تقارير

«أسترازينيكا» فعّال ضد الطفرة البريطانية لـ«كوفيد19»

التحوّرات معهودة في الفيروسات وبعضها يفقدها القدرة على التكاثر

محرر الشؤون الدولية

قلق يقابلة أمل، هكذا يبدو العالم في التعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد وطفراته المتحورة، ففي وقت يسود الخوف من سرعة انتشار الطفرات المتحورة للفيروس وارتفاع عدد الاصابات في المناطق التي تتفشى فيها، الا ان مؤشرات أخرى ايجابية ترد تباعاً، فالطفرات ليست بشيء جديد في عالم الفيروسات، والدليل هو الطفرات التي تحصل في فيروس الانفلونزا العادية، كما ان معدل الوفيات بمرض كوفيد19 بدأ في الانخفاض عالمياً، ونسبة متلقي اللقاح فاقت عدد المصابين، رغم قلق منظمة الصحة من مسألة التوزيع العادل للقاحات.

إذاً الطفرات أمر معهود في ما يتعلّق بالفيروسات عموماً، وهي تعني تحوّراً في تركيباتها الجينيّة، والتحوّر قد يؤدّي إلى ازدياد في حدّة العدوى أو في احتمالات الإصابة وما زال الباحثون حول العالم يحاولون التعرّف أكثر على السلالة الجديدة لفيروسات كورونا ويسجّلون في كل يوم «اكتشافاً» جديداً. وقد يظنّ الناس أنّ في الأمر «كارثة»، لكن الطفرات ليست سيّئة بحدّ ذاتها، بحسب الأستاذ الجامعي فرنسوا بالوكس أحد القائمين على دراسة أعدّتها كليّة لندن الجامعيّة في مايو الماضي، ورُصدت فيها 198 طفرة من فيروس كورونا الجديد في بريطانيا، كما أنّ لا شيء يوحي بأنّ الطفرات تتحوّر بشكل أسرع أو أبطأ من المتوقّع، بالتالي من غير الممكن القول إذا كان الفيروس يصبح أكثر أم أقلّ فتكاً وعدوى. ووفقاً لدراسة أُعدّت في جامعة غلاسكو في اسكتلندا في الفترة نفسها فإنّ التحوّرات التي رصدت حينها لا تصل إلى حدّ اعتبارها سلالات مختلفة من الفيروس، إذ إن ما ينتشر حالياً هو نوع واحد فقط من «كوفيد 19».

فالفيروس يتكوّن فقط من حمض نووي وبعض البروتينات حوله، ولا يتمتّع باستقلالية ذاتية بالتكاثر، بل عليه أن يتطفّل دائماً على خليّة ما ويستخدمها كي يتكاثر، والحامض النووي للفيروسات، مكوّن من حمض نووي ريبوزي ما يعني أنّه كلما تكاثرت الفيروسات استنسخت نفسها، وفي كلّ نسخة تُسجّل أخطاء تُدعى طفرة، وهي تحدث كثيراً، بالمئات والألوف ومعظمها ليس له اي قيمة بالنسبة إلى شكل الفيروس ونوعه وأذيّته وأعراضه، فثمّة طفرات قد تؤدّي إلى موت الفيروس، فيفقد قدرته على التكاثر، إلا ان ثمّة طفرات خطرة تغيّر البروتينات كليّاً، وخطورتها تكمن في تحدي جهاز المناعة وعدم نجاعة المضادات الحيوية التي سبق ان انتجتها اجسامنا معها، وهو ما يجعلها خطراً على التطوّر الوبائي.

منذ مارس 2020

وفي هذا السياق، أكد المدير التنفيذي لـشركة «بيونتك» الألمانية أوغور شاهين أنه تم اكتشاف سلالة كورونا المتحورة في بريطانيا داخل عينات تعود إلى مارس وأبريل الماضيين أي قبل 8 أشهر من اكتشاف أول إصابة بها، وفقًا لوكالة «بلومبيرغ». وشددت الدراسة على أن %14 فقط من تلك العينات تحتوي على نفس البروتين المكون لسلالة الفيروس التي ظهرت لأول مرة في ووهان. وأكدت الدراسة أهمية مراقبة تسلسل الفيروس للكشف المبكر عن تلك المتغيرات.

فعالية اللقاحات

وبات السؤال الذي يتردد: متى ستفقد اللقاحات فعاليتها أمام الطفرات الطارئة على الفيروس؟ وفي السياق يرى الطبيب الأميركي والباحث السابق في معهد الصحة القومي أيزن ماروغ أن يكون البشر بحاجة إلى لقاح جديد قادر على التعامل مع الطفرات خلال عامين على أقصى تقدير، لأن الطفرات الوراثية تتراكم بطريقة تجعل اللقاح الذي تلقيناه غير فعال، أو فعال بدرجة أقل. لافتاً في المقابل إلى ان «الطفرات الحالية محدودة جدا ويحصل أن يتغير فيها حامض أميني إلى حامض آخر»، لكن إذا باتت الطفرات تتراكم بطريقة تخلق تبدلا جذريا في الشفرة الوراثية التي نستخدمها لإنتاج اللقاح فستكون الحاجة إلى لقاح جديد أكبر، لكن المجال طويل حتى نصل إلى هذا الحد.

ومن بين اللقاحات الكثيرة التي يتم تطويرها حاليا، أشاد ماروغي باللقاح الذي طورته شركة «جونسون آند جونسون»، كونه تم تطويره ليعطي مناعة مستمدة من خلايا الدم البيضاء، وليس الأجسام المضادة، لذا لن تؤثر الطفرات الوراثية على فعاليته.

ومن المتوقع أن تمنح السلطات الصحية الأميركية ترخيصها في وقت قريب للقاح جونسون آند جونسون، بعد أن تقدمت الشركة الخميس بطلب للحصول على ترخيص طارئ. ومن المفترض أن يكون هذا اللقاح هو الثالث المصرح به في الولايات المتحدة، بعد لقاحي «فايزر» و«موديرنا»، فيما لو حصل على الضوء الأخضر من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

وأكدت كل من جونسون آند جونسون وفايزر وموديرنا، مؤخرا، أن اللقاحات التي طورتها لا تزال فعالة، حتى الآن، أمام الفيروس المستجد وطفراته. وكذلك الأمر أكدت دراسة أن لقاح «أسترازينيكا» الذي طورته شركة أكسفورد يتمتع بفعالية ضد الطفرة التي طرأت على الفيروس في بريطانيا مؤخرا. ووفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فقد أكدت أسترازينيكا ما توصلت إليه في دراسة لم يتم تحكيمها رسميا، نُشرت الجمعة.

«بشرى سارة للبشرية»

بدوره، أعلن المعهد الروسي لعلوم الأوبئة والبيولوجيا المجهرية «غاماليا»، الذي أنتج لقاح «سبوتنيك V»، أنه بدأ العمل على تطوير تقنية من شأنها تسريع إنتاج لقاحات ضد وباء كورونا في حالة الطفرات السريعة في جينوم الفيروس. وأكد كبير المتخصصين في المعهد فيودور ليسيتسين، أن أيا من طفرات الفيروس التي تم اكتشافها حتى الآن لم تؤثر في فعالية اللقاحات الحالية.

وفي هذا الاطار اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن اللقاح الروسي «سبوتنيك V» هو «بشرى سارة للبشرية»، معرباً عن أمله في أن «تتمكن الوكالة الأوروبية للأدوية من ترخيصه»، في وقت أعلن نظيره الروسي سيرغي لافروف أنه يجري اتصالات مع واشنطن «لرؤية ما إذا كان ممكناً العمل معاً» في هذا المجال، مضيفاً أن دولاً عدة في الاتحاد الأوروبي أبدت «اهتمامها لإنتاج اللقاح على أراضيها».

وفي الصين، قالت شركة «سينوفاك» إن نتائج المرحلة الأخيرة من لقاحها في البرازيل وتركيا أظهرت أن اللقاح ساعد في تقليل عدد الوفيات وخفف من أعداد المصابين الذين يحتاجون لعناية طبية في المستشفى، لكن معدل فعالية اللقاح كان أقل بكثير في منع العدوى.

انخفاض معدل الوفيات عالمياً.. والسفر سبب ارتفاعه في الموجة الأولى

أظهر تقرير حديث لموقع أكسيوس أن عدد الإصابات والوفيات اليومية جراء كوفيد-19 حول العالم، بدأ في الانخفاض. وحسب الموقع، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رصد هذا الاتجاه التنازلي للوباء في كل المناطق بالعالم، في ذات الوقت. فقد تباطأت الإصابات الجديدة بنحو 16 في المئة، خلال الأسبوع الماضي، واستمرت في التحسن بشكل سريع. يشار إلى أن عدد ضحايا وباء كورونا ظل يتصاعد بشكل مخيف حتى أواخر يناير.

وخلصت دراسة جديدة إلى أن السفر الدولي كان العامل الأكثر تأثيرا في زيادة معدل الوفيات المرتبطة بالفيروس في الموجة الأولى. ودرس فريق بحثي متخصص من جامعة أبردين بالمملكة المتحدة عددا من العوامل التي ساهمت في وفيات كوفيد-19 خلال الموجة الأولى عبر 37 دولة متضررة. وقارن الفريق البحثي العوامل المختلفة المسببة لتلك الوفيات بما في ذلك الوافدون الدوليين، والكثافة السكانية، ومتوسط مؤشر كتلة الجسم، والتدخين، والنسبة المئوية للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية، إضافة إلى العمر. ووجد الباحثون أنه بمجرد إجراء التعديلات لهذه العوامل، وكذلك لتأثير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وأنظمة الرعاية الصحية في تلك الدول، ارتبطت أكبر زيادة في معدلات الوفيات بالوافدين الدوليين.

في المقابل، أكد دومينك دواير، أحد أعضاء الفريق الدولي الذي يحقق في أصل فيروس كورونا، انتهاء زياراتهم الميدانية في ووهان وسط الصين، وأنهم يستعدون لعرض نتائج التحقيق بأوضح صورة ممكنة. وقال دواير، عالم الأحياء الدقيقة وخبير الأمراض المعدية، إن سنوات من البحث قد تكون بانتظارهم مستقبلا. في وقت أظهرت دراسة أن الاحترار العالمي ربما لعب دورًا في انتقال كوفيد-19 إلى البشر من خلال توفير موائل جديدة للخفافيش التي يفترض أنها مصدر الفيروس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى