إيطاليا نحو مزيد من التأزم بعد استقالة كونتي.. وخطة النهوض بالاقتصاد تبعثرت

علي حمدان –
أدت استقالة رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي يوم أمس الثلاثاء، إلى دخول إيطاليا في أزمةٍ سياسيةٍ معقدة في خضم الموجة الثانية من تفشي فيروس كورونا، وصراع شرس على السلطة ينذر بتعثر خطة النهوض الاقتصادي المنتظرة.
استقالة كونتي أعقبت أسابيع من التراشق الخطابي مع رئيس الحكومة السابق ماتيو رينزي، الذي قام بسحب وزراء حزبه من الحكومة المستقيلة، إثر خلافات حول استراتيجية احتواء الجائحة، وخطة إنفاق حوالي 200 مليار يورو كانت قد اقترضتهم إيطاليا من الاتحاد الأوروبي من أجل تدعيم اقتصادها، بحسب صحيفة لاريبوبليكا.
في هذا الوقت يتساءل الإيطاليون عن جدوى اختلاق هكذا أزمة، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد ركوداً اقتصادياً، ويموت فيها المئات يومياً جراء إصابتهم بالفيروس التاجي.
«مع استقالة الحكومة كل شيء سيصبح أصعب وأبطأ»، قال وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة لويجي دي مايو، العضو في حزب النجوم الخمسة وصاحب الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان الإيطالي.
وكانت إيطاليا البلد الأوروبي الأول الذي تلقى صفعة كورونا، وما زالت تداعيات التفشي الذي شهدته البلاد خلال الأشهر الأولى من العام الماضي مستمرة حتى الآن، فأجزاءٌ كبيرة من البلاد ما زالت تخضع لإقفالٍ عام جزئي، وحملات التطعيم فقدت زخمها بسبب تخلف الشركات المصنعة للقاحات عن تسليمها في المواعيد المتفق عليها، بحسب ما أعلنته حكومة كونتي.
استقالة كونتي أعقبت فشله في الاستحواذ على أغلبية نيابية تمكنه من تشكيل حكومة ثالثة جديدة، مما أدخل روما في لعبةٍ سياسية قد يطول أمدها، بين كونتي الذي سيستمر بتصريف الأعمال ورينزي المعروف لدى الإيطاليين ب«المدمّر».
وزير خارجية إيطاليا لورينزو غويريني صرح للاريبوبليكا الإيطالية بأن جوزيبي كونتي «لا يعوض»، مشيراً إلى أنه قد حان وقت إعادة تشكيل تحالف جديد، والتوصل إلى اتفاقية لإدارة شؤون إيطاليا للأعوام المقبلة.
من جهتها اعتبرت ديغورا سيركياني، نائبة رئيس الحزب الذي ينتمي إليه كونتي بأن وجود الأخير على رأس الحكومة كان ضرورياً، مشددةً على أهمية توسيع مروحة العمل الحكومي وإعادة إطلاق عجلاتها من أجل إيطاليا.
الأحزاب الإيطالية ذات الكتل الوازنة في البرلمان الحالي تريد تحاشي الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، فاستطلاعات الرأي تتنبأ بفوز الأحزاب اليمينية المعارضة التابعة للملياردير ورئيس الحكومة السابق سيلفيو بيرلوسكوني، واليميني المتطرف ماتيو سالفيني.
«أعتقد بأن شركائنا الأوروبيين قلقون جداً حيال عدم الاستقرار الحاصل في إيطاليا، الأمور تتغير في إيطاليا للأفضل غالباً، ثم تعود إلى التأزم مرة جديدة، سوف نشهد ولادة حكومة قريباً ربما ومن المرجح أن تلقى مصير سابقتها في وقتٍ سريع»، يقول روبيرتو دالي مونتي، الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في جامعة روما.
يحاول ماتيو رينزي العودة إلى رئاسة الحكومة بالرغم من شعبيته المنخفضة بحسب استطلاعات رأي صدرت مؤخراً . «الآن كونتي و رينزي أصبحا أعداء، ويريد رينزي استلام دفة الحكم، عن أي تغيير يتحدثون عندما ستقوم الأغلبية النيابية ذاتها بانتخاب رئيس حكومة جديد؟ لا أرى أي تغيير في ذلك»، يقول ماتيا ديليتي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابينزا الإيطالية.
في سياقٍ آخر يرى محللون بأن الذهاب إلى انتخابات برلمانية الآن، لن يؤدي إلى حلحلة الأزمة.
«أعتقد بأننا سنتمكن من إيجاد الحل و لو تمثل ذلك بحكومة أضعف من حكومة كونتي السابقة»، يقول ديليتي.