أطفال ونساء ضحايا تعذيب القوى الأمنية في جنوب السودان

علي حمدان –
يكشف تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش مؤخراً عن ممارسات وحشية لجهاز أمن جوبا ويؤكد على ضرورة محاسبته وتحقيق العدالة للمدنيين في جنوب السودان، وبناء على دراسة نشرت في ديسمبر الجاري تحت عنوان «أيُ جريمة ارتكبت؟»، فالحكومة الجوبية لم تنجح بتهذيب أداء قواها الأمنية العنفي، بل حولتها الى ذراعها القمعية.
الدراسة مبنية على تحقيقات قامت بها كل من هيومن رايتس ووتش، أمنيستي إنترناشونال، لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان، ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهي تقدم وثائق جديدة ومقابلات مع 48 معتقلين سابقين بالإضافة الى شخصيات مواكبة للقضية من ناشطين ومحللين سياسيين وعسكريين متقاعدين وأهالي.
تاريخ جهاز جوبا الأمني
تم تأسيس جهاز جنوب السودان الأمني عام 2011 ليتولى مهام إستخباراتية وسرية بناء على طلب سلطات البلاد. بإمكان الجهاز، بموجب القانون، تجميع معلومات عن مطلوبين وإجراء تحريات وتسليم الملفات للسلطات المعنية. بعيد تأسيسه بأشهر باشر الجهاز بالقيام بممارسات تعسفية وإلقاء القبض على الأشخاص بصورة غير قانونية، ومع إندلاع الحرب الأهلية في البلاد عام 2013 تحول الجهاز الى أداة حكومية لكم أفواه الصحفيين والناشطين والوجوه المعارضة، حسب مقالة نشرتها لا ريبوبليكا الإيطالية.
يتمتع الجهاز الأمني في جوبا بدعم القانون الذي يضمن له حق إعتقال ومراقبة وتتبع الأفراد واستخدام القوة ضدهم. مصطلحات النص القانوني الفضفاضة، بحسب هيومن رايتس ووتش، تسمح لعناصر الجهاز بالتمادي في تجاوزاتهم ومعاملتهم السيئة للمواطنين في ظل غياب تام لأي حماية قانونية لهؤلاء. في سبتمبر 2019 أعلن رئيس البلاد سالڤا كير عن إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة عناصر مدانة بممارسات عنفية من جهازه، لكن الدراسة تقلل من أهمية محكمة الرئيس التي وصفتها بالغير جديرة بالثقة.
ضحايا وعاهات جسدية ونفسية
لا يمكن تحديد عدد ضحايا الجهاز الأمني الجنوب سوداني لغياب مستندات توثق ذلك بدقة، لكن مصادر متفرقة أكدت تعرض المئات لسوء المعاملة، الإعتقال التعسفي، القتل والإخفاء القسري، فيما تم عزل كثر في زنازين إنفرادية دون تزويدهم بالمأكل والمشرب والعناية الطبية اللازمة، ناهيك عن التعذيب الجسدي كآقتلاع الأظافر والتعذيب بالكهرباء والإعتداءات الجنسية.
تجدر الإشارة الى أن المعتقلين تضمنوا نساء حوامل وأطفال وأشخاص من ذوي الحاجات الخاصة.
نشاط الجهاز خارجياً
نفوذ الجهاز الأمني الجوبي لا تعترضها حدود جنوب السودان الجغرافية، فقد تضمنت الدراسة المذكورة وثائق تثبت تعرض المواطنين الجنوب سودانيين للتهديد والإعتداء في كل من أوغندا وكينيا بالتواطئ مع أنظمة تلك الدول مما ولد ذعراً في صفوف الجوبيين في المهجر ودفعهم الى الصوم عن التعبير عن آرائهم السياسية.
العدالة المستحيلة
محاسبة الجناة بالنسبة لضحايا الجهاز أمر مستحيل. كثر منهم تم إعتقالهم لأكثر من عام دون تهمة ليتم إطلاق سراحهم بعد تهديدهم بالقبض عليهم مجدداً في حال أسرّوا بما تعرضوا اليه لأي كان. الملاحقة القضائية غير مجدية، يرى هؤلاء، لا سيما أن الجهاز يتبع مباشرة لرئيس الجمهورية، رأس النظام الفاسد.
دعوة للتحرك
في ضوء ما ذكرنا، حضت هيومن رايتس ووتش حكومة جنوب السودان على إصلاح نظامها الأمني على أسرع وجه وبذل الجهود من أجل صون الكرامة الإنسانية. كما دعت جوبا الى تحديث قوانينها والعبور نحو حقبة العدالة وحقوق الإنسان، و ناشدت المنظمة المجتمع الدولي الى التدخل، لا سيما الدول المجاورة لجنوب السودان كالإتحاد الإفريقي، بالإضافة الى دول أخرى كواشنطن ولندن والنروج.