواجه إدارة بايدن، غير مستبعد أن تتمثل أولى مهام الرئيس الديموقراطي بالردّ على هجوم قاتل، يستهدف الأميركيين في العراق أوسوريا أو منطقة الخليج.
في سياق متصل، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قاذفتين أميركيتين من طراز «بي ـــ 52» عبرتا أجواء الكيان الصهيوني باتجاه منطقة الخليج للمرة الخامسة خلال الأشهر الأخيرة، في رسالة ردع لإيران.
في المقابل، قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري إن «القوات المسلحة الإيرانية في حالة استنفار كامل وجهوزية عالية حتى الأربعاء المقبل».