حزب الله يشجب الاغتيالات.. وجيشه الإلكتروني يمجدُّها

بيروت- أنديرا مطر
«الجيش الإلكتروني» لحزب الله صار شديد الفاعلية في السنوات الأخيرة. فاعليته الإعلامية والحربية توازي فاعلية خطب الأمين العام للحزب حسن نصرالله أو أقل. هذا ما تظهره الحوادث اليومية في لبنان، وما من حادثة يومية ليس لحزب الله حضور ما فيها.
من يتابع مواقع التواصل في لبنان، يلاحظ أن جيش حزب الله الإلكتروني أصبح في الفضاء الافتراضي أكثر حدّة وشراسة كلامية من مسؤولي الحزب ومقاتليه على جبهات كثيرة. فقط فائض قوة وجبروت ينفلتان في العلانية العامة الكلامية في الاتجاهات كلها، خصوصا ضد الضحايا الذين يُتهم حزب الله باغتيالهم.
فما أن اغتيل الكاتب والناشط لقمان سليم، مثلاً، وشاعت اتهامات حزب الله باغتياله، حتى انفلت جيش الحزب الإلكتروني المدرب، معلناً سروره وابتهاجه بتصفيته، باعتباره «عميلاً أميركيا صهيونياً قامت مخابرات هاتين الدولتين بتصفيته»، لا لشيء إلا لأن «القتيل لا يملك صفة تؤهلّه للقتل بجمال أيدينا»، كتب أحد المغردين.
على هذا المنوال تقرأ مئات التغريدات المشابهة بلا ضوابط ولا روادع، لا أخلاقية ولا إنسانية. فهذا الجيش ينطلق في متاهة هذيانه، ولا يوفر من فائض القوة لديه لا حليفاً ولا خصماً. وهو يفعل هذا كله، فيما قيادة حزب الله تنعى وتعزي وتشجب الفعل الشنيع.
تضاد وتكامل
وقد يعتقد أي عاقل ان حزب الله يشعر بالغضب أو بالإحراج أقلّه، كلما توجهت إليه اصابع الإتهام عند حدوث أي جريمة اغتيال في لبنان. فمنذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 2005 وما أعقبه من اغتيالات يشير اللبنانيون تصريحاً أو تلميحاً إلى مسؤولية حزب الله عنها. وهو في مطلق الأحوال اتهام سياسي لا يستند الى قرائن واثباتات، وفي السياق يقول كاتب سياسي بعد دقائق على تصفية لقمان سليم: «الحقيقة نعرفها.. العدالة لن تتحقق».
ويصرّ حزب الله على نفي علاقته بهذه الجرائم محملاً المسؤولية إلى طرف يريد تخريب الاستقرار في البلاد، وهو غالباً العدو الصهيوني. أما جريمة العصر، أي انفجار مرفأ بيروت، فانكفأ حزب الله، ومعه حلفاؤه وجمهوره، عن اتهام هذا العدو بها.
في الآونة الاخيرة، بدا ان ثمة مسافة متفلتة بين تصريحات القيادة الحزبية وتعابير جمهورها وجيشها الالكتروني، غير أن هذا التعارض العلني بينهما أحياناً ليس إلا انعكاساً لشدة تكاملهما.
على الضفة الشعبية والإلكترونية لا مكان ولا لزوم للأسف ولا للاستنكار، بل ترحيب وشماتة بنهايات المغدورين المتوقعة نتيجة خياراتهم. وخياراتهم غالباً هي خروجهم عن طاعة حزب الله وعدم سكوتهم عن توجهاته.
وحين استنكر حليف حزب الله النائب أسامة سعد اغتيال لقمان سليم، شنّ جمهور الحزب نفسه هجوماً عنيفاً على أسامة سعد، علما أن حزب الله في بيانه الرسمي جاء استنكاره لعملية اغتيال سليم أقوى من استنكار سعد نفسه.
والقول الجاهز دائماً لكل من يوجه أي نقد للحزب: «لولا حزب الله أين كنتم؟». أي أنتم أصفار لولا حزب الله. وسبق للنائب السابق نواف الموسوي أن قال في مجلس النواب في لحظة احتدام سجالي مع زميله نديم الجميل: «بندقية المقاومة هي التي أتت بميشال عون رئيساً».
وقبل أيام، شن جمهور حزب الله حملة تخوين وعمالة ضد الكاتب السياسي المقرب من الحزب، قاسم قصير، على خلفية دعوته الحزب «ليعود لبنانياً»، لكن هذه الدعوة قوبلت بسيل من الإهانات والتجريح على مواقع التواصل ما اضطر قصير إلى تقديم اعتذار.