تقارير

بريطانيا: تأخير الجرعة الثانية من لقاح كورونا.. قلَّل العدوى وأنقذ أرواحاً

محرر الشؤون الدولية

فيما يمعن فيروس كورونا في التحور خالقاً طفرات جديدة أكثر عدوى تؤدي إلى زيادة الاصابات بمرض «كوفيد 19» حول العالم، يرى الخبراء ان تتبع جينوم الفيروس هو السبيل الأقوى لخلق مضادات حيوية له، وهو ما تقوم به بريطانيا حالياً التي تحارب طفرتين، الاولى محلية والثانية طفرة جنوب أفريقيا، تبين أن اللقاحات، لا سيما أسترازينيكا، أقل فعالية معها. ورغم ذلك تستمر المملكة المتحدة بالدفاع عن سياساتها في التلقيح وتأخير الجرعة الثانية.

شركة صناعة الأدوية البريطانية، أسترازينيكا قالت إنه يبدو أن لقاحها الذي طورته جامعة أكسفورد لا يوفر سوى حماية محدودة ضد المرض الخفيف الناجم عن تحور فيروس كورونا في جنوب أفريقيا. والدراسة التي أجرتها جامعة ويتووترسراند في جنوب أفريقيا، وجامعة أكسفورد، أظهرت أن تأثير اللقاح كان ضعيفاً بشكل كبير ضد النوع الجنوب أفريقي. وقال متحدث باسم أسترازينيكا، رداً على تقرير فايننشيال تايمز: «في هذه التجربة الثانية الصغيرة من المرحلة الأولى أظهرت البيانات المبكرة فاعلية محدودة ضد الأعراض الخفيفة الناجمة عن المتغير الأفريقي، لكن لم نتمكن من التأكد بشكل صحيح من تأثيره ضد الأعراض الشديدة ودخول المستشفيات، نظراً لأن الأشخاص الذين خضعوا للتجربة كانوا في الغالب من البالغين الأصحاء».

في المقابل، كشف أحد كبار مستشاري اللقاحات في الحكومة البريطانية أن أول البيانات الفعلية من توزيع اللقاح تُظهر «أدلة مبشرة» على فاعلية النهج الذي اتبعته المملكة في تأخير الجرعة الثانية، وهي استراتيجية نالت كثيراً من النقد داخلياً وخارجياً.

صحيفة التايمز نقلت عن البروفيسور أنتوني هارندن، نائب رئيس اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين، تأكيده على أن الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من يتمتعون بـ«مستويات عالية من الحماية»، وأن خطة الحكومة في تأخير الجرعة الثانية وتقديم الجرعة الأولى لأكبر عدد من المواطنين ساهم بشكل كبير في تقليل العدوى وإنقاذ الأرواح.

ويُتوقع أن تنشر هيئة الصحة العامة في إنكلترا هذه البيانات في غضون أيام، والتي من شأنها مساعدة رئيس الوزراء بوريس جونسون ومستشاريه في وضع اللمسات الأخيرة على خطط تخفيف الإغلاق، ومواجهة الانتقادات التي نالت من خطتها داخلياً وخارجياً، حيث تظهر البيانات أن معدلات الإصابة بين من تتجاوز أعمارهم الثمانين عاماً تراجعت بشكل كبير الشهر الماضي، في الوقت الذي تجاوز عدد الأشخاص الذين تلقوا التطعيم ضد «كورونا» في المملكة 11 مليون شخص.

وكان بعض الخبراء الطبيين قد انتقدوا نهج المملكة المتحدة، الذي يعتمد على تأخير الجرعة الثانية لمدة 12 أسبوعاً لتسريع توزيعه.

الجينوم سلاح سري

وفي ما يشبه ثورة طبية عالمية، أطلقت بريطانيا عملية «النسر»، ففي 8 مقاطعات بوسط إنكلترا وصلت أعتاب منازل 80 ألف شخص معدات مسحة طبية ضمن برنامج فحص للطفرات التي دخلت على «كورونا» لتحديد المصابين بالطفرة الأفريقية، وعزلهم، وكذلك لغرض آخر علمي. فبريطانيا، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، «رائدة عالمياً في تحديد تسلسل جينوم الفيروس التاجي». وستصل بعض المسحات التي يتم جمعها إلى أحد أشهر مختبرات الجينات في العالم: معهد «سانجر» الذي استخدم قبل 20 عاماً هذه التقنية للتعرف على تسلسل الجينوم البشري الأول كاملاً. وهذا الأسبوع سيعمل معهد «سانجر» على وضع تسلسل أكثر من 10 آلاف جينوم للفيروس، وتشكل مجموعات الاختبار من هذه المقاطعات الثماني جزءاً مما يعتقد العديد من العلماء أنه تقدمٌ كبير، وأداة تخدم الصحة العامة، تُضاف إلى المضادات الحيوية واللقاحات والصرف الصحي. فوضع التسلسل الجينومي يعتبر واحداً من هذه الثورات؛ فلأول مرة تستخدم بريطانيا علم الوراثة على نطاق واسع لتتبع تطور الفيروس ومكافحته.

نموذج لتكييف اللقاحات

وفي الولايات المتحدة تم اكتشاف تحور جديد بالصدفة أثناء أبحاث على السلالة البريطانية في كاليفورنيا، وقال الأطباء إن هذه الطفرة الجديدة قد تكون أشد عدوى لكنها أقل خطراً. وبحسب الأطباء، فإن طفرة كاليفورنيا مختلفة عن أيٍّ من الطفرات الأخرى التي تمّت ملاحظتُها مثل البريطانية والأفريقية والبرازيلية.

في المقابل، طور فريق بحثي من كلية الهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا، نموذجا جديدا يمكنه مواجهة المتغيرات الناشئة للفيروس. ويمكن لهذا النموذج من الذكاء الاصطناعي أن يحلل فعالية اللقاحات، مما سيساعد في تطوير اللقاحات مستقبلا. وذكرت دراسة جديدة أن النموذج الجديد يستطيع التكيف بسهولة لتحليل الطفرات المحتملة للفيروس، مما يضمن التعرف على أفضل اللقاحات الممكنة بسرعة. ويعتقد الباحثون في الدراسة أن هذا الأمر سيعطي ميزة للعلماء لمحاربة أنواع العدوى المتطورة.

كما ذكرت الدراسة أن نموذج التعلم الآلي هذا يمكن أن يصمم لقاحات في عملية كانت تستغرق شهورا أو سنوات، في غضون ثوان ودقائق.

وأضاف: «كما سيمكننا تكييف هذه التكنولوجيا لمساعدتنا على البقاء في طليعة فيروس كورونا لأنه يتحور في جميع أنحاء العالم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى