تقارير

تهديد صحي وأكاديمي.. يلاحق ملايين الأطفال في لبنان

علي حمدان –

يهدد الإقفال العام الذي يعيشه لبنان إثر خروج جائحة كورونا عن السيطرة، صحة وأمن ملايين الأطفال لا سيما في الأحياء والمناطق الأكثر فقراً، بحسب صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية.

معاناة هؤلاء تبدأ مع عدم تمكن أهاليهم من تأمين الطعام والأدوية وحاجياتهم الأساسية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد، وقرار إقفال المدارس حتى نهاية فبراير القادم، يؤثر سلباً على تحصيلهم الأكاديمي.

لم تستطع العائلات المتعففة من التبضع قبل دخول قرار الإقفال حيز التفيذ، وشراء المؤن الضرورية لمدة عشرة أيام، نظراً لشح مواردهم المالية من جهةن وغلاء الأسعار الجنوني من جهة أخرى، وعليه أعلنت منظمة «سايف ذا تشيلدرن» عن قلقها على مصير أكثر من مليوني طفل، سيكونون عرضة للجوع وسوء المعاملة في لبنان، بحسب تصريحات المنظمة.

عدد وجبات يومية أقل

«عندما أذهب إلى الدكان أقوم بشراء ما أحتاجه ليوم واحد، لا أستطيع شراء مؤن لأسبوعٍ أو شهر»، يقول سليم، أبٌ لطفلين، اضطر لإقفال صالون الحلاقة، مصدر رزقه الوحيد، بسبب الإقفال العام المفروض منذ أيام.

«لن أتمكن من شراء المؤن الضرورية لفترة الأيام العشرة القادمة لأنني أعتمد على المبلغ الذي أجنيه يومياً لشراء حاجياتي، عندما أجني مالاً وفيراً أقوم بشراء الكثير من الأغراض، لكن في الأيام التي لا يشهد فيها صالوني، إقبال عددٍ كافٍ من الزبائن لا أقوم بشراء شيئ، أشعر بالخوف من الأيام القادمة في حال قرروا تمديد الإقفال، كيف سأتدبر أمري»، يقول سليم مختتماً حديثه للصحيفة الإيطالية.

لجأت عائلات كثيرة على مدى الأشهر الأخيرة إلى منظمة سايف ذا تشيلدرن في لبنان، طلباً للمساعدة بعد انهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار بشكل هستيري، مما اضطرهم إلى التقشف في يومياتهم، وتناول عدد وجبات أقل.

منظمة «سايف ذا تشيلدرن» حذرت خلال حديثها للصحيفة، من أن الإقفال العام سوف يرخي بظلاله على العائلات الأكثر فقراً في لبنان، الذين سيلجأون إلى التقليل من كمية الأغذية التي يتناولونها يومياً، مما سيجعلهم عرضةً لمشاكل صحية ونفسية، لا سيما الأطفال منهم.

المدارس مقفلة حتى آخر فبراير

للمرة الثالثة على التوالي تقفل المدارس أبوابها، بسبب الإجراءات الوقائية والرامية إلى السيطرة على تفشي فيروس كورونا.

عدم ذهاب الأطفال إلى مدارسهم يعني توقف تحصيلهم الأكاديمي، مما سيدفع بالكثيرين منهم إلى ترك المدرسة أو نسيان ما تلقوه منذ بداية العام الدراسي حتى الآن، ناهيك عن الضغوط النفسية التي سيعيشونها في منازلهم بين جدرانٍ أربعة وفي ظل ظروفٍ مادية واجتماعية غير صحية.

وفيما يخص المدارس التي اعتمدت نظام التعليم، أشار تقرير الصحيفة إلى أن الكثير من الطلبة لن يتمكنوا من متابعة دروسهم عن بعد، لعدم امتلاكهم لهواتف ذكية أو أجهزة كمبيوتر، ناهيك عن العائلات الغير قادرة على تحمل تكلفة الاشتراك الشهري بخدمة الإنترنت.

ومن المشكلات التي يواجهها الطلاب في نظام التعليم عن بعد في لبنان هو الانقطاع شبه الدائم للكهرباء، فالحكومة اللبنانية لا تزود البلاد بالتيار الكهربائي كما يجب، وعلى الأهالي تحمل تكاليف مولَد كهربائي من أجل تشغيل حواسيبهم، وهو أمر غير متاح لكثر.

معاناة أطفال العائلات الأقل حظاً قد تدفع بهم إلى سوق العمل مبكراً، لإعالة ذويهم وتركهم للدراسة، وهو ما حذرت منه المنظمة المذكورة.

«تقوم إحدى بناتي باستخدام هاتف زوجتي من أجل متابعة دروسها عن بعد، لا نمتلك سوى هذا الهاتف وليس بمقدورنا شراء هاتف آخر»، يقول آدم، المواطن اللبناني الذي اضطر إلى حرمان ابنته الثانية من الدراسة لعدم تمكنه من شراء هاتف محمول لمتابعة صفوفها ودفع الأقساط المدرسية لها ولأختها.

آدم ليس الأب اللبناني الوحيد الذي تعثرت أحواله مع دخول البلاد أزمتها الاقتصادية والمالية، خاصة أن عدم تسديد أقساط الأبناء المدرسية أصبحت سمة عامة في البلاد.

قصصٌ حزينة

تقول جينيفر مورهيد مديرة مركز منظمة «سايف ذا تشيلدرن» في لبنان: «يمكنك استشعار ثقل الإقفال  العام هذا في كل زاوية وفي كل منزلٍ، فخلف الأبواب المغلقة قصصٌ حزينة وفي الطوابير أمام الجمعيات والأفران قصصٌ حزينة أخرى، النضال من أجل التمكن من عيش كل يوم بيومه أصبح مهمة ملايين الأطفال اللبنانيين وعائلاتهم».

وتضيف: «وناهيك عن سوء التغذية التي سيتعرض لها هؤلاء، فإن انقطاع الأطفال عن مدارسهم خلال هذه الفترة أمرٌ خطير، يجدر بنا تزويدهم بالدفاتر والأقلام والكتب وكل ما يضمن سيرورة العملية التعليمية في منازلهم».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى