
غادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب واشنطن للمرة الأخيرة كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، متعهداً بالعودة قريباً إلى البيت الأبيض.
مراسم وداع رسمية جرى تنظيمها للرئيس الـ 45 للولايات المتحدة في قاعدة أندروز بولاية ماريلاند، تزامناً مع انطلاق مراسم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن بالصلاة في كاتدرائية سانت ماثيوز.
مروحية عسكرية أقلّت ترامب في رحلته الأخيرة من البيت الأبيض إلى قاعدة أندروز، وشملت المراسم الخاصة بوداع ترامب موكباً فخماً ومظاهر احتفالية وفرقة عسكرية وسجادة حمراء وتحية عبر إطلاق 21 طلقة مدفعية، إيذاناً بنهاية عهده.
وألقى ترامب كلمة قال فيها: «تشرّفت بأن أكون رئيساً للولايات المتحدة 4 سنوات، لدينا أعظم دولة وأعظم اقتصاد في العالم، واجهتنا العديد من العقبات، وتم تجاوزها، ما أنجزناه كان ممتازاً بكل المعايير، لقد أعدنا بناء الجيش الأميركي، وأقول إلى اللقاء، وسنعود بطريقة أو بأخرى». وتمنى ترامب النجاح والتوفيق للإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن.
ثم أقلت طائرة ترامب إلى مقر إقامته، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، حيث لا يوجد شيء مقررا في الوقت الحالي.
وفي وقت أعلن الرئيس المنتهية ولايته عزمه عدم حضور حفل تنصيب بايدن، ليصبح رابع رئيس أميركي يفعل ذلك.
ولم يحضر نائب الرئيس مايك بنس حفل وداع ترامب في قاعدة أندروز الجوية، إذ حضر في الوقت نفسه حفل تنصيب الرئيس جو بايدن ونائبته كمالا هاريس.
وقال مساعدو بنس لصحيفة «واشنطن بوست» إنه سيكون من الصعب حضور الحفلين معاً.
ونشر بنس عدداً من الصور في تغريدة وداع لمنصبه، باعتباره نائبا لترامب، ولم يظهر ترامب فيها.
ولم يلتق بنس بترامب منذ 6 الجاري، إلا عقب اقتحام مبنى الكونغرس، إذ التقاه في البيت الأبيض ساعة تقريباً.
وبعد حضور مراسم التنصيب، سافر نائب الرئيس وزوجته كارين إلى منزلهما في ولاية إنديانا. ولا يزال من غير الواضح إن كان بنس يعتزم الترشح لمنصب الرئاسة مرة أخرى.
العفو عن 73
وقبل ساعات من مغادرته منصبه، أصدر ترامب عفواً عن 73 شخصية، بينهم مستشاره السابق ستيف بانون، كما خفف العقوبة عن 70 آخرين. ومثل هذا العفو الجماعي يعتبر تقليداً رئاسياً يعود الى حقبة الرئيس جورج واشنطن.
ورغم أن هذا العدد الكبير يعتبر صغيراً مقارنة مع رؤساء آخرين، لكن نوعية المعفى عنهم هي التي ربما قد تثير الجدل والانتقادات والاتهامات بالمحاباة والمحسوبية.
لكن لا ترامب ولا أقرباءه وردت أسماؤهم على اللائحة، وسط تكهنات أشارت إلى أنه قد يعمد الى استخدام هذا التكتيك من العفو الوقائي لصد اتهامات قد توجه ضده في المستقبل.
وكان بانون (66 عاماً) أحد مهندسي حملة ترامب الرئاسية في 2016 قبل أن يطرده الملياردير الجمهوري. وحصل على العفو الرئاسي بينما يواجه تهمة اختلاس أموال، كانت مخصصة – حسبما يُعتقد – لبناء جدار عند الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب أصدر قراراً بالعفو عن مستشاره السابق في اللحظة الأخيرة، بعدما تحدث معه هاتفياً. وأوضحت أن العفو الرئاسي من شأنه أن يلغي التهم الموجهة إلى بانون في حال إدانته.
ومن بين الأشخاص الذين تم العفو عنهم جامع التبرعات السابق إليوت برويدي، الذي رفع دعوى قضائية ضد حملة ضغط غير قانونية.
وتشمل اللائحة أيضا مغني الراب الأميركي ليل واين، الذي أقر بذنبه الشهر الماضي بحيازة سلاح ناري، وهي جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن عشر سنوات.
وصدر عفو عن مغني راب آخر هو كوداك بلاك بعدما كان سجن بتهمة الإدلاء بإفادة كاذبة، فيما تم العفو أيضاً عن عمدة ديترويت كوامي كيلباتريك الذي حكم عليه في 2013 بالسجن 28 عاماً في سجن فدرالي بتهم فساد وابتزاز.
وتشمل اللائحة أيضا أشخاصاً غير معروفين كثيراً، بينهم ستيف بوكر. وقال بيان البيت الابيض: «قبل نحو ثلاثين عاماً، اعترف بوكر بذنبه في انتهاك قانون لايسي الذي يحظر تهريب الاحياء البرية».
ويأتي العفو بعد سلسلة قرارات عفو أخرى صدرت أواخر السنة الماضية، شملت حلفاء لترامب، مثل مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، وبول مانافورت، وروجر ستون، وجورج بابادوبولوس، وأليكس فان دير زوان.
وهؤلاء الاشخاص الخمسة كانوا إما اعترفوا بذنبهم أو أدينوا في محاكمات، نتيجة تحقيق المدعي الخاص روبرت مولر، في ما إذا كان فريق ترامب أجرى اتصالات مع روسيا خلال حملة 2016.
وكان فلين الجنرال السابق اعترف في 2017 بأنه كذب على الشرطة الفدرالية بشأن اتصالاته مع دبلوماسي روسي. لم يتم النطق بالحكم عليه بسبب العديد من التقلبات في هذه القضية المسيسة جداً.
رفع السرّية
في سياق متصل، أمر ترامب برفع السرّية عن ملف من الوثائق المتعلقة بتحقيق «مكتب التحقيقات الفدرالي» (إف بي آي) بشأن «التدخل الروسي»، الذي أدى إلى تحقيق مطوَّل في حملته الرئاسية لعام 2016.
وأفاد ترامب – الذي ظل لفترة طويلة يحاول إثبات أن الديموقراطيين سعوا لاستخدام التحقيق لإطاحته – في مذكرة بأنه تم إجراء بعض أعمال التنقيح على الوثائق من أجل السماح بالكشف عنها.
وكان توصل تحقيق قاده المدعي الخاص روبرت مولر إلى استنتاج أكد «عدم دخول روسيا وحملة ترامب في أي تآمر خلال فترة انتخابات 2016»، إلا أنه لم يدحض المزاعم حول محاولات السلطات الروسية التأثير في سير الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولايات المتحدة، ما نفته موسكو مراراً.