
بعد يوم من انقلاب الجيش على حكومة ميانمار، لا يزال أعضاء البرلمان قيد الإقامة الجبرية داخل مقرهم. وأفاد أحد النواب بأنه و400 آخرين تمكنوا من التواصل مع دوائرهم الانتخابية عبر الهاتف، لكن لم يسمح لهم بمغادرة المجمع السكني في نايبيداو المحاصر من قبل الجيش، وأضاف: «إن السياسيين المنتمين لحزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية بزعامة سو تشي أمضوا ليلة بلا نوم قلقين من احتمال اقتيادهم».
في المقابل، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً لبحث حيثيات الانقلاب.
اللجنة التنفيذية لحزب الرابطة الوطني جددت مطالبة الجيش بإطلاق سراح أونغ سان سوتشي والرئيس وين مينت وآخرين، إضافة إلى الاعتراف بنتائج انتخابات العام الماضي وانعقاد البرلمان المقرر أن يبدأ هذا الأسبوع، مؤكدة أن ما حصل وصمة عار.
من جهته، وعد الجيش بتنظيم انتخابات حرة وعادلة فور رفع حال الطوارئ، وأوقف 24 وزيراً مع نوابهم، فيما عين 11 لإدارة شؤون البلاد، كما علق الرحلات الجوية كافة حتى يونيو المقبل.
أما في الشارع، فلا تزال غالبية الشعب تؤيد أونغ سان سوتشي، ونفذت جماعة نشطاء شبكة يانغون للشباب، إحدى أكبر الجماعات في ميانمار، حملة عصيان مدني أعدت الخطوة الأولى لمعارضة الانقلاب العسكري.
كيف بدأت الأزمة؟
بعد سنوات من تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين حصل الانقلاب وغير معادلة السلطة الحقيقية. ومنذ أسابيع لم يكفّ الجيش عن توجيه اتهامات بحصول مخالفات خلال الانتخابات ولمح مراراً إلى مسألة تعطيل الدستور وإبطاله. وقانوناً، يعطي الدستور الذي وضع من قبل المجلس العسكري عام 2008 للجيش الحق في السيطرة على 3 وزارات أساسية هي الداخلية والدفاع والحدود، مما يضمن للمؤسسة العسكرية أن تكون لديها سيطرة جزئية على سياسة البلاد. وقد حاولت حكومة أونغ سان سوتشي تعديله مراراً، لكنها لم تنجح. كما يتضمّن النص مادة تمنع المتزوجين من أجانب من أن يصبحوا رؤساء، وهي مادة أُدرجت لمنع أونغ سان سوتشي، من الوصول إلى منصب الرئيس.
وفي الواقع، لم يفهم الخبراء سبب تحرك الجيش في هذا التوقيت بالضبط، إذ يبدو أنه لن يجني إلا القليل.
وقال جيرارد مكارثي من معهد الأبحاث الآسيوية في جامعة سنغافورة أن النظام الحالي مفيد جداً للجيش، فهو يتمتع باستقلالية تامة للقيادة، ولديه استثمارات دولية كبيرة تحقق مصالحه التجارية وبغطاء سياسي من المدنيين لجرائم الحرب. وأضاف إن الاستيلاء على السلطة لمدة عام سيبعد الشركاء الدوليين ويضرّ بالمصالح التجارية.
اما فيل روبرتسون، عضو في منظمة هيومن رايتس ووتش بدوره أشار إلى أن هذه الخطوة تُعرض ميانمار لخطر أن تصبح دولة منبوذة مرة أخرى.
بدوره، حذر توم اندروز، ممثل الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان من تداعيات ما قد يحصل للأقليات الدينية والعرقية، لا سيما الروهينغا المسلمين. وقال إن هناك أكثر من 600 ألف يعيشون في ريكون، وأقليات عرقية محاصرة في جميع أنحاء البلاد، داعياً إلى ضرورة النظر في أمرهم ومساعدتهم، لا سيما أنهم معرضون للخطر في أي وقت.