قضية الدواعش الفرنسيين إلى الواجهة.. وباريس تتعامل معها «بالتجزئة»
«ليبراسيون»: سيدة تُضرب عن الطعام حتى عودة ابنتها من سوريا

أنديرا مطر-
عادت قضية عودة «الدواعش الفرنسيين» إلى بلادهم لشتغل الرأي العام الفرنسي، بعد أن أعلنت والدة إحدى الفرنسيات اللواتي ذهبن إلى سوريا والتحقن بالتنظيم الإرهابي، إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى عودة ابنتها إلى فرنسا.
باسكال ديكامب تسعى إلى الضغط على حكومة بلادها من أجل التنسيق مع القوات الكردية المتواجدة شمال شرق سوريا والتي تسيطر على مخيم روج حيث تحتجز عوائل «داعش».
كما تواصل لجان الأمم المتحدة وقضاة مكلفون بقضايا مكافحة الإرهاب مطالبتها السلطات الفرنسية لإعادة عناصر داعش الفرنسيين إلى بلادهم، غير أن مطالباتهم تواجه بمعارضة الرأي العام الفرنسي الرافض لهذه العودة.
قبل أيام بدأت باسكال ديكامب إضراباً عن الطعام حتى عودة ابنتها المحتجزة في سوريا، وقالت لصحيفة ليبراسيون «استنفدت كل الوسائل ولم يبق أمامي سوى هذه الخطوة».
وكشفت السيدة الفرنسية بأنها تواصلت مع وزارة الخارجية ووزارة العدل وقصر الإليزيه، وأطلعتهم على رسائل مقلقة من ابنتها، تناشدها فيها العمل على إعادتها، غير أنها تحصل سوى على وعود بإعداد طلب العودة.
وكانت الإبنة غادرت إلى سوريا في 2015 مع صديقها وأطفالهما الثلاثة للانضمام إلى التنظيم الارهابي.
وبعد مقتل صديقها تزوجت من أحد عناصر التنظيم ورزقت بطفل رابع، وبقيت حتى مطلع 2019 في قرية الباغوز، آخر جيوب داعش في ريف دير الزور، إلى أن اقتحمتها قوات سوريا الديمقراطية وطردت الإرهابيين منها.
ومنذ ذلك الوقت، تعيش الفرنسية الداعشية مع أطفالها الأربعة في مخيم روج شمال شرق البلاد، إلى جانب عشرات الفرنسيات اللواتي تم اعتقالهن بعد سقوط التنظيم المتطرف.
وفي نوفمبر الماضي، تم تشخيص إصابتها بسرطان القولون في مستشفى في القامشلي، وتقول الوالدة أن حالتها تستدعي جراحة فورية لكن اجراء مثل هذه العملية في مستشفى القامشلي قد يكلفها حياتها بحسب رأي طبيبها الذي نصحها بأن تطلب إعادتها إلى الوطن.
كل ملف على حدة
تتعامل فرنسا مع هذه القضية بالتجزئة أي «كل حالة على حدة»، ومن بين نحو 80 امرأة وأكثر من 200 طفل، فقط 35 طفلاً تمت إعادتهم إلى فرنسا، إما لأنهم يتامى أو لأن الأم وافقت على عودتهم من دونها.
وتطالب المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة وكذلك الأجهزة الأمنية والقضاة المسؤولون عن مكافحة الإرهاب بعودة الجميع، رجالاً ونساء وليس الأطفال فحسب.
في ربيع العام 2019 كان هذا الخيار متقدماً، وبحسب قائمة حصلت عليها صحيفة «ليبراسيون» من المديرية العامة للأمن تم حجز مقاعد في الطائرات لإعادة كل الفرنسيين الملتحقين بداعش إلى بلدهم، لكن الضغوط الشعبية المعارضة بحسب استطلاعات الرأي، دفعت الرئيس إيمانويل ماكرون إلى التراجع.
الوصول إلى الرعاية الصحية
منذ طرد داعش من آخر معاقله، تمكنت 14 فرنسية على الأقل من الهرب من المخيمات السورية، من بينهن حياة بومدين، شريكة أميدي كوليبالي، منفذ الإعتداء الإرهابي على المتجر اليهودي في باريس في 13 نوفمبر 2015، والمحكومة بالسجن ثلاثين عاماً، عدد منهن انتقلن إلى تركيا بانتظار ترحيلهن إلى فرنسا.
وكانت لجنة مناهضة التعذيب التابعة لمفوضية حقوق الانسان طلبت من فرنسا «اتخاذ الإجراءات القنصلية اللازمة لضمان سلامة الإبنة، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية لها».
وفي نوفمبر الفائت، رفضت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل حجج فرنسا بعدم «اختصاصها» بموضوع الأطفال الفرنسيين المحتجزين في المخيمات السورية.
ولفتت اللجنة الى أن «ظروف احتجازهم تشكل خطراً مستداماً على حياتهم وسلامتهم الجسدية والعقلية ونموهم»، وستقرر اللجنة في الأشهر المقبلة ما إذا كانت فرنسا ملزمة قانونياً بإعادتهم.