الشرق الأوسط

لبنان: الحريري يستكمل تحركه عربياً.. والدفع الفرنسي يتواصل

مصدر نيابي للقبس: مبادرة ماكرون «تتحور» وباسيل لن يتنازل

بيروت- أنديرا مطر- 

فاقمت مواجهات طرابلس الأخيرة المخاوف من انفلات الاوضاع أمنيا في لبنان نتيجة الانهيارين الاقتصادي والمالي، في وقت بدأت بوادر رفع الدعم تظهر تدريجياً. اما على المسار الحكومي المجمد، فقد سجلت حركة داخلية بالتوازي مع الدفع الفرنسي محلياً وخارجياً لتوفير ظروف مؤاتية لولادة الحكومة.
وكشفت مصادر فرنسية ان الرئيس ماكرون يواصل مساعيه للحصول على غطاء عربي ودولي لمبادرته، الا أن أي اختراق لم يتحقق حتى الآن في هذا الملف. وتربط المصادر تحقيق هذا الأمر بمقاربة شاملة لقضايا المنطقة، وهذه تحتاج لأشهر كي تتوضح معالمها.
في الاثناء، استكمل الحريري جولاته العربية بحثا عن مخرج للازمات اللبنانية، وقد التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على ان يزور في وقت لاحق فرنسا.

لوبي عربي

نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش أكد ان الزيارة المصرية تنقسم الى جزءين، الأول يرتبط بالحراك الذي انطلق بعد القمة الخليجية ومستتبعاتها. والاهم هو كيفية تأمين لوبي عربي تكون مصر مركزا له لإقناع الدول العربية بوجوب عدم ترك لبنان في الفراغ الموجود فيه، على مستوى الدعم وعدم التخلي عنه.
ورفض علوش التعويل على التدخل المصري لتغيير الواقع الحكومي وإقناع باسيل «بالافراج عن الحكومة». معتبرا ان اللقاء مع الرئيس ماكرون «قد يساعد او لا يساعد، لأن من الواضح ان هناك من يأخذ الحكومة كرهينة»

بري يدعم الحريري

ويتحرك الحريري متسلحا هذه المرة بمواقف محلية مساندة له في معركته مع الرئيس عون، وخصوصا بعد وضع الرئيس مشكلة التعطيل لدى فريق الرئيس عون، رافضا أن يمتلك أحد من القوى الثلث الضامن. موقف بري كان مهد له اتصال بين الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، ورئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، تناول مسالة التعطيل الحكومي، ونقلت مصادر إعلامية مقربة من حزب الله ان الأخير أبلغ باسيل عدم موافقته على حيازة أي طرف للثلث الضامن. وسجل أيضا تحرك للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم باتجاه باسيل في مسعى لاقناعه بملاقاة الحريري الى منتصف الطريق. الا ان كل هذه المبادرات اصطدمت بإصرار باسيل على التمسك بشروطه تحت عنوان «وحدة المعايير».

باسيل لن يتنازل

وفق هذه المعطيات، يمكن القول أن لا بوادر إيجابية تؤشر إلى تسهيل ولادة الحكومة. مصدر نيابي متابع للملف الحكومي شكك بوصول هذا التحرك الى خواتيم مرضية، رغم الضغط الفرنسي المتصاعد. ولم يستبعد المصدر اقدام الفرنسيين على تنازل جديد يقضي بالتسليم بشروط عون وباسيل، وقال في تصريح للقبس: «ستة اشهر مرت على انطلاقة مبادرة ماكرون باتجاه لبنان، وخلال هذه الفترة رأينا كيف»تتحور«وتتطور تبعا لمواقف القوى اللبنانية. اولاً، تنازل الفرنسيون لحزب الله من خلال القبول بمنحه وزارة المالية، وقد يضطرون هذه المرة للموافقة على اعطاء الثلث المعطل لعون». وذكر المصدر بتصريح ماكرون نفسه بأنه مستمر بالدفع نحو تشكيل حكومة و«لو كانت غير مكتملة المواصفات».

ارتفاع أسعار الخبز والمحروقات
على المستوى المعيشي، بدأت بوادر رفع الدعم عن السلع الأساسية تظهر عبر ارتفاع تدريجي لأسعار الخبز والمحروقات، ومن دون أي خطة اقتصادية تعيد للعملة الوطنية قيمتها الحقيقية وقدرتها الشرائية.
فقد أقرت وزارة الاقتصاد اللبنانية رفع سعر ربطة الخبز، في وقت يعيش اللبنانيون وسط أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها إجراءات الإغلاق العام. وللمرة الثانية في غضون شهر أرتفع سعر ربطة الخبز نحو 50 % لتصبح بـ2500 ليرة، والحجة ارتفاع سعر القمح عالمياً.
نقابة عمال المخابز في بيروت وجبل لبنان، رفضت تبرير وزارة الاقتصاد لرفع الأسعار استناداً الى دراسة علمية لكلفة ربطة الخبز، مؤكدة أن الدراسة «غير واقعية». وطالبت النقابة بـ«تصحيح الخلل، والتراجع فوراً عن القرار المتسرّع برفع سعر ربطة الخبز».
وفي الاطار، حذرت مجموعة الأزمات الدولية من مخاطر تبعات رفع الدعم، وقالت في تقرير لها «إذا استمر الانحدار الاقتصادي بالهبوط، أو أدت تدابير تقشف جديدة ‏مثل خفض الدعم عن السلع إلى زيادة الضغوط الاجتماعية، فقد يتزعزع الاستقرار في البلاد ‏بشكل خطير».‏
واعتبرت المجموعة أن أعمال الشغب الأخيرة التي وقعت في مدينة طرابلس شمال ‏لبنان، هي مؤشر جديد على بوادر انهيار الدولة.‏وقالت «ربما قدم المتظاهرون ومثيرو الشغب في المدينة ‏‏»صورة لما ينتظر لبنان في الأشهر المقبلة”.‏
بالتوازي، عادت البطاقة التمويلية لتتصدّر أولويات النقاشات في السرايا الحكومية. وتبحث حكومة تصريف الاعمال عن تصوّر لكيفية رفع الدعم تدريجياً عن السلع الأساسية (الدواء، الخبز، المحروقات، والغذاء) في سبل استبدال هذا الدعم بدعم مالي شهري يغطي نحو 600 ألف أسرة. وقد توصلت الحكومة إلى وضع مسوّدة أوليّة حول بطاقات الدعم لنحو 600 ألف أسرة بمعدل مليون و300 ألف ليرة لبنانية لكل عائلة شهرياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى