تحليلات

جاذبية ترامب وشعبويته ستتلاشيان بعد رحيله

سيخسر «عبادته» الشخصية.. وقوته السياسية ستتبخر

ولاء عايش
مع اقتراب موعد تسليم مفتاح البيت الأبيض للرئيس المنتخب جو بايدن ورحيل دونالد ترامب بعد ولاية رئاسية مفعمة بالمفاجآت الداخلية والخارجية، انقسم الرأي العام بين مؤيدٍ ومعارض لأثرٍمهم سيتركه ترامب وراءه. البعض اتفق على أنه الأسوأ في تاريخ رؤساء واشنطن لاحتقاره الحلم الأميركي، الذي ظل لعقود حلم الإنسانية في العالم، حلم التنوع والحريات وجرأة الإبداع، وأكدوا أن عالم ما بعد ترامب سيمشي فوق خطوط النار والفقر ومصير البيئة المجهول، فيما رأى آخرون أن تأثير رجل البيت الأبيض الأكثر إثارة وشعبوية سيتلاشى ويتبخر بمجرد رحليه.
فقدان الجاذبية
الكاتب البريطاني جوليوس كراين أوضح في صحيفة الغارديان أن رفض دونالد ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات أثار تكهنات شديدة حول ما بعد الرئاسة، فهل سيبدأ ترامب إنشاء علاقات وشبكات جديدة وسيكون صانع الملوك في الحزب الجمهوري أم سيكتفي بإعادة ترشيح نفسه للرئاسة مرة أخرى في 2024؟ لا هذا ولا ذاك، للأسف يبدو من المرجح أن مسار ترامب سيجعله بمرور الوقت أقرب إلى شركاء مثل ستيف بانون ورودي جولياني، اللذين يقدمان البودكاست المتوسط ويبيعان سلعًا ذات علامة تجاربة أثناء محاولتهما تجنب الملاحقة القضائية.
وفي ما يتعلق بالتكهنات بشأن مستقبل ترامب يشكك الكاتب بقدرة الرئيس في الحفاظ على قاعدة جمهورية تعيد انتخابه مرة أخرى في عام 2024، بل سيجد أن المسار الشعبوي لانتخابات الجمهوريين التمهيدية أكثر ازدحامًا. ورأى كراين أن إصرار وسائل الإعلام أن ترامب سيكون قوة سياسية عملاقة لسنوات مقبلة، يبدو أمراً مشابهًا لتلك الدعوة التي صدرت قبل خمس سنوات، وقالت إنه ليس سوى مرشح مشهورعابر. ويضيف ان هذا الاعتقاد قائم على اعتبار أن جاذبية ترامب السياسية تستند بشكل أساسي إلى عبادة الشخصية، وليست مرتبطة بمجموعة معينة من الحجج السياسية. كما أن العوامل السياسية الحاسمة التي ميزت ترامب عن غيره في حملته الأولى تضاءلت بشكلٍ كبير منذ ذلك الحين، ومن الواضح أن المؤسسة الجمهورية غيرته أكثر مما غير الحزب، الأمر الذي ظهر جلياً في خطاب الرئاسة على مدى أربع سنوات. وأضاف أنه على الرغم من قضائه أربع سنوات في منصبه، لم يقم ترامب بشكلٍ أساسي ببناء بنية تحتية جديدة طويلة الأمد أو شبكات مانحين يمكنها الحفاظ على حركة سياسية مميزة ودائمة، حتى لو كانت تتمحور حول نفسه بالكامل.
حلبة مصارعة
قد لا يفتقر ترامب أبداً إلى الجمهور أو قد يفشل في جذبه، وبصفته من أشد عشاق المصارعة الحرة وأول من احتضن منافساتها، يجب أن يفهم قيود النوع الذي تميل فيه معدلات الإعلان تاريخيًا إلى أن تكون منخفضة جدًا مقارنة بالتقييمات، فالجمهور الأساسي للمصارعة لديه القليل من القدرة الشرائية التقديرية نسبيًا. ولسوء الحظ، أوجه الشبه بين مصارعة المحترفين والسياسة الأميركية تتجاوز المشهد الترفيهي، وتمتد إلى الاقتصاد. بناءً على ذلك، فإن الادعاءات القائلة ان الحزب الجمهوري يخاف من ترامب مبالغ فيها بشكلٍ صارخ، تصويت الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس مؤخرًا بأغلبية ساحقة لمصلحة قانون تفويض الدفاع الوطني، على الرغم من معارضة ترامب العلنية له، تمامًا كما دفعوا ترامب الى قانون التحفيز والإنفاق الأخير لـفيروس كوفيد 19، قد يمنح الحزب الجمهوري ترامب مكانًا واسعًا لإيماءات رمزية مثل دعاواه الانتخابية التافهة، ولا يزال بإمكانه أن يكون عاملاً في سباقات متقاربة مثل جولات الإعادة المقبلة لمجلس الشيوخ في جورجيا. ولكن فيما يتعلق بالمسائل المهمة المتعلقة بالسياسة، فإن موقف الحزب أقرب إلى الازدراء منه إلى الخوف. مثل سقراط نيتشه، كان ترامب المهرج الذي أخذ نفسه على محمل الجد، على عكس المهرج السقراطي، ولم يستطع التغلب على نفسه. وبسبب حرمانه من النقد الذي أربك النخب السياسية ذات يوم، لم تعد عبادة شخصيته مقنعة حتى للافتخار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى