الشرق الأوسط
كيف يواجه الكاظمي ضغوط إيران وتركيا على العراق؟

خالد جان سيز
«الانحناء أمام العاصفة»، تبدو هذه العبارة الأقرب لوصف حال رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، إزاء التحديات التي تعصف ببلده داخلياً وخارجياً، فلا هو استسلم لها تماماً – رغم قوتها – ولا ذهب بعيداً في التصدّي لها، آخذاً معه حلم «الدولة الرشيدة الخالية من الميليشيات» إلى الهاوية.
إنها موازنة صعبة، خصوصاً إذا كانت تلك التحديات من بلدين جارَين، وإذا كانت العقبات الداخلية من عراقيين قدّموا ولاءهم لدول غير وطنهم.
في أحدث خطوة لتأكيد دعمها له، أعلنت الولايات المتحدة، أمس، عبر سفارتها في بغداد، تقديم 30 سيارة مُدرّعة للجيش العراقي، للمساعدة في تأمين «المنطقة الخضراء» في العاصمة، التي يقع فيها مقر السفارة. وقُدِّمت المركبات المذكورة لفرقة القيادة الخاصة، في قاعدة الأسد الجوية، وسيستخدمها الجيش العراقي في دورياته.
وتصل المركبات بعد أيام من استهداف ميليشيات مدعومة من طهران مبنى السفارة، وتهديدها باجتياح بغداد وتحدّيها الكاظمي وسلطة الدولة. وسارع الكاظمي إلى إرسال وفد إلى إيران، عقب استهداف سفارة واشنطن وتحدّي ميليشيا «عصائب أهل الحق» وميليشيا «كتائب حزب الله» له، مشدداً على أنه قادر على حسم المواجهة، وأبلغ الوفد بتوصيل رسالة إلى طهران حول تحذيرات واشنطن من أنها سترد بقوة على أي تحرك جديد للميليشيات.
مخاطر المواجهة
يضاف إلى كل تحديات الميليشيات تحوّل العراق ساحة مواجهة لتصفية الحسابات بين طهران وواشنطن، لكن محللين يستبعدون المواجهة، لافتين إلى أن إيران مرهقة بالعقوبات وبـ«كوفيد – 19» حتى أنها وصلت إلى مرحلة بدا فيها عجزها عن الانتقام لقاسم سليماني مع اقتراب ذكرى اغتياله، فإذا بها تكتفي بالشعارات والتهديدات وتمجيد الهدف من وراء موت جنرالها القوي.
وكان الرئيس حسن روحاني قال إن «تشييع جثمان سليماني في إيران والمنطقة، كان أكبر رد على جريمة الاغتيال»، كما هدد قائد «فيلق القدس» الجنرال اسماعيل قاآني بقتل الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاماً.
الغاز والكهرباء والمياه
لا تنتهي تحديات الكاظمي عند ميليشيات إيران، بل تمتد إلى الجانب الاقتصادي أيضاً. فبعد تهديدها بقطعه، تعهّدت طهران باستئناف ضخ الغاز بشكل عاجل إلى العراق، بعد أن توصّل الجانبان على اتفاق بشأن فواتير غير مدفوعة. التفاوض ما زال إحدى أدوات الكاظمي في التعامل والتهدئة مع طهران، وأفاد مكتبه بأنه التقى في بغداد، وزير الطاقة الإيراني رضا أردکانیان، مردفاً أن إيران تعهدت باستئناف إمدادات الغاز إلى البلاد بشكل «عاجل»، لتوفير الوقود لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية. كذلك، الحالة غير المستقرة لموارد المياه في العراق بسبب التدخل التركيّ تمثل معضلة كبيرة، ويعتمد العراق على نهرَي دجلة والفرات، اللذين ينبعان من جنوب شرقي تركيا، لكنّ تدفقاتهما تضاءلت بسبب السدود ومشاريع الري في تركيا. الكاظمي، خلال الشهر الجاري، فوّض وزير الموارد المائيّة مهدي الحمداني للتفاوض مع الجانب التركيّ وسيُعقد اجتماع 15 يناير 2021. وما بين الدعم العربي والأميركي من جانب، والتحدي الخارجي من الجيران من جانب آخر، يوازن الكاظمي، لإبقاء العراق بعيداً عن نار الحروب التي تملأ ذاكرة العراقيين.