آراء أجنبية

550 مليار دولار يتم «غسلها» كل عام في أميركا وأوروبا

(فورين بوليسي) – ترجمة: د. بلقيس دنيازاد عياشي –

كتبت كاثلين دوهرتي، وهي نائبة سابقة لمساعد وزيرة الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي وسفيرة سابقة للولايات المتحدة في قبرص، مقالاً في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية تتحدث فيه عن جرائم غسل الأموال في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوروبي وقالت فيه:
العالم يأن تحت وطأة الفساد، وجرائم غسل الأموال تتزايد يوماً بعد يوم، فقد كشف إحصائيات أن أكثر من 550 مليار دولار من الأموال يتم «غسلها» كل عام في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أكبر اقتصادين في العالم.
النبأ السار هذا العام هو أن تجار المخدرات والمجرمين والفاسدين قد يجدون صعوبة أكبر في غسل أموالهم، بفضل الإجراءات الأخيرة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تشدد لوائح مكافحة غسل الأموال، وتوسع المراقبة والإنفاذ.
ولكن الأهم من ذلك، جعل الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مكافحة الفساد أولوية قصوى للأمن المحلي والوطني، بينما كان الاتحاد الأوروبي قلقًا منذ فترة طويلة بشأن الأموال غير المشروعة وغير الخاضعة للضريبة.
لا يمكن لأي من الطرفين التصرف بمفرده بشأن هذه المشكلة العالمية، وهناك حاجة إلى عمل منسق لإغلاق الملاذات الآمنة للجهات التي تقوم بغسل الأموال، لذلك يجب أن تكون على رأس جدول أعمال إدارة بايدن خطة عمل عبر الأطلسي لمكافحة الفساد، والتي من شأنها أن تساعد في إعادة بناء العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع تعزيز أمن الدول على جانبي المحيط الأطلسي.

بعض الأمثلة

الولايات المتحدة هي واحدة من أكبر الملاذات في العالم للأموال غير المشروعة، وواحدة من أسهل الأماكن لتكوين شركات وهمية مجهولة الهوية، والتي يجب أن تكون في قلب جهود مكافحة الفساد.
وبعض الأمثلة عن غسل الأموال، لسنوات عديدة تحايل النظام الإيراني على العقوبات الأميركية واستخدم شركة مجهولة لشراء ناطحة سحاب في الجادة الخامسة في نيويورك بقيمة تصل إلى مليار دولار وتحصيل ملايين الدولارات من الإيجار.
خلال التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استخدم تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت -المعروف باسم تاجر الموت- ما لا يقل عن 12 شركة وهمية في ديلاوير وفلوريدا وتكساس لنقل الأموال المتعلقة بشبكة تهريب الأسلحة الخاصة به.
قامت أكبر عصابة للمخدرات في المكسيك، «سينالوا»، بغسل ملايين الدولارات من عائدات المخدرات سرًا بعد شراء مزرعة خيول، بعد غسل الأموال المسروقة من بنك في كييف من خلال شركات مجهولة في أوروبا، واستخدمت شركات وهمية أميركية لشراء عقارات أميركية و الأعمال؛ تبلغ قيمة ممتلكات كليفلاند وحدها 70 مليون دولار.

نقطة تحول
ولكن هذا العام يجب أن يكون نقطة تحول، وذلك بسبب جهود إدارة بايدن المخططة لمكافحة الفساد والخطوة الرئيسية الأخيرة التي اتخذها الكونغرس الأميركي لكبح جماح الشركات الوهمية.
تضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، الذي تم تمريره ضد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب حق النقض بدعم من الحزبين في الأول من يناير، قانون شفافية الشركات (CTA) الذي سيتطلب للمرة الأولى من ملايين الشركات المسجلة في الولايات المتحدة الإبلاغ عن ملكيتها الحقيقية، إلى شبكة إنفاذ الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية (FinCEN).
يجب أن يجعل هذا الإجراء من الصعب على المجرمين والفاسدين إنشاء شركات وهمية مجهولة لإخفاء أموالهم، في حين أن القانون الجديد لا يسمح إلا بالوصول إلى سجل الملكية الفيدرالية لأجهزة إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات والهيئات التنظيمية الفيدرالية – ولكن ليس المنظمات غير الحكومية لمكافحة الفساد أو المحققين الأجانب أو الأفراد – فهو أول تشريع مهم لمكافحة غسيل الأموال في الولايات المتحدة في عقدين.
وقد دعم تحالف من البنوك والشركات الأخرى، وسماسرة العقارات، وخبراء الأمن القومي، وجماعات مكافحة الاتجار بالبشر، والزعماء الدينيين، والمسؤولين الحكوميين في الولاية، والغرف التجارية هذا التشريع الهام.
إلى جانب الولايات المتحدة، تشترك أوروبا في ميزة كونها مركزًا عالميًا لغسيل الأموال.
أمام وزارة الخزانة الأميركية الآن عام واحد لإصدار اللوائح ذات الصلة، بمجرد أن تصبح في مكانها، سيتعين على العديد من الشركات الكشف عن الاسم وتاريخ الميلاد والعنوان ورقم رخصة القيادة أو جواز السفر للمالكين المستفيدين من الشركة.
في حين يمكن تزوير هذه المعلومات، فإن الشركة التي تقدم معلومات كاذبة ستواجه عقوبات مدنية وجنائية، لكن نقطة ضعف هذا التشريع هو أن الشركات القائمة سيكون أمامها عامين آخرين للامتثال لهذا الأمر بمجرد تطبيق اللوائح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى