لبنان: الرئيسان يلتزمان الصمت وتأوّهات الشعب اللبناني تعلو

جان ماري توما-
توجّهت الأنظار اللبنانيّة يوم الإثنين نحو القصر الجمهوري، لمعرفة رأي رئيس الجمهورية ميشال عون من دعوة البطريرك الماروني إليه لإقامة لقاء مع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، بهدف إطفاء نيران المشاحنات الكلاميّة والإتفاق على صيغة لتشكيل الحكومة.
كَثُرَت المصطلحات في اليومين الأخيرين وملأت نشرات الأخبار: يدعو البطريرك بشارة بطرس الراعي الرئيسين لعقد «اجتماع مصالحة» للاتّفاق على تشكيل «حكومة إنقاذ»، والتعامل مع أزمات البلاد المتعدّدة.
بعد التوترات المتصاعدة بين رئيس البلاد والرئيس المكلّف، بسبب مقطع فيديو مسرّب ظهر فيه عون وهو يصف الحريري بالكاذب بشأن عملية تشكيل الحكومة، أعرب العديد من السياسيين عن مخاوفهم من احتمال رفض دعوة البطريرك الراعي.
ونذكّر، أنّ البلد الذي مزّقته الأزمات، يغرق في مأزق وزاري مطوّل يزيد من حدّة عواقب الاقتصاد المنهار والاستقرار الهَشّ.
يلتزم الرئيسان الصمت
لم يصدر أي تعليق يوم الاثنين من مكتب الرئيس عون، بعد يوم من إعلان الراعي الدعوة لعقد «اجتماع مصالحة». وقال مصدر من قصر بعبدا إلى موقع «ديلي ستار»، أن موقف عون سيُعرف بعد عودة الحريري من رحلته الخارجية: «لا أعرف ماذا سيكون موقف الرئيس من دعوة الراعي».
بالمثل، لم يصدر أي تعليق فوري من الحريري بعد عودته إلى بيروت.
وردًّا على سؤال عما إذا كان الحريري سيقبل دعوة الراعي لعقد «اجتماع مصالحة» مع عون، قال مصدر مقرب من رئيس الوزراء المكلّف، يوم الإثنين: «الدستور يحكم العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء».
المسؤولون يضربون بالمبادرة الفرنسيّة عرض الحائط
تمشي المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان في طريق مسدود بعد فشل القادة اللبنانيين المتنافسين في الاتفاق على تشكيل سريع لـ «حكومة ذات مُهمّة»، تهدف إلى تنفيذ عدد كبير من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية المنصوص عليها في المبادرة.
يعيش الشعب اللبناني اضطرابات إجتماعيّة نتيجة الأزمة الإقتصاديّة، ما يضع نصف سكّان البلاد تحت خطّ الفقر. وبعد إنفجار مرفأ بيروت الذي شرّد 300 ألف شخص وأخذ أرواح 200 ضحيّة، تمسّك اللبنانيّون بالمبادرة الفرنسيّة واستقبلوا ماكرون وكأنّه مخلّصهم، ولكن يبدو أنّ السياسيّين يدقّون مسامير نعش المبادرة.
محاولة بعض الأطراف لسدّ الفجوة
في غضون ذلك، بينما يتعرّض رئيس مجلس النواب نبيه بري لضغوط بهدف التدخل والمساعدة في كسر الجمود الوزاري الذي يدخل شهره السادس، يستعد وسطاء آخرون لرَأب الصّدع بين عون والحريري بشأن تشكيل الحكومة.
قال مصدر سياسي إن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، حليف عون والتيار الوطني الحر برئاسة جبران بسيل، يقرّر التوسّط لسدّ الفجوة مع الرئيس الحريري.
وأضاف المصدر أن رئيس الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، سيكون على اتصال مع كل من عون والحريري لتسهيل تشكيل الحكومة، وفق ما ورد في موقع «ديلي ستار».
كما نقل زوّار عن بري قوله، إنه ينتظر هدوء التوترات بين عون والحريري قبل التدخّل. هذا ما أكّده أيضًا، النائب محمد خواجة، أحد أعضاء كتلة بري البرلمانيّة «التنمية والتحرير».
أخيرًا، عمّق الفيديو المسرّب أزمة الثقة بين الزعيمين وزادت التوترات السياسية في البلاد. كان من المقرّر تشكيل حكومة تتضمّن 18 عضوًا من الخبراء غير الحزبيّين لتنفيذ الإصلاحات اللازمة بشكل عاجل، وبالتالي إطلاق مليارات الدولارات من المساعدات الدوليّة الموعودة للدولة التي تقف على مهوار انهيار اقتصادي شامل.
ولكن الخلافات الطائفيّة والتحاصص السياسي، أقوى من محاولات الإنقاذ.