20 يناير… الحدث الذي سيغيّر سياسة العالم

جان ماري توما-
في الولايات المتحدة، «السنة الجديدة» ستبدأ من 20 يناير. سيكون تنصيب جو بايدن، أكبر تغيير لأميركا خلال الفترة المقبلة. إنّه أكثر من انتقال معتاد للسلطة بين رئيسين أو التناوب الكلاسيكي بين الحزبين الأمريكيَّين الرئيسيَّين، سوف يمثل تطبيعًا معينًا للحياة السياسية.
مرّت أربع سنوات ناريّة تحت قيادة دونالد ترامب، هذا الرئيس التي انقسمت الآراء حول شخصيّته. انقسام لم يحصل بهذا الزخم من قبل في أميركا.
يَعِد عصر بايدن بعودة الهدوء. رغم أنّ التغييرات التي حدثت في الأشهر الأخيرة عميقة للغاية، فالطعن الشرس في نتائج الانتخابات من قبل الرئيس المنتهية ولايته، الذي لا يزال يدّعي أنه حُرم من الفوز بسبب التزوير الواسع، فضلًا عن انعدام الثقة، الأقوى من أي وقت مضى بين الديمقراطيين والجمهوريين، لا يبشّر بالخير لمشهد سياسي سلمي.
الأزمات الإقتصاديّة والصحيّة
على الصعيد الداخلي، لن تضطّر إدارة بايدن الجديدة إلى اختيار الملفات الأكثر إلحاحًا: سيتعيّن عليها أن تواجه بمجرد تولّيها السلطة الأزمة الصحية والاقتصادية المزدوجة التي تشكلت في نهاية ولاية سلفها. في كلا المجالين، الأمل موجود. تمت الموافقة بالفعل على لقاحات ضد فيروس كورونا، التي تم تطويرها بسرعة غير مسبوقة من قبل العديد من المختبرات الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، وانطلقت عمليّة توزيعها. إن التحدي اللوجستي المتمثّل في توصيل جرعتين من اللقاح إلى 330 مليون شخص في دولة ليس بالأمر السهل، ولكنه أمر تديره الولايات المتحدة عادة بشكل جيد إلى حد ما.
الولايات المتحدة تتأمّل إنهاء انتشار الوباء بنجاح خلال العام، ثمّ يأتي التعافي السريع في النشاط الاقتصادي.
على الصعيد الإقتصادي، رغم استهتار ترامب بالفيروس وتداعياته الصحيّة، أدّت سرعة رد فعل الدولة الفيدرالية الإقتصاديّة، والمساعدات الموزّعة على الأسر، وإعانات البطالة، إلى تجنّب الركود، مما رفع الآمال في انتعاش سريع للاقتصاد بمجرد السيطرة على الوباء، وفق ما ورد في موقع «لو فيغارو» الفرنسي.
كما أنّ إدارة بايدن ستعيد تشغيل أقسام كاملة من الحكومة الفيدرالية، المهملة أو تلك التي يعاملها دونالد ترامب كخصم.
عالم جديد
ستكون عودة الولايات المتحدة، بصورتها الجديدة، إلى الساحة الدولية تغييرًا كبيرًا آخر في عام 2021. من المتوقّع أن تعود الدبلوماسيّة الأميركية منفتحة مرة أخرى على التعاون مع حلفائها، واستعادة مكانتها في المؤسسات الدولية والاتفاقيات متعددة الأطراف الرئيسيّة. فالولايات المتحدة دورها مركزي في اللعبة السياسية العالمية.
الحلّ الوسط هو الأفضل. ما يعني، أنّ الميول الانعزالية الأميركية، التي شهدها العالم في عهد أوباما، والتي دُفعت إلى نوباتها في عهد دونالد ترامب، يجب ألا تختفي تمامًا.
خاصةُ وأنّ الساحة الدولية لم تعد تشبه مشهد السنوات الماضية. أدت الاضطرابات التي حدثت في عام 2020، والتي شهدت وباءً أدّى إلى توتّرًا تجاريًّا دوليًّا، فضلًا عن توتّر آخر في العلاقات بين الصين وأميركا، إلى نظام عالمي جديد يتميّز بالتنافس بين قوّتين عظمتين.
وبالتالي، إن إعادة تعريف العلاقات مع بكين- التي يمكن القول أنها الموضوع الوحيد الذي يتّفق عليه الجمهوريون والديمقراطيون- يجب أن يشغل الإدارة الجديدة في الأشهر المقبلة.
كما انّ جو بايدن وعد بإعادة إدخال الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ، ما سيعاود التعاون والتواصل الأوروبي-الأميركي على وجه الخصوص.
مسألة الشرق الأوسط
تبقى مسألة الشرق الأوسط، التي تطوّرت بشكل كبير خلال سنوات ولاية ترامب، مع عزلة وإضعاف إيران، وهدوء ملحوظ في العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي، ملفًا مهمًا، حتى لو فقد جزءًا من تركيز الولايات المتحدة. جو بايدن عليه أن يقول كلمته بخصوص القضيّة الفلسطينيّة، كما أنّ الإتفاق النووي الإيراني سيدخل بالتأكيد ضمن أجندته المستعجلة. وهل ستستمرّ العقوبات الأميركيّة بالتنقّل بين تركيا، روسيا، إيران وأطراف من لبنان؟
أخيرًا، لقد أثّرت الإضطرابات التي حدثت العام الماضي بعمق على الولايات المتحدة، داخليًا وخارجيًا. لقد كشفت عن نقاط ضعف مقلقة، لا سيما على مستوى الحكومة الفيدرالية. لكن هذه الإضطرابات أشارت أيضًا إلى موارد البلاد الهائلة وقدرتها على الاستجابة في أوقات الأزمات. بعد مأساة كوفيد، قد يكون عام 2021 انتعاشًا لأميركا.