قصة مدعي الجنون الذين يفلتون من العقاب

نورسين مجد –
تغييرات كبيرة حصلت في العشر سنوات الماضية على مختلف الصعد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، سواء من حيث غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، أو من حيث البطالة التي زادت خلال السنة الماضية بشكل لامثيل له، بسبب جائحة كورونا، التي خلفت أضرارا نفسية واجتماعية كبيرة، فضلا عن التفاوت الطبقي الكبير بين فئة تأكل بالشوكة والسكين، وفئة تبحث في مكبات القمامة عما يسد جوعها، والقائمة تطول هنا والنتيجة واحدة، هموم ومشاكل تثقل كاهل العديد من الأشخاص، الذين قد يضطرون إلى اتباع أساليب مختلفة لمعالجة مشاكلهم، وقد تكون بعض هذه الأساليب خاطئة تمامة ونتائجها أخطر من المشكلة ذاتها.
الإدعاء بالجنون
في قصتنا اليوم نتناول موضوعا عند قراءة عنوانه، تبتسم لبرهة من الوقت، ولكن ما إن تمعنت فيه تتراكض الأسئلة إلى رأسك كيف ولماذا وهل يمكن ذلك (الإدعاء بالجنون للإفلات من العقاب).
يتزايد الإقبال على الخبرة العقلية القضائية في الآونة الأخيرة في العديد من المجتمعات، بسبب حالات النزاع والصدام بين العائلات في قضايا تسيير المال والإرث، أو مختلف الجرائم التي ترتكب، ويسعى فاعلوها لإثبات اضطرابهم العقلي لحظة وقوع الحادث، قصد تخفيف الحكم الذي قد يطاله.
وعادة ما يستبق الورثة أو المختلفون في تسيير المال أو العقار، استصدار شهادة جنون للخصم قبل أن تأمر بها المحكمة، رغم أن هذه الأخيرة لا تأخذ بها وتطلب خبرة عقلية واجتماعية من قبل المختصين المعتمدين على مستواها، وأحيانا تعزّزها بخبرات مضادة للتحقق من الأمر.
في غاية الخطورة
خبراء قضائيون يقولون إن الخبرة التي يقوم بها المختصون المعتمدون على مستوى المحاكم، هي خبرات توجيهية ولا تلزم المحاكم أبدا، حيث يمكن للقاضي أن يأخذ بها، كما يمكنه أن يطرحها جانبا، مؤكدين أن هذا الموضوع في غاية الخطورة.
هل وصل بنا الزمن إلى هذا الحد من التفكير، أو هل وصلت بنا قلة الإنسانية إلى هذا المستوى، عجائب وغرائب لم نتخيل أن العقل البشري ممكن أن يتبعها في وقت من الأوقات.