قصة الشاب الكفيف الذي تقلد منصباً حكومياً

لم تمنعه إعاقته من تحقيق طموحاته واندماجه بالمجتمع، فأكمل دراسته وتقلد منصباً حكومياً في بلاده، رغم إصابته بالعمى.
شاكر بارحمة، يمني في الثلاثينيات من عمره، ولد مصابًا بالعمى الجزئي الوراثي، ما حال دون حصوله على التعليم في صغره، فضلاً عن إصابته بكسور عديدة؛ جراء عثراته واصطدامه المتكرر بالأشياء الصلبة، لكن كل تلك التحديات وغيرها الكثير لم ينل من إرادته.
في مارس 2020، شغل منصب مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين في محافظته شبوه.
وعن رحلته مع الدراسة، أشار بارحمة في تصريحات إعلامية إلى أنه لم يتمكن من مواصلة دراسته أثناء مرحلة الطفولة؛ بسبب عدم قدرته على رؤية الكتابة بشكل جيد والمخاطر التي كان يتعرض لها أثناء ذهابه إلى المدرسة (10 كم) ذهابًا وإيابًا مشيًا على الأقدام، الأمر الذي دفعه لترك الدراسة في سن مبكرة جداً.
وأضاف: عدم وجود مدارس خاصة لتعليم المكفوفين في منطقتي والمحافظة شبوه كان سببًا في حرماني من التعليم، لكن ذلك لم يحل دون إقبالي على الحياة بتشجيع والدي لي.
لحظة فارقة
في عام 2005، انتقل بارحمة هو وأسرته للعيش في مدينة عدن، وهي لحظة فارقة شكلت وعيه وكتبت له سيناريو مختلف في الحياة.
أكد بارحمة أن تمتعه بالإرادة، التي مكنته من إذابة جليد المعيقات، قائلًا: عند وصولي عدن التحقت بمعهد النور للمكفوفين وتعلمت فيه طريقة الكتابة (برايل)، ثم واصلت دراستي وأكملت الثانوية، ثم التحقت بكلية اللغات جامعة عدن لتعلم الإنكليزية.
سفيراً للسلام
وبفضل تفوقه ونشاطه الكبير في مجال التماسك المجتمعي، اختارت منظمات المجتمع المدني في عدن بارحمة سفيراً للسلام، عام 2018.
وكان ذلك دافعاً له، فأسس مبادرة أطلق عليها اسم (صناع الأمل) لذوي الاحتياجات الخاصة؛ لتوصيل رسالة للمجتمع ولذوي الهمم منهم بأن المجال مفتوح أمامهم ليبرزوا قدراتهم وما يكتنزونه بدواخلهم، متى ما أتيحت الفرصة لهم.
وتابع: خلال فترة وجيزة استطعت إدخال الكثير من ذوي الإعاقة، بالذات الناشطون منهم، في مجال بناء السلام بعدن وأخذت بيد الكثير أيضًا، فصاروا اليوم، ولله الحمد، مؤثرين في أنفسهم وفي محيطهم، ومن صناع السلام في مجتمعهم.
من بين الأشياء الجميلة التي يحرص بارحمة على فعلها في عمله المجتمعي والإنساني هو أنه يولي ذوي الاحتياجات الخاصة الاهتمام الأكبر، ربما لشعوره، أكثر من غيره، بمتطلبات تلك الفئة.
وأضاف: أنا كشخص مسؤول عما يقارب 4 آلاف معاق في شبوه يحتم علي العمل بإخلاصٍ وتفانٍ، ومنح هذه الفئة فرصة التعليم الذي حُرمت منها أنا في صغري كخطوة أولى.
وأشار إلى جملة من الخطط والبرامج لتأهيل المعاقين في شبوه، وإدماجهم في سوق العمل، حتى يكسب لقمة عيشه من عرق جبينه، بالإضافة إلى دورات حرفية ومهنية وفتح مدارس للمكفوفين وللصم والبكم.