لبنان: التراخي الحكومي سبب كارثة تفشي كورونا
عراجي للقبس: الحكومة لم تتعامل بالجدية المطلوبة متذرِّعة بالوضع الاقتصادي

بيروت- أنديرا مطر-
في عاصفة «كورونا» اللبنانية، لا صرخة تعلو فوق صرخة المستشفيات والقطاع الطبي. أقسام العناية الفائقة المخصصة لمرضى «كورونا» مشغولة بالكامل. أقسام الطوارئ تخطّت طاقتها الاستيعابية، وعشرات المرضى يتكدَّسون في أسرّة داخل الممرات. الواقع على الأرض في المستشفيات الخاصة شبيه، الى حد كبير، بما شاهده اللبنانيون في بداية تفشّي الوباء في اسبانيا وإيطاليا. فلم يعد هناك سرير واحد لاستقبال أي مريض، فضلاً عن أن جميع الأطقم الطبية والتمريضية استنفذت.
لكن وزير الصحة طمأن الى أن الاتصالات قائمة على مختلف الأصعدة، لتأمين اللقاح من مصادر رسمية عدة، وخاصة بالتعاون مع كل المبادرين.
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي، أوضح في اتصال مع القبس الأسباب التي جعلت لبنان في خضم الكارثة الوبائية، وأولها التراخي الحكومي، موضحاً أن لجنة الصحة واظبت منذ بداية الأزمة على إصدار تعاميم وتوصيات، إلا أن الحكومة لم تتعامل معها بالجدية المطلوبة، متذرّعة بالوضع الاقتصادي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، هناك عدم التزام من قبل الشعب، و«المستهتر دفّع الملتزم ضريبة باستهتاره».
عراجي الذي يحظى بثقة وتقدير من معظم اللبنانيين، لما بذله من جهد في الفترة الأخيرة، توقّع استمرار ارتفاع الإصابات لأكثر من أسبوعين.
وعن احتمال تمديد فترة الاقفال، قال ان منظمة الصحة العالمية توصي بالاقفال من ثلاثة الى ستة أسابيع في حالات التفشي الواسع، ولكن بشرط تقديم مساعدات للمتضررين من الاقفال.
وامس تم توقيع العقد الذي يسمح باستيراد مليونين ومئة الف لقاح من شركة فايزر. كما ان لبنان وقّع اتقافية مع منظمة «كوفاكس»، وهي منصّة أنشأتها منظمة الصحة العالمية مع التحالف الدولي للقاحات، حيث حجز لبنان لقاحات تغطّي 20 في المئة من عدد سكانه. وهذه المنصّة تقرر اللقاح شرط أن يكون معترفاً به لدى منظمة الصحّة العالميّة، واللقاحات هي «موديرنا»، «أسترازينيكا». في المحصلة سيكون لبنان قد أمن نحو 4 ملايين لقاح على مراحل وفق عراجي.
ويشير عراجي الى ان ما يجري امام وداخل المستشفيات امر مروع، ولكن نقل الاعلام لهذه المشاهد هو امر جيد لكي يدرك مدى خطورة الحال التي وصلنا اليها. ويأسف لكون المستشفيات الخاصة لم تسهم بشكل كاف في هذه الازمة.
طبيب لكل 20 مريضاً
طبيبة الامراض الداخلية كالين رحيم تنقل معاناة الجهاز الطبي في ظل الكارثة الصحية مع تحليق عدد الإصابات وبلوغ المستشفيات طاقتها القصوى. وتقول لـ القبس «قسم الطوارئ في المستشفيات هو الأكثر انهاكا حالياً. لدينا خمسون مريضا يتلقون العلاج في الممرات. فكل طبيب يهتم بـ 20 مريضا في قسم الطوارئ ويمكنك تخيل الوضع. علما ان المريض قد يبقى في الطوارئ أسبوعا أو أسبوعين رغم حاجته لعناية فائقة في حين لا يوجد سوى 10 أسرة عناية لكورونا».
الوضع ازداد سوءا في اليوم الثاني على انتهاء فترة الأعياد، وتجلى في ارقام مخيفة هذا الأسبوع والتي ستستمر للايام المقبلة وفق الطبيبة.
«قبل فترة الأعياد كان يدخل قسم الطوارئ 24 مريضا من بينهم خمسة كورونا، اليوم لدينا 55 مريضا 40 كورونا و15 عناية كورونا».
وتتجه معظم المستشفيات الى تأجيل معظم العمليات والمراجعات غير الطارئة للتركيز على معالجة المصابين بكورونا.
وتؤكد الطبيبة امتلاء العناية الفائقة في كل المستشفيات.
ولا تقتصر معاناة الاهل على توفير سرير لمريضهم، فهم يواجهون مشقة في تأمين الادوية التي باتت مفقودة في الصيدليات او اسعارها خيالية، فحبة واحدة من دواء «ايفرميكتين» تباع اليوم بـ90 الف ليرة في حين ان سعر العلبة هي اقل من هذا السعر بكثير.
الطاقم الطبي منهك ويحتاج لالتقاط أنفاسه. تقول رحيم ان الطبيب أو الممرض الذي كان يناوب 8 ساعات أصبح يناوب 12 ساعة، وبعضهم يستدعى في يوم عطلته.
خسائر خط الدفاع الأول
11 طبيباً حتى الآن توفوا بـ«كورونا».
25 طبيباً في العناية الفائقة.
300 طبيب في الحجر.
1500 ممرض وممرضة أُصيبوا.
سياحة و«فاكسي»
الوزير السابق وئام وهاب افتتح قائمة السياسيين الذين تلقوا لقاح كورونا في الامارات العربية، ثم كرت السبحة، فنانون وإعلاميون ورجال اعمال، من بينهم المطرب عاصي الحلاني والإعلامية انابيلا هلال وآخرون.
وقام هؤلاء، ضمن هوس التقاط صور «فاكسي» (التصوير خلال أخذ اللقاح)، بنشر صور وفيديوهات لهم وهم يتلقّون اللقاح، من دون أي مراعاة لمشاعر ملايين اللبنانيين الخائفين من وصول جائحة كورونا اليهم، في وقت لا يجدون فيه حبة بنادول ولا يتأمن للمريض سرير في مستشفى ولا عبوة اكسجين.
واحدثت هذه الصور موجة انتقادات سلبية على مواقع التواصل الاجتماعي، طالت على وجه التحديد عاصي الحلاني ونجله الوليد المتهمين من قبل شريحة كبيرة من اللبنانيين بإسهامهما في نشر الوباء، بسبب حفلاتهما المكتظة ليلة رأس السنة.
وانتقد صحافيون وفنانون زملاءهم، معتبرين ان نشر فيديوهات وصور تلقيهم اللقاح وقاحة لا مثيل لها. في حين طالب كثر باعتذار من هؤلاء الفنانين عما اعتبروه تجريحا واستفزازا بحق اللبنانيين المتروكين لمصيرهم.
وعن توجه بعض الشخصيات الى دبي لأخذ اللقاح تمنى عراجي على من يملك الإمكانات لذلك ان يفعل، ولكن من دون استعراض صوره، لأن فيها ضررا نفسيا لبقية المواطنين.