تحليلات

مؤتمر تأسيسي لإنقاذ لبنان.. بمسعى فرنسي!

باريس تكثف اتصالاتها لكسب تأييد واشنطن والرياض وتعوّل على بايدن

بيروت – القبس

تجاوزت أزمة لبنان السياسية ملف تشكيل الحكومة إلى ما هو أبعد منه. فإجهاض المبادرة الفرنسية، وسقوط المساعي المحلية التي قادتها مراجع دينية وأمنية – في وقت يشهد لبنان انحداراً اقتصادياً واجتماعياً وصحياً مخيفاً – باتا يحتمان إعادة نظر في تركيبة النظام اللبناني ككل.

وفق مصادر خاصة بـ القبس فإن أداء الطبقة السياسية الحالية، في مواجهة الأزمات المتداخلة والمستفحلة منذ نحو عام، بدءاً بانفجار الأزمة المالية – النقدية مروراً بكارثة انفجار مرفأ بيروت وصولاً إلى تعقيدات مسار التأليف، أرسى قناعة سياسية محلية وإقليمية باستحالة إنجاز إصلاح حقيقي يقود لبنان إلى سكة النهوض.

المصادر تحدثت عن اتصالات ومحادثات مكثفة تجري بين دول حريصة على عدم سقوط لبنان. وتقود فرنسا هذه الاتصالات لارتباطها التاريخي والوجداني بلبنان، بدعم وتوافق مع الفاتيكان، الذي زاره البطريرك الماروني في نوفمبر الماضي، حاملاً معه الملف اللبناني، والمخاطر والتحديات التي يواجهها لبنان، في ظل التطورات الإقليمية والأزمة السياسية الداخلية، خصوصاً تشكيل الحكومة اللبنانية.

وتابعت المصادر أن التواصل الفرنسي بشأن الأزمة اللبنانية سيتعزز مع الولايات المتحدة الأميركية بعد تسلم الرئيس بايدن، خصوصاً بعد تجربتها غير المشجعة مع الرئيس ترامب، الذي تحمله جزءاً من المسوؤلية عن إخفاق مبادرتها في لبنان.

وعمّا إذا كان الطرح الفرنسي يأتي استكمالاً للمبادرة الفرنسية، قالت المصادر «إنها تسوية سياسية قوامها تغيير النظام اللبناني والصيغة التي أثبتت أنها لم تعد ناجعة».

«تأسيسي إنقاذي»

أولى الخطوات العملية للطرح الفرنسي ستتمثل في انعقاد مؤتمر في لبنان أو ربما خارجه، وسيكون له طابع تأسيسي إنقاذي، بعناوين عدة أهمها: طرح مسألة سلاح حزب الله ضمن استراتيجية دفاعية متطورة. وستنجم عنه إصلاحات جذرية وتعديلات دستورية قد تصل إلى المثالثة في لبنان. وهذا كان قد طُرح في مؤتمر سان كلو الذي عقدته فرنسا وجمعت فيه ممثلي الموالاة والمعارضة اللبنانية عام 2007.

وتضيف مصادر القبس أن التعديلات الدستورية يمكن أن تشمل صلاحيات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء.

أمّا نجاح هذا المؤتمر فسيفتح الباب أمام تدفق المساعدات المالية التي يحتاج إليها لبنان للخروج من أزمته المالية، ولإعادة إعمار مرفأ بيروت الذي دمره انفجار الرابع من أغسطس 2020.

ومن المعروف أن حصول لبنان على مساعدات وقروض لن يتم بلا موافقة أميركية، لما لواشنطن من دور في صندوق النقد الدولي، ومع المملكة العربية السعودية التي لطالما كانت تساهم في مساعدة لبنان مع دول خليجية أخرى.

لكن المصادر تشير إلى أن موقف السعودية المنكفئة حالياً عن لبنان بسبب ارتكابات حزب الله واعتداءاته في الخارج والداخل وتنفيذه للسياسات الإيرانية لا يزال رافضاً لدعم أي سلطة يشارك فيها حزب الله. وعلى هذا الصعيد تسعى فرنسا لبعض الترتيبات.

أما الفاتيكان – تكشف المصادر – فهو إيجابي حيال التحرك الفرنسي. ويسهل كل خطوة تنقذ لبنان، بلد الحضور المسيحي الأكبر والأفعل في المنطقة. وهو حريص على التعددية اللبنانية وعدم هجرة المسيحيين.

الفرصة الأخيرة

وفق هذه المعطيات، فإن التحرك الفرنسي يبدو الفرصة الأخيرة أمام اللبنانيين، وكذلك أمام الجهات الخارجية الحريصة على عدم تفتت هذا الكيان. لكن نجاحه رهن بدعم الأميركيين والسعوديين بصورة خاصة، علماً أن الاتصالات الفرنسية لم تستثن طهران وحزب الله من دون أن تتضح مقاربتهما لهذه التسوية. لكن العامل الحاسم في إنجاح التسوية الفرنسية، وفق المصادر، هم الأميركيون، وهو ما يعول عليه الرئيس الفرنسي مع مجيء إدارة بايدن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى