تقارير

جائحة الطفولة المستلبة

– علي حمدان

 

خمسة وعشرون ألفاً هو عدد الأطفال الذين تم إستخدامهم في الحروب كمقاتلين وحمّالين وجواسيس وطهاة، والفتيات كأدوات لإشباع رغبات الجنود الجنسية. أكثر من مليار طفل شهدوا منذ العام2002 وحتى الآن أعمال عنفية في 42 منطقة نزاع حول العالم. لا أرقام نهائية وموثقة عن أعداد الأطفال الذين ساهموا بأعمال حربية، وبحسب اليونيسيف فإن ما يزيد عن مائة ألف طفل تم تسريحهم وإعادة تجنيدهم في حروب متفرقة منذ العام 1998 وحتى اليوم، نقلاً عن صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية.

 

فرانشيسكا سيمبريني، المراسلة الحربية الإيطالية تتحدث عن معاينتها لطفل في قندهار كانت تستخدمه طالبان في أحد معسكراتها المخصصة لصناعة القنابل والمتفجرات كمساعد في عمليات نقل المواد الأولية وغيرها. «بدا الطفل الصغير ضائعاً، زائغ العينين، حزين كسائر المعتقلين. كانت المرة الأولى التي أرى فيها بأم العين طفلاً مجنداً، شعرت بالغضب يسير تحت جلدي، كيف لهذه الضحية اليانعة أن تخسر طفولتها وحريتها، ولو لم يتم مداهمة المكان من قبل القوات الأميركية لخسرت حياتها ربما!»، تقول سيمبريني.

 

«تجند حركة الشباب الإسلامية المتطرفة في الصومال الأطفال، تقوم بتخديرهم وتبديد الخوف في قلوبهم الصغيرة عن طريق القاط والكحول، في ليبيا يتم الإستعانة بالأطفال لنقل العتاد، وكذلك ميليشات شمال سوريا التي تشرك أطفالاً في معاركها وتصدر بعضهم الى ليبيا لمساعدة القوات التركية في مهمتها القتالية هناك، ففي الأشهر الأخيرة من 2020 تم نقل أكثر من 150 طفل سوري الى طرابلس الغرب بحسب تقارير موثقة من قبل منظمة الأمم المتحدة»، تضيف الصحفية الإيطالية.

 

بالإضافة الى ظاهرة الطفل العسكري، يشير تقرير صادر عن الأمم المتحدة في العام 2019 الى توثيق أكثر من 25 ألف حادث عنفي تعرض له أطفال مناطق متفرقة من العالم تشهد نزاعات.

 

ضحايا الحرب من الأطفال كثر أيضاً، فبحسب لا ريبوبليكا، وناهيك عن ضحايا الإعتداءات الجنسية الذين فاقوا ال735 حالة، والمتعرضين للإغتصاب الذين تعدوا ال1600 طفلاً في الصومال وحدها بالإضافة الى غيرهم في الكونغو ونيجيريا وغيرها، فمجمل عدد الضحايا الأطفال جراء أنواع اعتداءات مختلفة فاقوا العشرة آلاف عام 2018، أغلبهم في أفغانستان وسوريا واليمن. عطفاً على الإغتصاب وضحايا القصف وغيرها، تشير الصحيفة الى أن طفلاً من بين كل أربعة أطفال يموت جراء إنفجار ذخائر  قديمة أو ألغام من مخلفات الحروب في مناطق مختلفة من العالم.

 

جائحة الطفولة المستلبة

تجنيد الأطفال في الحروب أصبح ظاهرة عالمية. إنه وباء الطفولة المستلبة. ففي حرب سيراليون الأهلية يقود الأطفال محاور  القتال، وفِي السودان ينخرط أكثر من 100 ألف طفل في معارك لم تتوقف منذ أعوام، وكذلك في اليمن وفي أميركا اللاتينية بدءاً بكولومبيا مروراً بالإكوادور وسالفادور وغواتيمالا والمكسيك ونيكاراغوا والباراغواي وبيرو. أما في آسيا، وتحديداً في ميانمار فيفوق عدد العساكر الأطفال ال75 ألفاً ما بين المنضوين في صفوف القوات الرسمية المسلحة للبلاد او الميليشيات.

 

“تجنيد الطفولة أمر مروع، ولا غرابة في إدراج مكافحة الدول لتجنيد الأطفال في الحروب ضمن أهداف منظمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ال17”، تقول سيمبريني مختتمة حديثها لرا ريبوبليكا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى