تقارير

لبنانيون يعودون إلى كاراكاس: لبنان أسوأ من فنزويلا

اغتيال لقمان سليم يزيد المشهد سوداوية.. ومطالبات بحماية دولية

بيروت – أنديرا مطر

لبنان المأزوم سياسياً واقتصادياً وصحياً، بات يخيم عليه الهاجس الأمني بعد الصدمة، التي شكلها اغتيال الباحث والناشط السياسي المعارض لحزب الله لقمان سليم الخميس، من دون أن يصدر عن السلطات المعنية أي تفاصيل متعلّقة بالجريمة، بدءاً من مغادرته منزل أصدقائه في نيحا الجنوبية، وصولاً إلى تركه على مقعد سيارته في العدوّسية مرمياً برصاصات خمس، باستثناء العثور على نظارته، ما أفسح المجال لجملة تحليلات وسيناريوهات حول تنفيذ الجريمة، ترافقت مع كثافة إصدار بيانات الاستنكار والتنديد والمطالبة بالعدالة والحقيقة.

«صفر خوف»

ورفضاً لعودة نهج الاغتيالات بحق المعارضين، تجمّع ناشطون ومجموعات مشاركة في انتفاضة 17 أكتوبر في حديقة الشهيد سمير قصير في بيروت، حاملين شعار «صفر خوف»، الذي أطلقته زوجة الناشط سليم، المخرجة الألمانية مونيكا بورغمان، على منصات التواصل الاجتماعي.

ودعا المشاركون وكل قوى المعارضة إلى «توحيد الصفوف في مواجهة الاستبداد واستباحة الدماء»، كما طالبوا جامعة الدول العربية والأمم المتحدة إلى أن «تؤمّن السبل لحماية اللبنانيين من التداعيات الكارثية لممارسات السلطة».

وعلى خلفية إدانته للجريمة، تعرض رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد لحملة من قبل الجيش الإلكتروني لحزب الله، الذي اتهمه بالخيانة وبالعمالة.

وكان سعد أصدر بياناً رفض فيه «أساليب الاغتيال السياسي والإرهاب والتهديد والتخوين»، مؤكداً أن الحرية والتنوع هما من الشروط الأساسية للديموقراطية، أما الإقصاء وقمع الرأي الآخر، فيقودان إلى الاستبداد والتصحر السياسي. واعتراضاً على البيان، قدّم عدد من المسؤولين في التنظيم استقالاتهم.

السيناريو الفنزويلي

وعلى وقع كل هذا الانسداد، المترافق مع تأزم اقتصادي فاقمته إجراءات الإغلاق بسبب «كورونا»، رأت صحيفة فايننشال تايمز أن السيناريو اللبناني أشد قسوة من السيناريو الفنزويلي، الذي حذّر عدد من خبراء الاقتصاد من وقوع لبنان فيه.

وفي تقرير لها، نقلت الصحيفة البريطانية عن مواطنين لبنانيين يحملون الجنسية الفنزويلية رغبتهم في الهروب من الجحيم اللبناني والعودة الى كاراكاس، فكلا البلدين تعرض اقتصادهما لانتكاسات خطيرة أدت الى وقوع أكثر من نصف سكان لبنان في دائرة الفقر، في مقابل أكثر من %70 في فنزويلا.

ولفتت الصحيفة إلى أن كثيراً من اللبنانيين الفنزويليين، البالغ عددهم 12 ألفاً، غادروا بالفعل أو يرغبون في المغادرة، وهم مقتنعون أنهم قادرون على تأمين فرص أفضل للعيش في فنزويلا رغم إدراكهم أن هذه الدولة لديها أعلى معدلات جرائم القتل في العالم. وتقول إحدى السيدات: «عليكَ اليوم أن تقرر بين الأمن والاقتصاد».

تكامل فرنسي – أميركي

سياسياً، لا يزال المشهد على حاله عالقاً في سجالات بين مختلف مكوّنات السلطة جراء التأخير المستمرّ في تشكيل الحكومة، وآخرها دعوة التيار الوطني الحر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى التزام نص الدستور في احترام موقع رئيس الجمهورية ودوره والتوقف عن محاولة قضم الصلاحيات وضرب الشراكة.

ووسط استمرار السجال، رأت مصادر متابعة أن مؤشرات إيجابية لناحية تأليف الحكومة ظهرت للمرة الأولى منذ ستة أشهر، لافتة إلى أن القوى السياسية بدأت وبشكل جدي بتقديم تنازلات تزامناً مع تحرك فرنسي لحلحلة بعض «العوائق الإقليمية».

ووفق المعلومات، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيحمل الملف اللبناني معه إلى الرياض في زيارته المتوقعة منتصف فبراير، ساعياً الى إعادة التوازن إلى الساحة اللبنانية ووقف الانهيار.

واعتبرت المصادر أن وزيري خارجية فرنسا والولايات المتحدة أظهرا تكاملاً بين البلدين حول الملف اللبناني، وتذهب الى التأكيد أن الإدارة الأميركية الجديدة تتبنى الطروحات الفرنسية.

وفيما يستمر الحريري في لقاءاته غير المعلنة خارج البلاد، لفت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر إلى «أن من الواضح أن هناك حركة دولية على خط التأليف، ولكن في لبنان (دايرين دينة الطرشة)».

في شأن منفصل، عاد التيار الوطني الحر ومن باب المناورة السياسية، ولدغدغة مشاعر بعض المسيحيين المنتقدين لتحالفه مع حزب الله، إلى نغمة تعديل «تفاهم مار مخايل» مع الحزب بعد مرور 15 عاماً على توقيعه. فرغم أن هذا الاتفاق تعرض لاهتزازات عرضية لم تستطع إيقاعه، يناوش التيار الحزب بمناسبات عديدة ويتقبل الأخير الأمر من دون مجاراته في الانتقاد. وأمس، اعتبر التيار أن هذا التفاهم «جنّب لبنان شرور الفتنة والانقسام وحماه من اعتداءات الخارج، إلا أنه لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون»، معتبراً أن تطوير هذا التفاهم هو شرط لبقاء جدواه، إذ تنتفي الحاجة إليه إذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة».

هذا الكلام لم يستفز حزب الله، الذي نقلت مصادر مقربة منه أنه يندرج في سياق المواقف السابقة للتيار، والتي عبر عنها النائب جبران باسيل مراراً، في حين يرى مراقبون أن التيار يحاول ابتزاز حزب الله ودفعه إلى تبني موقف أكثر تشدداً في مسألة تعاطيه مع تشكيل الحكومة والوقوف مع التيار في مطالبه من الحريري.

فتح تدريجي على 4 مراحل

صحياً، ومع استمرار التفشي الوبائي وارتفاع قياسي لعدد الوفيات، يدخل لبنان مرحلة جديدة من الاقفال، بدءاً من الاثنين المقبل، على 4 مراحل على الرغم من عدم حماس القطاع الطبي لهذا القرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى