
خالد جان سيز
بين تصعيد إيران انتهاكاتها للاتفاق النووي لتسريع المحادثات مع واشنطن، وما يراه مراقبون «رغبة» أميركية في «الاستعجال» بعقد مفاوضات، يراقب الكيان الصهيوني كل ما يصدر من مواقف من مسؤولي الإدارة الأميركية الجديدة بخصوص الصيغة المحتملة لأي تسوية مع إيران، غير أنه يُعدّ خططه الخاصة، تحسّباً لأي مواجهة مع طهران.
في استمرار للانتهاكات النووية، وضمن سلوك تصعيدي يهدف إلى ابتزاز واشنطن، أعلن مندوب إيران الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي أن بلاده نصبت 696 جهازاً للطرد المركزي من جيل IR2M بسعة 4 أضعاف الجيل السابق في منشأة «نطنز» في أصفهان وسط البلاد، بالإضافة إلى نصب سلسلتين من جيل IR6 في «فوردو» قرب العاصمة طهران.
وقال غريب آبادي إن «هناك المزيد في المستقبل القريب»، مضيفاً أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تزال قادرة على التحقق وإبلاغ التقدم كما هو مخطط له».
وأصبحت قضية انسحاب إيران من التزاماتها النووية أكثر جدية خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن أقر البرلمان قانون «الإجراء الإستراتيجي لرفع العقوبات» في 2 ديسمبر الماضي.
رسائل تهدئة
لكن علي ربيعي الناطق باسم الحكومة الإيرانية قال إن بلاده «لم تنسحب من الاتفاق النووي أبداً»، مشيراً إلى أن خطواتها لتقليص تعهداتها النووية خلال العامين الأخيرين جاءت «اضطراراً»، رداً على تداعيات الانسحاب الأميركي و«مماطلات» بقية الأطراف في تنفيذ الالتزامات.
كما بعث وزير الخارجية محمد جواد ظريف رسائل تهدئة، حيث دعا الاتحاد الأوروبي إلى المساعدة والتوسط بشأن الاتفاق النووي.
وفي لقاء له على قناة «سي إن إن» الأميركية، أكد أن وزير الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد ينسق عودة متزامنة لواشنطن وطهران إلى الاتفاق. وتابع: «يمكن اتخاذ الخطوات اللازمة (من واشنطن وطهران) في وقت معاً. بوريل يمكن أن يسهل ذلك».
وأفاد ظريف بأن إيران يمكن أن تتراجع عن برنامجها المتزايد لتخصيب اليورانيوم «في أقل من يوم»، إذا أسقطت الولايات المتحدة العقوبات، مشدداً على أن «التوقيت ليس هو القضية» وأن «الولايات المتحدة بحاجة للعودة إلى الامتثال وإيران ستكون مستعدة للرد على الفور».
وقال محللون إن تصريحات ظريف الأخيرة ربما تمهد الطريق لمحادثات بشأن إحياء الاتفاق، حيث ذكرت سوزان مالوني من معهد «بروكينغز» أنه «ليس من المستغرب تماماً أن نسمع – وسط موقف متشدد إلى حد كبير من الإيرانيين – مثل هذه التصريحات التي ستمكّنهم من الدخول في مفاوضات».
الموقف الأوروبي
وكان بوريل قال إن تطبيق الاتفاق أصبح موضع تساؤل، وأقر الاتحاد الأوروبي أنه لم يتمكن في السنوات الأخيرة من حماية العلاقات التجارية المشروعة بين الشركات الأوروبية وإيران.
وفي السياق، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، إن الأولوية بالنسبة إلى دول الاتحاد هي عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.
وأوضح أن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي يمكن أن تمثل منطلقاً لحوار موسع حول الأمن والاستقرار في المنطقة.
تحذير بلينكن
تصعيد إيران في المجال النووي جاء بعد يوم من تحذير وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أنه إذا استمرت طهران في انتهاك التزاماتها النووية، فلن يكون أمامها سوى «أسابيع قليلة» من إنتاج المواد النووية الانشطارية لصنع أسلحة نووية.
وأضاف أن الولايات المتحدة مستعدة للعودة إلى الاتفاق إذا عادت إيران إلى الالتزام به، مشيراً إلى أن على إيران الإفراج عن المحتجزين الأميركيين، بغض النظر عن أي اتفاق معها.
لكن وزير الطاقة الصهيوني يوفال شطاينز قال إن أمام إيران نحو 6 أشهر لإنتاج مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي: «في ما يتعلق بالتخصيب، يمكنهم الوصول للكمية الكافية في غضون نصف عام، إذا فعلوا كل ما يلزم. وفي ما يتعلق بالسلاح النووي تبلغ المدة نحو عام أو عامين».
خطط صهيونية
وما بين جس النبض القائم بين واشنطن وطهران حول صيغة التفاوض، يعد الكيان الصهيوني خططه تحسباً لأي مواجهة مع إيران، حال اقتربت كثيراً من امتلاك قنبلة نووية.
وفي خطوات قد تكون مُحمّلة برسائل نحو إيران، وإلى من يهمه الأمر في واشنطن، كشف الكيان الصهيوني عن سلسلة إجراءات تتعلق بطلب زيادة فورية على موازنة الأمن، حيث عُقد لهذه الغاية اجتماع أمني، مساء الاثنين، برئاسة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو، ضم وزيرَي الأمن والمالية، ورئيس هيئة الأركان العامة، ومسؤولي المؤسسة الأمنية.
ووفق «القناة 13» العبرية، تطالب وزارة الأمن بإضافة 3 مليارات شيكل (الدولار يساوي 3.2 شيكل تقريباً)، عبر نقل أموال من صندوق الضرائب على الأملاك المُخصّص لأوقات الطوارئ، الذي يتوافر فيه حالياً أكثر من 12 مليار شيكل، إلى ميزانية الدفاع.
وفي تهديد مبطن لإيران، التقى وزير الأمن بني غانتس وحدة جيش الاحتلال المكلفة تنفيذ عمليات خارج حدود البلاد، وراجع خطط العمليات.
وفي سياق متصل، ذكرت الباحثة في موقع «علما» ساريت زهافي، أن كلام رئيس الأركان أفيف كوخافي الأخير، الذي أثار سجالاً حاداً، تم التخطيط له وتنسيقه مع نتانياهو، وأن كوخافي أراد إيجاد ظروف أفضل لبايدن لبدء التفاوض مع الإيرانيين، كونه في «موقف يقول فيه كوخافي بوضوح إن إسرائيل تستعد للخيار العسكري ولن تقبل صفقة أخرى، فإنها تضغط على الإيرانيين لقبول ما تقدمه إدارة بايدن بدلاً من أن تجادل على اتفاقٍ أفضل، لأن البديل هو رد» الكيان الصهيوني.
افشال مخطط للثأر لسليماني
نقلت القناة الرسمية للكيان الصهيوني عن مصادر استخباراتية غربيّة أن إيران أرسلت عملاء، يحملون الجنسية الأوروبية والإيرانية، إلى دولة أفريقية شرقي القارة السمراء، لتنفيذ هجوم إرهابي، رداً على مقتل القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني والعالم النووي الإيراني محسن فخري زادة.
وأوضحت المصادر أن بعض العملاء مواطنون فرنسيون يحملون الجنسية الإيرانية، وكان إرسالهم بهدف جمع معلومات عن سفارتَي إسرائيل والولايات المتحدة في هذه الدولة، تمهيداً لاستهدافهما لاحقاً.
وأوضح مراسل القناة أنه جرى اعتقال بعض المشتبه في تورطهم في هذه القضية في الدولة نفسها، وآخرين في دول أخرى.
والجمعة الماضي، وقع انفجار قرب السفارة الإسرائيلية في نيودلهي، لم يسفر عن خسائر.