خطة بايدن: وضع «النووي» في الصندوق أولاً
لاحقاً تُهيِّئ أرضية لاحتواء «البالستي» والتدخلات الإقليمية

خالد جان سيز
بدأت ملامح الإستراتيجية الأميركية للتعامل مع برنامج إيران النووي تتضح مع تحرّك واشنطن للتنسيق مع أوروبا، والتأكيد على إشراك دول المنطقة، خاصة السعودية، في أي مفاوضات مقبلة.
العنوان العريض لسياسة الرئيس الأميركي جو بايدن في التعاطي مع إيران هو «الدبلوماسية»، لكن ذلك لا يعني أنها سياسة ناعمة بلا أدوات ضغط، فإدارة بايدن حالياً تشكّل جبهة عريضة من الحلفاء تواجه بها إيران، وتعمل على خطة من شقّين: الأول احتواء طهران نووياً، والثاني وضع قيود على أنشطتها الإقليمية.
فور توليه منصبه الجديد في إدارة بايدن، بدأ المبعوث الجديد الخاص بالشأن الإيراني روبرت مالي محادثات مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بخصوص الاتفاق النووي مع طهران.
ونقلت «رويترز» تأكيداً لهذه المحادثات، من مصدرين مطلعين، الجمعة، وقال مصدر دبلوماسي أوروبي إن «حوارَ مالي مع المسؤولين السياسيين بوزارات الخارجية البريطانية والفرنسية والألمانية، يتعلق بمحاولة الإلمام بالملف، وتقييم ما نفكر فيه».
وذكر المصدر الثاني أن «المحادثات أجريت بالفعل»، لكنه لم يقدم تفاصيل، في حين لم ترد وزارة الخارجية الأميركية على الفور على طلب للتعليق.
وفي سياق متصل، نقلت «سكاي نيوز» البريطانية عن مصادر أوروبية، لم تسمّها، أن «مالي أجرى الخميس محادثات مع مسؤولين أوروبيين، لتقييم مستجدات الاتفاق النووي الموقع مع إيران».
وأكدت واشنطن، الجمعة، تسمية مالي صديق طفولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن ورئيس مجموعة الأزمات الدولية «مبعوثاً خاصاً لإيران».
حضور سعودي
وفي الوقت الذي أجرى فيه مالي محادثات مع مسؤولين في لندن وباريس وبرلين، ذكرت «العربية» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أبلغ صحافيين على مائدة إعلامية أن «الوقت المتبقي لمنع إيران من تطوير سلاح نووي محدود للغاية»، مشيراً إلى ضرورة تفادي تكرار أخطاء الاتفاق النووي.
وأفاد بأن «التفاوض مع إيران سيكون متشدداً جداً، حيث سنطلب ضمَّ شركائنا في المنطقة إلى الاتفاق النووي الإيراني، ومن ضمنهم السعودية».
في سياق متصل، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد جيك سوليفان أن إدارة بايدن ترى إحدى أهم أولوياتها حالياً في الحد من تطوير برنامج طهران النووي من خلال إحياء الاتفاق النووي.
وأثناء فعالية استضافها «المعهد الأميركي للسلام»، أكد سوليفان أن إدارة بايدن تسعى إلى إحياء الاتفاق بشكل عاجل كأول خطوة للتعامل مع طيف من التحديات من قبل إيران، محذّراً من أن طهران أصبحت اليوم أقرب من الحصول على قنبلة نووية مما كان الأمر عندما انسحب ترامب من الصفقة.
أزمة متصاعدة
وقال المستشار: «سنضطر إلى التعامل مع سلوك إيران الخبيث في المنطقة، لكن من وجهة نظرنا، تكمن الأولوية الأولية القصوى في التعامل مع أزمة نووية متصاعدة؛ إذ اقتربوا أكثر من الحصول على الكميات الكافية من المادة الانشطارية لإنتاج سلاح».
وأوضح سوليفان أن إدارة بايدن تسعى إلى التأكد من استئناف بعض المعايير والقيود المتعلّقة ببرنامج إيران النووي التي انهارت في العامين الماضيين. وتابع: «وفق رأينا، إذا تمكّنا من العودة إلى الدبلوماسية وإغلاق نووي إيران داخل صندوق، فإن ذلك سوف يهيِّئ أرضية لجهد دولي، يشمل شركاءنا وحلفاءنا في المنطقة وأوروبا وأي مكان آخر؛ للتعامل مع المخاطر الملموسة الأخرى التي تشكلها إيران، منها برنامجها الصاروخي البالستي».
بدورها، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنه يجب تعزيز القيود النووية على إيران، ومعالجة قضية الصواريخ البالستية وأنشطة طهران في المنطقة.
وردّاً على سؤال بشأن إمكانية لقاء الرئيس الأميركي نظيره الإيراني، قالت ساكي: «سيتم بحث هذا الأمر»، مضيفة: إن «أي خطوة باتجاه إيران والاتفاق النووي ستكون بالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا».
لا إضافة
في المقابل، قال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إنه لا تمكن إضافة أي ملف إلى الاتفاق لم يكن مدرجاً فيه.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو بإسطنبول، أضاف ظريف أن واشنطن هي التي انسحبت من الاتفاق وخرقته، وهي التي تجب عليها العودة إليه أولاً.
وقال مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني إن ملف التفاوض بشأن الاتفاق النووي أغلق، مؤكداً أن موقف بلاده واضح ولن يتغيّر، وأنه لا فرق لدى طهران بين ترامب وبايدن.
وعن الإستراتيجية الإيرانية في مواجهة الوضع الراهن، قال أبوالفضل عمويي، الناطق باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية للبرلمان الإيراني: «الأولوية هي لإحباط العقوبات» الأميركية.
وحول القانون الذي أقره البرلمان، مطلع الشهر الماضي لاتخاذ خطوات نووية لإجبار الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على إلغاء العقوبات، قال عمويي إن «مجلس الشورى الإسلامي يتابع تنفيذ قانون الإجراء الإستراتيجي لإلغاء العقوبات بحذافيره، وبشكل جاد».
غوتيريش: للخروج من مأزق الاتفاق النووي
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الولايات المتحدة وإيران إلى العمل معاً للخروج من المأزق الحالي بشأن الاتفاق النووي.
ورداً على سؤال حول إمكانية أن يقود وساطة للخروج من المأزق، قال غوتيريش إن «هناك عملاً كثيراً يجب القيام به، لكن لا أتوقع حلاً فورياً»، معتبراً أن «كل من شارك في الاتفاق النووي والأطراف المعنية الأخرى يجب أن يعملوا معاً لتقليص عدم اليقين ومواجهة الصعوبات والعقبات».
وتابع أن الأمر يتعلق بـ«ضمان تحرك الأمور تدريجياً نحو وضع يمكن أن نتوصل فيه إلى اتفاق ضروري لسلام واستقرار الخليج والعالم أجمع».