تحليلات

3 سيناريوهات لتسوية «نووي» إيران

رئيس «الموساد» يلتقي بايدن ورئيس «سي آي إيه» خلال أسابيع

خالد جان سيز

بين تهديد إيران بالمضي في انتهاكاتها للاتفاق النووي، وتشديد الولايات المتحدة على رفض أي ابتزاز أو وعيد، وتأكيدها على أنها ستفاوض بشروط جديدة، وتعمل مع حلفائها لمواجهة نفوذ طهران، يترقّب العالم الصيغة التي ستسفر عنها أي مفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن الاتفاق النووي وملفات أخرى، متوجّساً من تصاعد التوتر.

التصعيد الإيراني الأحدث جاء على لسان عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية، الذي قال إن بلاده مستعدة للمضي قدماً دون التقيد بالاتفاق، إذا لم تحترم بقية الأطراف التزامها، مردفاً أن طهران فقدت الثقة كلياً بأميركا والأوروبيين بشأن تنفيذ التزاماتهم ووعودهم. وأضاف: «مستعدون للمضي من دون الاتفاق النووي إذا أراد الآخرون ذلك». واستدرك: «ننتظر لنرى كيف سيصحح الرئيس الأميركي الجديد أخطاء ترامب».

في المقابل، أبدت واشنطن حزمها، حيث قالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي إيميلي هورن إن «التهديدات القادمة» من إيران مرفوضة، وانها تدين بشدة ما وصفته بالتصرفات الاستفزازية. وأوضحت أن بلادها ستواصل العمل مع أصدقائها وشركائها «لمواجهة نفوذ إيران الخبيث».

كما أعرب وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن وفريقه عن موقف صلب ضد «أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار»، وحذر من أن على إيران أن تقوم بالخطوة الأولى، ما ينذر بمفاوضات شاقة في هذا الإطار.

ويبدو أن سياسة بلينكن – الذي من المتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ على تعيينه في الأيام المقبلة – تحظى حتى الآن بإعجاب الجمهوريين.

وقال السيناتور ليندسي غراهام أبرز داعمي ترامب خلال فترة ولايته: «إنها بداية جيدة»، في تعليقه على السياسة الخارجية للإدارة الجديدة.

لقاء أوّل

ولم يكن الكيان الصهيوني ببعيد عن الحدث، ففي أول لقاء بين مسؤول من الكيان الصهيوني رفيع والإدارة الأميركية الجديدة، يلتقي رئيس جهاز «الموساد» يوسي كوهين الرئيس بايدن في واشنطن خلال أسابيع، لعرض وجهة نظر الكيان الصهيوني حول أي مراجعة للاتفاق النووي مع إيران، وفق «القناة 12» التابعة للكيان الصهيوني.

وأضافت القناة أن الزيارة ستشمل أيضاً لقاء كوهين لوليام بيرنز الرئيس الجديد لـ «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إيه)، مردفة أن من المفترض أن يقدم المسؤولون معلومات جمعها الكيان الصهيوني خلال الفترة الأخيرة عن الملف الإيراني، كما سيحاولون التأثير في إدارة بايدن بشأن الاتفاق النووي.

والسبت، كشفت مصادر للكيان الصهيوني أن محادثات هاتفية جرت بين مستشار الأمن القومي للكيان مئير بن شبات ونظيره الأميركي جيك سوليفان، تناولت «الاتفاق النووي الإيراني والعديد من القضايا الإقليمية».

وبعد تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة، الأربعاء، قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو إنه يتوقع العمل مع بايدن لمواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك التهديد الإيراني.

تهدئة أو قنبلة

ومثلما يمكن للملف النووي أن يكون القلب النابض في العلاقات الإيرانية – الأميركية، يمكن أيضاً أن يكون بمنزلة قنبلة موقوتة في مسار هذه العلاقات التي لم تستقم منذ الثورة الإيرانية عام 1979. ومن السيناريوهات المتوقعة للتسوية الخاصة بالاتفاق ما يلي:

أولاً – عودة أميركا إلى الاتفاق، وإصدار بايدن قراراً يلغي بموجبه ألف وخمسمئة عقوبة فرضتها إدارة ترامب على إيران، مقابل التزام طهران بكل تعهداتها بموجب بنود الاتفاق، وفي هذه الحالة، سنكون أمام ربيع جديد في العلاقات الإيرانية – الأميركية، وربما تتطور الأمور في المستقبل إلى المزيد من التعامل مع ملفات أخرى غير الملف النووي.

وما يدعم هذا السيناريو موقف الإدارة الاميركية الجديدة، الذي تبدّت معالمه في شعار «عودة أميركا» من خلال الالتفات بشكل أكبر إلى الداخل، وإعادة ترتيب البيت الأميركي، ومواجهة المشكلات الكبيرة، وفي مقدمها الاقتصاد، وجائحة «كورونا»، الأمر الذي ورد على لسان بايدن، وأعضاء إدارته المحتملين منذ حملته الانتخابية، وبعد إعلانه خطاب النصر.

ثانياً – عدم عودة أميركا إلى الاتفاق وإصرار بايدن على أن تكون العودة مشروطة بالتفاوض على ملفات أخرى، مثل البرنامج الصاروخي الإيراني، أو علاقات إيران الإقليمية، وحينها قد ترفض إيران هذا السيناريو بشكل نهائي، وتضطر إدارة بايدن لوقف البرنامج النووي باستخدام القوة.

وضمن هذا السياق، قال رون بن يشاي، الخبير العسكري الصهيوني، الذي غطى الحروب العربية مع جيش الاحتلال، وله صلات وثيقة بكبار جنرالات الجيش، في تقريره بصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن التقديرات المتوافرة تتحدث عن أن بايدن يسعى لوقف المشروع النووي والصاروخي لإيران، ومنع تمددها عبر وكلائها في الشرق الأوسط، معتبراً أن طهران على بعد أقل من عام من إنتاج رأس حربي نووي.

وأشار إلى أن «إسرائيل ستطلب من إدارة بايدن إيقاف برنامج إيران النووي في القريب العاجل، وإلا فقد تصبح دولة نووية على عتبة نهاية العام الجديد، ما سيغير وجه الشرق الأوسط، وتصبح تهديداً عالمياً، وأعلنت إسرائيل أنها لن تكون قادرة على التعامل مع مثل هذا الوضع، لذلك فإن هناك احتمالاً كبيراً أنها ستعمل عسكرياً لمنعه، رغم أن ذلك قد يشعل حرباً ستجر إليها المزيد من دول المنطقة، وكذلك الولايات المتحدة».

وكان بلينكن ذكر أن إدارة بايدن، ستسعى للتوصل إلى اتفاق نووي «أطول وأقوى» مع إيران، واصفاً اتفاق 2015 بأنه سيكون «منصة» للانطلاق نحو اتفاق، يشمل قضايا أخرى تمتد إلى برنامج إيران الصاروخي ونشاطاتها الخبيثة في المنطقة.

وأضاف بلينكن أن واشنطن لا يزال أمامها «طريق طويل» للتوصل إلى اتفاق مع طهران.

الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ديفيد بولوك يقول: «ستكون هناك طريقة واحدة لجعل الاتفاق أقوى، وهي جعله أطول أو قد تكون (وضع) قيود دائمة على برنامج إيران النووي والإصرار على جعلها أقسى، إضافة إلى بحث الصواريخ البالستية».

ثالثاً – عقد مفاوضات بين طهران من جهة، وواشنطن وعواصم في المنطقة من جهة أخرى، تشهد تخفيف بعض العقوبات وحلحلة إيران لبعض الملفات بهدف تمهيد الأرضية لتسوية شاملة مستقبلاً تفوّت فرصة توسيع هوة الخلافات على أي رئيس إيراني متشدد قد يتسلم المنصب بعد روحاني.

وأعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن اعتقاده بأن بلاده يمكن أن تتعاون مع الولايات المتحدة بشأن النفط وأمن الخليج: «لا مشكلة لنا في التعاون معكم في قضية النفط، ولا مشكلة لنا في توفير أمن الخليج، مع اعتقادنا بأن الوجود الأجنبي يزعزع أمنه، وأنتم لا ينبغي أن توجدوا هنا».

وتابع: «إننا بحاجة إلى رسم صورة جادة وعامة عن العلاقة مع أميركا في المستقبل ومن ثم نتخذ القرار للتفاوض حول القضايا التي نرتئيها وليس كل القضايا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى