
ولاء عايش
بعد انتهاء الصخب، الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب في البلاد، استطاع الرئيس الجديد جو بايدن أن يعيد الهدوء نوعاً ما. ليس هذا فحسب، بل تمكن من أن ينال ثقة الشعب وتأييده منذ يومه الأول في البيت الأبيض، وحظي بمستوى شعبية لم يبلغها سلفه يوماً طوال السنوات الأربع الماضية. ووفقاً لاستطلاع رأي أبدى %54 من الأميركيين رضاهم عن أداء بايدن، مقارنة بـ%30 قالوا إنّهم غير راضين و%16 امتنعوا عن الإدلاء برأيهم.
ووفقاً لاستطلاع رأي آخر فإنّ بايدن يتمتّع بنسبة تأييد بلغت %90 في صفوف الديموقراطيين مقارنة بـ%15 فقط في صفوف الجمهوريين و%47 لدى المستقلّين.
باتريك موراي مدير معهد استطلاعات الرأي أوضح أنّه «بشكل عام، يبدو أنّ مقدار الرضا على بايدن أكبر مما كان على ترامب، لكنّ هذا التوزيع يتبع الخطوط الحزبية، ذلك أنّ عدد الأشخاص الذين يعرّفون عن أنفسهم على أنّهم ديموقراطيون هو حالياً أكبر من أولئك الذين يقدّمون أنفسهم جمهوريين».
وبحسب موقع «فايف ثرتي إيت.كوم» فإنّ ترامب هو الرئيس الوحيد الذي لم يقضِ شهر عسل مع الأميركيين في بداية ولايته، إذ بلغ مستوى شعبيته في الأشهر الستة الأولى من ولايته %41.4 فقط مقابل %60 لباراك أوباما و%53.9 لجورج بوش الابن.
دعم الكيان الصهيوني
فيما يتم الكشف عن دهاليز السياسة الخارجية التي سيتم اتباعها من قبل فريق بايدن الجديد شيئاً فشيئاً، تعهدت ليندا توماس جرينفيلد المرشحة لمنصب المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة، بالدفاع عن مصالح الكيان الإسرائيلي كحليف، خلال افادتها في مجلس الشيوخ. وفي السياق، هاجمت جرينفيلد حركة المقاطعة «بي دي اس»، وقالت إن سحب الاستثمارات والعقوبات ضد الاحتلال الإسرائيلي غير مقبولة، متهمة إياها بمعاداة السامية.
وجرينفيلد شغلت منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي لأفريقيا في عهد أوباما من 2013 إلى 2017، قبل طردها خلال رئاسة ترامب.
الدفاع عن النفس
وحول محاكمة ترامب المقرر عقدها في 9 فبراير، يبدو أنه متخوف بعض الشيء، إذ قررعدم الحضور شخصياً والاكتفاء بإرسال إفادة خطية إلى مجلس الشيوخ. وبالنظر إلى هذه الخطوة، ليس لديه أي خطط للمثول شخصيًا في جلسات الاستماع للدفاع عن نفسه ضد الاتهامات الموجهة ضده.
ومؤخراً انضم إلى المدافعين عنه المحامي جوشوا هوارد، المسؤول السابق بوزارة العدل، الذي كان يحقق مع الرئيس الأميركي الثاني والأربعين بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي. كما وظف وتش باورز كبيرمحامي ترامب خبيراً دستوريا آخر ضمن الفريق.
انشقاق هائل
ترامب ليس وحده من يخاف المواجهة، أكثر من 30 ألف أميركي انسحبوا خلال الأسابيع الماضية من الحزب الجمهوري، معلنين عدم نية المضي قدماً والاستسلام، صحيفة ذا هيل الأميركية وصفت ما جرى بأنه موجة هائلة من الانشقاقات ونزوح جماعي غير مسبوق عن الحزب خطوة، من شأنها أن تخلق مشاكل جمة، لا سيما أن الحزب يحاول شق طريقه من جديد بعد خسارة ترامب السباق الرئاسي، فضلاً عن خسارتهم الأغلبية في مجلس الشيوخ.
كما تأتي هذه الانشقاقات في أعقاب أحداث غير مسبوقة شهدتها الولايات المتحدة حين اقتحام الكونغرس، الأمر الذي أثار ردود فعل مدوّية داخل البلاد وخارجها. تجدر الإشارة إلى أن أعضاء كثيرين في إدارة ترامب السابقة قد استقالوا احتجاجاً على أفعاله، ودعاه أعضاء مجلس الشيوخ من حزبه إلى الاستقالة مثلهم.
امتيازات الرئيس السابق ستبقى
لا تزال إجراءات محاكمة ترامب تثير التكهّنات؛ أبرزها أن يفقد بعضاً من الامتيازات المخصصة للرؤساء السابقين. إلا أن خبراء أكدوا أنه سيحتفظ وفقاً للقوانين السارية حالياً ببعض منها؛ مثل معاش التقاعد ومكتب خاص وفريق أمني حتى إذا حدث المستبعد وأدانه مجلس الشيوخ في المحاكمة.
والفضل في ذلك يرجع إلى قانون غير معروف نسبياً، هو قانون الرؤساء السابقين، قانون صدر عام 1958 لتوفير امتيازات مدى الحياة للرؤساء السابقين، منها مساحة مكتبية لائقة وجهاز خدمة سرية وحوالي 100 ألف دولار سنوياً للمساعدة في تغطية نفقات فريق من العاملين ومعاش تقاعد يعادل حالياً نحو 220 ألف دولار سنوياً.
وفي ما قد يمنح ترامب بعض الامتيازات فإن ثمة مسعى يتنامى بين الديموقراطيين لحرمانه من أحدها، وهو الاطلاع على تقارير المخابرات والمعلومات السرية. النائب آدم شيف رئيس لجنة المخابرات، أوضح أنه ليس بالضرورة أن يحصل هذا الرئيس على تقارير المخابرات؛ لأنه لا يؤتمن على ذلك.
وعلى النقيض من الامتيازات الأخرى، فإن هذا الامتياز أصبح عرفاً وليس وارداً في القانون، ويمكن للرئيس جو بايدن أن يقرر من طرف واحد منع إطلاع ترامب على التقارير.
ما بعد «الكابيتول»
لم تستطع واشنطن أن تمحي آثار واقعة 6 يناير بعد؛ لذا قررت الإبقاء على عناصر الحرس الوطني حتى مارس المقبل، ومؤخراً حذّرت وزارة الأمن الداخلية من نية جماعات متطرّفة على تنفيذ تهديد خلال الأسابيع المقبلة، مضيفة انها لا تملك أي معلومات قد تحدد خطة معينة، إلا أن التظاهرات العنيفة استمرت يومياً خلال الفترة الأخيرة.
وأشارت إلى أن البلاد لا تزال قلقة من الأفراد الذين لا يزالون يشعرون بالإحباط بشأن ممارسة الحكومة سلطتها والانتقال الرئاسي، إضافة إلى المظالم الأخرى والدوافع الايديولوجية التي تحقنها الروايات الخطأ، وقد يواصلون حشد مجموعات من شأنها ارتكاب عنف. يذكر أن السلطات الأميركية رفعت درجة التأهّب الأمني بعد أن اقتحام الكونغرس وفرض طوق أمني مشدد على العاصمة.
وفي السياق، تتواصل التحقيقات مع جماعة برواد بويز اليمينية المتطرفة لدورها في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير، وتبيّن أن إنريكي تاريورئيس الجماعة له تاريخ في التعاون مع سلطات إنفاذ القانون، وفقاً لسجلات المحكمة ومدعية عامة سابقة. ولقد ساعد تاريو مكتب التحقيقات الفدرالي وإدارات الشرطة المحلية في تعقّب أكثر من 10 متهمين جنائيين قبل نحو 10 سنوات.