المصالحة الفلسطينية بين سندان النوايا ومطرقة الظروف

علي حمدان –
تصدّر الحديث عن مصالحة مرتقبة بين حركتي حماس وفتح المشهد السياسي مؤخراً، وتوافقهما على إجراء إنتخابات فلسطينية قريباً بعد ١٥ عام على آخر عملية اقتراع شهدتها الأراضي المحتلة عناوين وسائل الإعلام مؤخراً، على حد ما أوردته بلومبيرغ في مقالتها.
نوايا صادقة
وذكرت الوكالة أن إصدار حركتي فتح وحماس لبيانات رسمية تعبر عن نواياهما التقاربية، يقابله تواجد حماس في قطاع غزة الخاضع لسيطرتها بالكامل وفتح في الضفة الغربية المقابلة، مضيفةً أن التباعد الجغرافي بين الطرفين يعكس تباعدهما السياسي والإيديولوجي، وعليه شكّل إعلان ترحيب الرئيس الفلسطيني محمود عباس برد قيادة حماس الإيجابي حيال توحيد الصفوف وبناء الشراكة وإجراء إنتخابات نيابية خلال أشهر، مفاجئة بالنسبة لأطراف إقليمية ودولية عدة.
و بحسب بلومبيرغ، فإن الطرفين يبدوان أكثر صدقاً وأكثر جدية في مساعيهم من أي وقتٍ مضى، وعباس الذي أقفل صناديق الاقتراع في العام 2006 دون فتحها ثانيةً، أعلن عن خطةٍ واضحة بتواريخ ثلاثة محددة: الثاني والعشرين من مايو المقبل للانتخابات التشريعية، الحادي والثلاثين من يوليو للانتخابات الرئاسية، والحادي والثلاثين من أغسطس لتشكيل مجلس وزاري.
الوعد ليس خاوياً هذه المرة على ما يبدو، بل مقتضباً، محدداً وطموحاً، وهو وليد المشهد الجيوسياسي الجديد في الشرق الأوسط والذي يضع السلطة الفلسطينية أمام تحدياتٍ جدية وجديدة، وفقاً لبلومبيرغ.
ولا شك أن تغيّر الظروف السياسية في الشرق الأوسط، يحتم على الفصائل الفلسطينية التوحد من أجل الخروج بخارطة طريق وطنية متجانسة وواضحة لمواجهة الاحتلال، وهو ما دفع بحركتي فتح وحماس إلى التواصل الجدي من أجل إنتاج مؤسسات فاعلة ومتمكنة على الأرجح.
تخوف إيراني
وفي نفس السياق، يبدو أن طهران، التي تربطها علاقات وطيدة مع حماس وفصائل فلسطينية أخرى في قطاع غزة تنظر بريبةٍ إلى المصالحة التي دعا إليها الرئيس الفلسطيني، والتي من شأنها تحجيم التدخل الإيراني في الشؤون الفلسطينية وعودة الدول العربية للإمساك بزمام الأمور في رام الله وغزة.
في المقلب الآخر لا يبدو الكيان الصهيوني مسروراً بالمصالحة ما بين الفلسطينيين، والدعوة إلى انتخابات وإعادة إنعاش مؤسسات الدولة، فالانقسامات الفلسطينية تشكل الغطاء الأمثل والغير مباشر لمخططاته التوسعية.
دولياً ما زالت مواقف الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ضبابية حيال مبادرة أبو مازن، لا سيما بعد نتائج انتخابات العام 2006 التشريعية التي أفرزت فوزاً كبيراً لحركة حماس، وأي نتائج مماثلة في الانتخابات المقبلة لن تلقى استحسان العواصم الأوروبية بالطبع.
عقبات منتظرة
في النهاية، وبالرغم من جدية الطرفين في تحقيق المصالحة وإجراء الإنتخابات، تجدر الإشارة إلى أن الكثير من العقبات قد تحول دون إتمام ذلك، فالحركتين منقسمتين حتى الساعة على آلية توزيع النفوذ والأدوار ما بعد الانتخابات.
هل سيحظى تبوء حركة حماس للسلطة التنفيذية مثلاً برضا المحيط العربي؟، وهل سيتقبل الشعب الفلسطيني قيادة حركة حماس لحكومة بلاده؟ وهل سيوافق الرئيس الفلسطيني على إنشاء محكمة خاصة بالانتخابات من أجل توثيق نتائجها بصرف النظر عن ماهية هذه النتائج؟، وما هو القانون الذي ستجري الانتخابات على أساسه؟ كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات من أجل ضمان فعالية المصالحة، ناهيك عن العقبات اللوجستية المتمثلة بوجود قوات الاحتلال الصهيوني، والتي ستعيق تحرك الأطراف على الأرض سواء خلال فترة المحادثات او الحملات الانتخابية.