تحليلات

إيران تصعّد نووياً: 1000 جهاز في «نطنز» خلال 3 أشهر

بلينكن: لا عودة للاتفاق قبل التزام طهران.. ونحتاج وقتاً للتقييم

خالد جان سيز

متابعة ما يصدر من واشنطن وطهران تقود إلى نتيجة مفادها: إدارة الرئيس جو بايدن غير مستعجلة لإنجاز تسوية، على عكس إيران، التي تصعّد وتهدّد، في سبيل عقد تفاهم بأسرع وقت ينقذها من وطأة العقوبات.

الموقف الأحدث من واشنطن كان التأكيد على أنها لن تعود إلى الاتفاق النووي إلا إذا أوقفت إيران انتهاكاتها وعادت إلى التزام البنود.

وجاء الرد من طهران تصعيدياً، حيث أعلنت أنها ستنصب 1000 جهاز للطرد المركزي من طراز IR2m في منشأة نطنز في غضون أقل من 3 أشهر، مجددة التأكيد على أنه إذا لم يتم رفع العقوبات، فستطبق الانسحاب من البروتوكول الإضافي للاتفاق.

يدرك صانعو القرار في البيت الأبيض أن انتهاكات إيران لن تقرّبها من امتلاك قنبلة نووية، وأن كل ما تقوم به يندرج في خانة الابتزاز، ويعلمون أنها تعاني تبعات العقوبات وتريد التوصّل إلى تسوية بأي ثمن.

لذلك، فالصيغة التي سيتم التفاوض حولها بشأن الاتفاق النووي ليست المشكلة، العقدة الأكبر هي ما وصفها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بـ«المسائل الصعبة»، وهي تحديداً تطوير إيران صواريخ بالستية ودعمها قوات تعمل بالوكالة في بلدان، مثل العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن.

التفاوض الحقيقي سيكون على تلك المسائل، وما ذكره بلينكن من «الحاجة للوقت» يشير إلى أن واشنطن ستستغله في فهم متطلبات حلفائها في المنطقة، والشروط التي سيتم إدراجها لتحقيق أمنهم، في أي مفاوضات مقبلة مع طهران.

أما إيران، فالوقت حالياً يزيد معاناتها، ولا تجد إلا التلويح بانتهاكات إضافية للاتفاق النووي، من دون أن تحقق شيئاً ذا فائدة، أو بتهديدات إقليمية، تعلم أنها لم تعد فاعلة كالسابق، بعد أن شحنت واشنطن المنطقة بالأسلحة.

أجهزة طرد

بهروز كمالوندي الناطق باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أفاد بأن بلاده ستنصب 1000 جهاز للطرد المركزي من طراز IR2m في منشأة نطنز في غضون أقل من 3 أشهر.

وعلى هامش زيارة رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف منشأة فوردو للتخصيب، في محافظة قم جنوبي طهران، أكد كمالوندي: «إذا لم يتم رفع العقوبات، فسننسحب من البروتوكول الإضافي في الوقت المناسب.. قدرتنا النووية لا يمكن مقارنتها بالسنوات السابقة، حيث لدينا الآن 17 كلغم من مخزونات اليورانيوم المخصب بنسبة %20».

من جهته، قال قاليباف إنه عندما لا تلتزم الولايات المتحدة بالاتفاق النووي، فإن إيران «ليس عليها أي واجب» في هذا الصدد.

وقال قاليباف: «بمجرد وفائهم بالتزاماتهم، أي رفع جميع العقوبات ورفع مشاكلنا المصرفية والنفطية والتجارية، فيمكننا العودة إلى التزاماتنا من خلال تقديم التقارير إلى البرلمان مرة أخرى بموجب المادتين 36 و37 من الاتفاق».

وأضاف: «لقد تقدمنا جداً في تخصيب اليورانيوم بنسبة %20 الذي كان من المفترض أن يكون 120 كيلوغراما سنوياً، وخصبنا 17 كيلوغراماً بغضون شهر».

بدوره، خاطب وزير الخارجية محمد جواد ظريف نظيره الأميركي: «من الذي عليه أن يتخذ الخطوة الأولى الآن»، مذكّراً: «لا تنس أبداً الهزيمة الساحقة لترامب».

ورأى مسؤولون إيرانيون أن سياسية إدارة بايدن لا تزال استمراراً لسياسة «الضغط الأقصى» التي اتبعتها إدارة دونالد ترامب، حيث وصف حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، تصريحات بلينكن، بأنها استمرار لـ«إرث ترامب المشؤوم».

أما الناطق باسم البعثة الإيرانية لدى منظمة الأمم المتحدة علي رضا ميريوسفي، فقال لمجلة «نيوزويك» إن الإدارة الأميركية الجديدة مثل سابقتها تنتهك الاتفاق النووي.

التشاور مع الحلفاء

وكان بلينكن قال: «إذا امتثلت إيران بالكامل للاتفاق، فسنقوم بالأمر نفسه»، مؤكداً أن إدارة بايدن ستبحث مع حلفائها اتفاقاً أطول مدى وأقوى مع طهران، يتناول مسائل أخرى «صعبة للغاية»، مضيفاً: «إيران متوقفة عن الالتزام على عدد من الأصعدة وستستغرق عودتها – إن قررت أن تفعل – بعض الوقت، ثم سيستغرق منا تقييم وفائها بالتزاماتها، بعض الوقت».

ونشرت مجلة «فورين بوليسي» مقالاً يرى كاتبه بلال صعب، مدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، أن على إدارة بايدن، إذا كانت تريد الحصول على موافقة شركاء واشنطن الخليجيين بشأن اتفاق نووي جديد مع إيران، وضع إستراتيجية فعلية لحمايتهم وإيجاد طرق لضمان مساهمتهم فيها.

واعتبر أن هناك إجماعاً على أن شركاء واشنطن الإقليميين يكرهون الاتفاق النووي لفشله في التطرق لمخاوفهم الأمنية الإقليمية، التي تتجاوز قدرات إيران في مجال التخصيب النووي.

وقال صعب إن إدارة بايدن ستقدم قريباً أفكارها الخاصة حول النقاشات مع الحلفاء، وستتبع نهجاً أشمل من خلال الدفع نحو حوار أمني إقليمي، بالتوازي مع المحادثات النووية المحتملة.

وختم الكاتب بأن فريق بايدن للسياسة الخارجية وقادة دول الخليج العربي سيكون لديهم الكثير من الفرص للتشاور حول كيفية مواجهة التحدي الإيراني في مجمله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى