تقارير

الصين تعزز نفوذها في إفريقيا.. والغرب يترقّب

علي حمدان –

يجتمع دبلوماسيون أفارقة وصينيون كل ثلاثة أعوام في منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي يستقطب من قادة القارة السمراء ما يفوق الحاضرين للقائات منظمة الأمم المتحدة السنوية من رؤسائها.

تخبرك القمم الإفريقية الصينية الكثير عن نفوذ بكين المتصاعد في القارة، حيث أصبحت شريكة أساسية لكثير من الدول الإفريقية، وسوف يتبلور هذا في قمة بكين والزعماء الأفارقة المنتظرة خلال العام الجاري في داكار عاصمة السنغال، بحسب ذا إيكونومست.

القمة الإفريقية الصينية الثامنة ستكون مختلفة عن سابقاتها، فخلال ولاية الرئيس ترامب تعرض حراك الصين الدبلوماسي في القارة الإفريقية، لكثيرٍ من الانتقاد من قبل واشنطن. واتهم وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو الصين، بإغراق الدول الإفريقية بوعود فارغة.

ويبدو أن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، لن يبادر إلى تبني خطاب مماثل لخطاب الإدارة السابقة، لكن شكوكه حول الدور الصيني في إفريقيا ستكون حاضرة، وعليه من المرجح أن تكشف الأشهر المقبلة الكثير، حول مصداقية الصين في وعودها، ومدى دعمها للعواصم الإفريقية التي تصارع الوباء بإمكانياتٍ مجهرية.

دعم صيني

كين أوفوري آتا، وزير المالية الغاني يرى أن الغرب لا يريد من إفريقيا سوى استنزافها، مشيراً إلى أن القارة بمثابة طاولة الشطرنج التي يتبارى عليها الأقطاب منذ استعمارها، منوهاً إلى عدم كسب دولها لشيء من أوروبا والغرب طوال السنوات الماضية.

أوهورو كينياتا، الرئيس الكيني قال بأن أفريقيا ليست جائزة يتبارى الكل من أجل نيلها، مشدداً بأن الدول الإفريقية تختار شركائها بنفسها ولا يمكن لأحدٍ إجبارها على شيء. سيريل رامفوزا، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا اعتبر من جهته بأن إفريقيا، تعاني بسبب غيرة الولايات المتحدة الأميركية مما ستقدمه الصين للقارة.

وبالرغم من إنفاق الولايات المتحدة الأميركية لأموالٍ طائلة، على قطاع الصحة العامة في إفريقيا، إلا أنها لا تقدم للقارة ما تقدمه الصين.

القادة الأفارقة يريدون شق الطرقات، وبناء الجسور والموانئ وغيرها من البنى التحتية الضرورية، وتمويل الشركات الصينية وتنفيذها لهذه المشاريع، يشكل عامل جذبٍ لا يقاوم بالنسبة لهؤلاء.

«الصين تدرك مدى تعطش الدول الإفريقية للتغيير والإنماء وتقوم بمحاكاة ذلك على عكس الغرب الذي لا يسعى لتنمية إفريقيا بل للأخذ منها»، تقول ديبورا بروتيغام، الباحثة في الشؤون الصينية والإفريقية في جامعة هوبكنز.
على صعيد الاتصالات تدعم الحكومة الصينية مشاريع شركة هواوي في القارة الإفريقية، وعليه لم تقم الشركة التكنولوجية العملاقة بخسارة أي من عقودها في إفريقيا، منذ بدء دعوات الولايات المتحدة الأميركية لحلفائها وأصدقائها حول العالم، لمقاطعة الصين تكنولوجياً.

«الطلب الأميركي غير منطقي، فكيف لنا أن نستجيب لتمنيات واشنطن التي لا تقوم بمنحنا أية بدائل»، يقول جود ديفيرمونت، العضو في المركز الدولي الاستراتيجي للدراسات في واشنطن.

لقاح كورونا

بالإضافة إلى مشاريع البنى التحتية والتكنولوجيا، تعول إفريقيا على بكين من أجل الخروج منتصرة من معركتها مع جائحة كورونا، لا سيما بعد وعود للأخيرة بتزويدها بأي لقاحٍ صيني يتم إنتاجه أولاً.

كما تنشط في القارة السمراء أعمال أكثر من عشر آلاف شركة خاصة صينية، وعلى الصعيد الثقافي، يفوق عدد الطلاب في الجامعات الصينية أعداد التلامذة الأفارقة في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا مجتمعتين.

بالرغم من إساءة السلطات الصينية لمعاملة المهاجرين الأفارقة في ميناء غوانزو العام الماضي، والتي أشعلت مواقع التواصل الإجتماعي في القارة وأغضبت عدد من قادتها، فإن إستطلاعات رأي أجريت في 18 دولة إفريقية في سبتمبر الماضي، أظهرت بأن 59% من المشاركين في الاستطلاع ينظرون لبكين بودّ.

من جهتها تعول الصين على قيمة ال 54 دولة إفريقية في المنتديات الدولية، وعلى تصويتهم لصالحها في أي قرارات تطرحها منظمات دولية، كقضية إقليم شينجيانغ أو هونغ كونغ أو سيادتها على تايوان.

ويعلم رؤساء الدول الإفريقية أن غضب بكين يستولد العقاب، وفي حال تصويتهم ضد مصالحها سيلقون مصير أستراليا، التي انتقدت سياسات بكين العامة تجاه فيروس كورونا والأيغور في إقليم شينجيانغ، فخسرت السوق الصيني، كما يدرك دبلوماسيو إفريقيا بأن انتقادهم للصين ومعاداتها، لا يضمن لهم أي مكاسب غربية في المقابل، وعليه، لن ينتهج هؤلاء سلوكيات تضر بتشي جين بينغ حتى لو أرادوا ذلك ضمناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى