أوروبا توقّع اتفاقية استثمار مع الصين

جان ماري توما-
بعد سبع سنوات من المفاوضات، تمكّن الأوروبيون والصين من إيجاد أرضية مشتركة لإتّفاقهم الشامل بشأن الاستثمارات. إن تمّت الموافقة على النصّ بشكل نهائي، يجب أن تتوفّر للشركات الأوروبيّة، التي غالبًا ما تكون متضرّرة، وصولاً أفضل إلى السوق الصينيّة.
هذا انتصار مهم للمفاوضين الأوروبيّين، الذين استفادوا من ظرف جيوستراتيجي، يترافق مع حقيقة أن بكين، التي نبذتها واشنطن، أبدت استعدادها لتقديم تنازلات لم يكن من الممكن تصوّرها قبل عامين. لكن هذه الخطوة أيضًا هي بمثابة خيار ثقيل بالنظر إلى المسار السياسي الصيني.
ما هي المجالات التي ستُفتح أمام الأوروبيّين؟
يجب أن تسهّل الاتفاقية على الشركات الأوروبية الاستثمار في الصين ضمن القطاعات المالية، الصناعيّة، البناء، الإعلان، النقل الجوي والاتصالات، وفق ما ورد في موقع «لي إيكو» الفرنسي. كما نجحت بروكسل في تخفيف المتطلبات الصينية في مجالات معيّنة مثل السيارات الكهربائية والهجينة. سيتم السماح للوصول إلى الخدمات «السحابية» في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، والتي لا يمكن للأجانب الوصول إليها حتى الآن. في القطاع الطبي، ستكون الاستثمارات الأوروبية ممكنة، ولكن فقط في المدن الصينية التي يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة. سيتم إلغاء بعض الشروط لتشكيل مشاريع مشتركة مع المجموعات الصينيّة، لا سيّما في خدمات حجز تذاكر الطيران.
في مواجهة الإعانات التي تحصل عليها الشركات الصينية، تفتخر بروكسل بأنها حصلت على مبدأ الشفافية من بكين.
الصين تقدّم التزامات إضافيّة لأوروبا
من أجل ضمان التنفيذ العادل للالتزامات التي تم التعهّد بها في الاتفاق، سيتم إجراء حوار سياسي رفيع المستوى «مرة واحدة على الأقل في السنة»، وفقًا لمسؤول مطّلع على المفاوضات. في حالة الخلاف، سيتم طلب لجنة تحكيم، مما قد يؤدي إلى عقوبات. وفقًا لبروكسل، قد تسمح هذه العقوبات المحتملة، إذا لزم الأمر، للاتحاد الأوروبي بتقليص وصول الصين إلى السوق الأوروبية إلى مستويات أقل من تلك السارية حاليًا.
سبب آخر للرضا الذي أشارت إليه المفوضية الأوروبية: الصين، للمرّة الأولى، تتعهّد بالتزامات صارمة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، ولا سيما فيما يتعلّق بتنفيذ اتفاقية باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
أخيرًا، على المستوى الاجتماعي، مارس الأوروبيون ضغوطًا إضافية في الأيام الأخيرة من المفاوضات. إذًا، تتعهّد بكين بتنفيذ اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها بالفعل، و«بَذل جهود مستمرة ومتواصلة»، بهدف التصديق على الاتفاقيتين المتعلّقتين بالعمل القسري أو السخرة. صياغة قُدِّمت على أنها نجاح من قبل بروكسل.
مكاسب صينيّة أيضًا، ولكن..
من جانبها، تفوز الصين أولاً بنصر استراتيجي مهم، عبر إثبات أنها ليست معزولة كما تشير الضغوط الممارسة من قبل واشنطن. الصين تحصل أيضًا على إمكانية الوصول إلى سوق الطاقة الأوروبية، وإمكانية الاستثمار في مصادر الطاقة المتجدّدة، بشرط، البقاء دون عتبة 5٪ من حصة السوق، في كل دولة عضو في الإتحاد الأوروبي. يمكن تعديل هذا الرقم صعودًا، إذا سمحت الصين للمجموعات الأوروبية بالوصول بسهولة إلى قطاعي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ، يجب أن تحصل على موافقة البرلمان الأوروبي. لم يتم كسب المعركة مسبقًا، حيث تصاعدت الانتقادات في الأشهر الأخيرة، من جهّات سياسيّة مختلفة، ضد الصين بشأن حقوق الإنسان. فمثلًا، حكمت محكمة صينية، يوم الاثنين، على صحافي مواطن وثّق انتشار فيروس كورونا في مدينة ووهان، بالسجن لمدة أربع سنوات.
بانتظار ردّ فعل أميركا
أمّا بالنسبة لرد فعل الولايات المتحدة، فإن بروكسل تتمنّى ألا يُطرح الكثير من المشاكل، على الرغم من المخاوف التي أعرب عنها بعض أعضاء إدارة بايدن المقبلة. تقول المفوضيّة الأوروبيّة، إن الصين تقدّم تنازلات للأوروبيّين هنا، وبالتالي تزيد من مستوى انفتاحها في نهج ينبغي أن يستفيد منه جميع شركاء أوروبا. وقال المصدر الأوروبي نفسه «نحن مقتنعون بأن هذه الاتفاقية ستكون مساهمة إيجابية ضمن التعاون عبر الأطلسي».