تحليلات

في سابقة تاريخية.. لويد أوستن «سيد البنتاغون»

الجنرال الأسمر حارب «القاعدة» و«داعش».. ويعرفه العراقيون جيداً

ولاء عايش

بعد تنفّس الولايات المتحدة الصعداء عقب تنصيب الرئيس جو بايدن، هناك من يراهن على قوة وسلطة الرئيس الجديد في سرعة تنفيذ قراراته ووعوده التي قطعها خلال الحملة الانتخابية وقسم اليمين، وهناك من يأمل بأن يستطيع تحقيق توقعات الشعب الأميركي بإعادة البلاد سيدة العالم، بعد أن باتت شبه عاجزة عن حلحلة مشكلات داخلية مستعصية.

إلى جانب التغيير الجذري الذي أجراه سيد البيت الأبيض الجديد عبر إضافة لمسات خاصة وشخصية وإزالة كل ما له علاقة بالرئيس السابق، بدأ بايدن مرحلة الجد ومراجعة القرارات وتعديل بعضها، مستنداً إلى فريق قديم يعرف خبايا تلك الملفات في السياسة وفي الأمن، على رأسه سيد البنتاغون الجديد لويد أوستن، أول أميركي من أصول أفريقية يتولى هذا المنصب الحساس في تاريخ أميركا بعد أن وافق مجلس الشيوخ على تعيينه.

الإدارة الجديدة أعلنت أنها ستُراجع اتفاق السلام الذي أبرمته الحكومة الأفغانية مع حركة «طالبان» العام الماضي، الذي يقضي بسحب القوات الأميركية من كابول في موعد أقصاه مايو 2021، كما أنها مطالبة أيضاً بالتعاطي مع الملف العراقي بنظرة مختلفة جديدة، أبرزها تغيير خطة ترامب بسحب القوات من هناك، نتيجة التحديات التي لا تزال قائمة، أبرزها خطر عودة «داعش» وخطر ميليشيات إيران التي تهدد المسار الديموقراطي في العراق، وأوستن الذي قاد القوات الأميركية هناك يعرف خبايا وتفاصيل قد تساعد في اتخاذ القرار الصائب.

وبالعودة إلى «طالبان»، فقد ذكر مسؤول أميركي أنّه ستتم مراجعة اتفاق للوقوف على موضوعات قطع الحركة علاقاتها مع الجماعات الإرهابية، والحد من العنف في أفغانستان، وما إذا كانت هناك حاجة لدى واشنطن لإجراء مفاوضات ذات مغزى مع الحكومة الأفغانية وأصحاب المصلحة الآخرين، كما أكد ضرورة تقييم الفرص التاريخية للسلام والاستقرار.

وفي سياق آخر، راجعت الخارجية الجديدة تصنيف جماعة الحوثي باليمن منظمة إرهابية، بعد أن دخل التصنيف حيز التنفيذ في 19 يناير آخر يوم لإدارة ترامب في السلطة.

إنجاز تاريخي جديد

بايدن كان قد تعهد بأن حكومته ستصنع التاريخ باعتبار مجموعته المختارة الأكثر تنوعاً لقيادة الوكالات الفدرالية، وتعيين أوستن وزيراً للدفاع إنجاز جديد يسجل في ملف تمثيل أصحاب البشرة الملونة في مؤسسات الدولة، وحصل على موافقة مجلس الشيوخ بعد دعم واسع من الديموقراطيين والجمهوريين على السواء، رغم أنه احتاج للحصول على استثناء خاص، كونه تقاعد أخيراً وتم ترشيحه لمنصب يخصص عادة للمدنيين.

أوستن قائد عسكري لعب دوراً مهمّاً في قيادة مهمات دقيقة في العراق وأفغانستان، وصفته مصادر عسكرية بأنه جنرال ذكي وهادئ وقوي الشخصية، وعلى اطلاع كبير بما يجري في الشرق الأوسط.

قضى نحو 40 عاماً في وزارة الدفاع، يعرفه العراقيون جيداً؛ فقد كان قائد القوات الأميركية التي دخلت بغداد عام 2003، ثم انتقل إلى أفغانستان حتى عام 2005، وفي 2008 تولّى قيادة فيلق متعدد الجنسيات في العراق، وشارك في عمليات عدة هناك.

وأشرف بنفسه على وضع وتطبيق حملة عسكرية لدحر «داعش» في العراق وسوريا.

وفي 2015، أقر بأن البرنامج الأميركي الخاص بتدريب المعارضة السورية باء بالفشل، وعارض إنشاء منطقة فاصلة آمنة للاجئين السوريين، ما عرّضه لانتقادات شديدة اللهجة من السيناتور الراحل جون ماكين، الذي قال إن تصريحات الجنرال منفصلة عن الواقع.

وهذه نبذة عن حياته:

– وُلِد في أغسطس عام 1953 بولاية جورجيا.

– تخرّج في الأكاديمية العسكرية وست بوينت، كما حصل على شهادة الماجستير في مجال التعليم من جامعة أوبرن، وفي مجال إدارة الأعمال من جامعة ويبستر.

– بدأ خدمته العسكرية التي استمرت نحو 40 عاماً في ألمانيا، وشغل منذ ذلك الحين مناصب مختلفة في هيكل الجيش الأميركي.

– شارك في مارس 2003 بصفة مساعد قائد فرقة المشاة السابعة في غزو العراق، وجرى منحه وسام النجمة الفضية، وتولّى قيادة قوة المهام المشتركة في حرب أفغانستان.

– شغل منصب قائد الأركان في القيادة المركزية الأميركية، في قاعدة ماكديل الجوية بولاية فلوريدا.

– أصبح في فبراير 2008 ثاني أكبر مسؤول عسكري أميركي في العراق، من خلال توليه قيادة القوات المتعددة الجنسية في هذا البلد، حيث كان تحت قيادته نحو 152 ألف عسكري.

– تولى في أغسطس 2009 منصب مدير مساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي.

– استقال من الجيش في أبريل 2016، وشغل مقعداً في مجلس إدارة شركة رايثيون العملاقة لإنتاج الأسلحة.

أول التحدّيات في ملف الهجرة.. دعوى في تكساس

بعد يومين فقط من تنصيبه الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة، رفعت ولاية تكساس دعوى قضائية ضد إدارة جو بايدن، بشأن مذكرة تنص على تجميد عمليات ترحيل الأجانب غير الشرعيين.

وذكرت الولاية أن إدارة بايدن ألغت قوانين الهجرة التي سنّها الكونغرس، في اليوم الأول من توليها المنصب، وعلقت ترحيل الأجانب غير الشرعيين بموجب تلك القوانين ذاتها.

وبذلك، فقد تجاهلت المبادئ الدستورية الأساسية، وانتهكت تعهّدها الذي ينص على التعاون مع ولاية تكساس، لمعالجة مخاوف إنفاذ الهجرة.

وأصدر ديفيد بيكوسك وزير الأمن الداخلي الأميركي مذكرة في 20 يناير تأمر بوقف مؤقت وفوري لترحيل أي شخص غير مواطن معرض للترحيل لمدة 100 يوم. وتعتبر هذه أول دعوى قضائية كبرى تتحدى سياسات الرئيس الجديد.

ترامب والمحاكمة.. ما سر التعديل 14؟

في الوقت الذي بدأ فيه بايدن الغوص في ملفات البلاد، لا يزال ترامب يحاول جذب الانتباه وخطف الأضواء.

وفي أول حوار صحافي أجري معه منذ رحيله عن البيت الأبيض قال: «سنفعل شيئا، لكن ليس الآن».

وفيما يستعد مجلس الشيوخ لعزله بتهمة التحريض على اقتحام الكابيتول في 6 يناير، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الأخير خطط في الأسابيع الأخيرة لتغيير وزير العدل بشخص آخر موال لتغيير نتائج الانتخابات.

وذكرت أن ترامب خطط مع جيفري كلارك، أحد المسؤولين في وزارة العدل، لإزاحة وزير العدل جيفري روزين وتعيين شخص آخر أكثر ولاء، بهدف إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا.

وإلى جانب مساءلة ترامب الثانية، التي ستنطلق في مجلس الشيوخ في 8 فبراير، يسعى ديموقراطيون إلى حرمانه من تولي مناصب في المستقبل، حيث عمد البعض إلى بحث منعه من الترشح إلى انتخابات 2024، عبر تفعيل التعديل الـ14 من الدستور. تعديل يمنع أي مسؤول من الترشح لأي منصب في حال اشترك في تمرد أو عصيان ضد الولايات المتحدة، أو قدم عوناً ومساعدة لأعدائها.

وأوضحت صحيفة «ذي هيل» الأميركية أن المناقشات لا تزال في مراحلها الأولى على الرغم من أن بعض كبار أعضاء مجلس الشيوخ غير مقتنعين بعد بأن هذا التوجه قابل للتطبيق.

وفي السياق، أعلن تشاك شومر زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ أن اتفاقاً تم على إرجاء محاكمة ترامب، حتى الثامن من فبراير المقبل، لانشغال المجلس في الآونة الأخيرة في المصادقة على أعضاء إدارة بايدن الجديدة وبعض الملفات العاجلة.

شومر أكد أنه من المزمع أن يقدم مجلس النواب لائحة المساءلة التي تتهمه بالتحريض على العصيان إلى مجلس الشيوخ رسمياً الإثنين.

وينبع الاتهام الرئيس هذه المرة من خطاب تحريضي ألقاه ترامب أمام أنصاره قبل اقتحامهم مبنى الكونغرس في 6 يناير تسبب في أحداث شغب عطّلت تصديق الكونغرس رسمياً على فوز بايدن وخلَّفت 5 قتلى بينهم شرطي. وستتطلب إدانته موافقة ثلثي الأعضاء.

ترامب الذي أكد أنه قد يسعى لتولي الرئاسة مجدداً، هو الآن في موقف حرج، إذ يتوقف مصيره على زعيم الأقلية الجمهورية ماكونيل، ذلك الذي أكد تورط الرئيس وشخصيات أخرى في حشد المحتجين عبر نشر الأكاذيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى